معجمية مضادة

08 ديسمبر 2017
(غرافيتي عند مدخل "دار الخطاط"، أصيلة/ المغرب)
+ الخط -

رغم تطوّر خطاب ما بعد الكولنيالية منذ سبعينيات القرن الماضي على يد منظّرين بارزين مثل إدوارد سعيد وهومي بابا وغايارتي سبيفاك، إلا أن انشغال غالبيتهم بالبحث والتدريس في جامعات غربية حال ربما دون تأسيس صناعة معجمية مضادة لمخزون من المصطلحات ورثناه عن الاستعمار.

استعارت المعاجم المزودجة التي بدأت بالصدور منذ ستينيات القرن الماضي، مفردات لا حصر لها كما وردت في القواميس الغربية، ولم يجر تحريرها عبر تفكيك الذهنية النظرية المعرفية في الغرب الاستعماري عن الشرق المستعمَر، وأثرها في تكويننا الثقافي في حقول متعدّدة.

ثمة مصطلحات استطاعت أن تكرّس رؤيتنا لموقعنا الجغرافي والحضاري عبر تسليمنا بأصلها في اللغات الغربية، كما في Levant التي نترجمها المشرق (في الإشارة إلى بلاد الشام والعراق عادة)، وهو مصطلح استخدمه اليونان ثم الرومان لتنميط منظومة جغرافية إثنية ثقافية معادية في شرق المتوسط، وكذلك مصطلح "الشرق الأوسط" الذي يشير إلى الشرق القريب من المركز الذي يعني أوروبا طبعاً.

ينسحب الحال على مصطلحات الفنون والخط والعمارة والزخرفة الإسلامية، التي أنتجت في إطار نظرة استعمارية لتصنيف نتاج ثقافي لمئات الملايين، التي تسكن من أقصى الشرق الآسيوي إلى أقصى الغرب الأفريقي عبر 1400 عام، وهو قياس لم يطبّق على فنون أخرى ارتبطت بالأديان.

البدء بصناعة معجمية مضادة يلزمه إنتاج معرفي حقيقي وثقة به من قبل أصحابه.

المساهمون