آثار سقارة: وقائع ترميم مؤجلة

27 نوفمبر 2019
(تمثال قط مكتشف في مقبرة سقارة حديثاً، خالد دسوقي)
+ الخط -

تقدّم الاكتشافات المتلاحقة خلال العقد الأخير في منطقة سقارة الأثرية بالقرب من مدينة الجيزة في مصر، صورة أوضح عن طبيعة الحياة التي عاشها قدامى المصريين لم تكن معروفة من قبل، حيث أُعلن منذ أيام قليلة عن اكتشاف عتبات "معبد باستت" المكرّس لعبادة القطط في المقبرة الكبيرة.

توالت نتائج أخرى لبعثات التنقيب لتكشف تفاصيل لم تكن معروفة عن تشكيل الجيش المصري في فترات متعدّدة، واستخدام العبيد كجنود، أو العملات المتداولة والمصنّعة من مواد مختلفة، وكيفية استخراج المعادن والحجارة الكريمة وتصنيعها، كما احتوت جداريات المقابر على تفاصيل حول الكثير من الطقوس والعبادات وما يقوم به الناس في حياتهم اليومية.

في الاكتشاف الجديد، عُثر على مجموعة من خمسة وسبعين تمثالاً خشبياً وبرونزياً وخمس مومياوات لأشبال أسود مزينة بكتابات هيروغليفية، ومومياوات لقطط وأفاعي كوبرا وتماسيح، وتعود أقدمها إلى الأسرة السادسة والعشرين في القرن السابع قبل الميلاد.

يأتي الإعلان في وقت تواصل وسائل إعلام محلية وعالمية نشر تقارير عن الإهمال الذي تتعرّض إليه المنطقة، سواء في ما يتعلّق بانتشار القمامة في الموقع وتلوّثه بمياه الصرف الصحي، وتوقّف أعمال الترميم من حين إلى آخر.

وكالعادة كانت وزارة الآثار تسارع إلى نفي تلك "الشائعات"، وكان آخرها في آب/ أغسطس الماضي بتوقيعها بروتوكولاً مع وزارة الإسكان لتقديم وتشغيل الخدمات للسائحين الذين انخفضت أعدادهم إلى الربع بعد عام 2011، ولكنها لم تفنّد الانتقادات التي تواجهها.

كما أصدرت الوزارة على مدار السنوات الأخيرة، عدّة بيانات مثلما فعلت في كانون الأول/ ديسمبر عام 2018، تؤكد عدم تعرّض مقبرة "واح تي" في سقارة التي لم يمض على اكتشافها أسابيع، إلى السرقة، بسبب عدم توفّر الحماية اللازمة لسلامة آثارها.

وقد تكرّرت حوادث السرقة أو محاولات النهب الفاشلة من الموقع الذي تعود بداية الحفريات فيه إلى ثمانينيات القرن الماضي، من دون أن تستكمل إجرءات التحقيق في معظمها وتحال إلى الحفظ، خاصة مع الإعلان عن تورّط مسؤولين سابقين في بعضها، ومن ذلك سرقة خمسمئة قطعة من مخازن آثار سقارة.

ولا يزال مشروع حماية آثار سقارة وتطويرها يراوح مكانه مع تأجيل موعد افتتاح هرم زوسر أمام الزوّار أكثر من مرة، والذي بدأت أعمال ترميمه عام 2006، إذ كان من المفترض أن يحدّد خلال تشرين الأول/ أكتوبر من العام الجاري، لكن عادت وزارة الآثار إلى التمهّل عدّة أسابيع مقبلة.

يبدو أن آثار سقارة ستغيّر الكثير من الأفكار المغلوطة حول الحضارة المصرية القديمة، فالمكتشفات الأخيرة تحتوي تماثيل لحيوانات مختلفة تمّت تربيتها لأغراض متعدّدة منها النمس، وتماسيح صغيرة الحجم بينها بقايا تماسيح محنطة، بالإضافة إلى العثور على جعران كبير الحجم مصنوع من الحجر، وجعارين أخرى صغيرة مصنوعة من الخشب والحجر الرملي عليها مناظر آلهة، وتمثال من الخشب المميز الشكل لطائر أبو منجل.

وخضع "متحف الحيوانات" الفرعوني إلى تصنيف قائم على درجة القداسة لكلّ حيوان فيه، والذي يضمّ 73 تمثالاً من البرونز للإله أوزير، وستة تماثيل خشبية للإله بتاح سوكر، و11 تمثالاً للآلهة سخمت مصنوعة من الفيانس والخشب وكذلك تمثال من الخشب للآلهة نيت.

هل تلتزم الحكومة المصرية بتعهداتها بإنهاء ترميم آثار سقارة وبناء مرافق صحية وخدمية لاستقبال السياح في سقارة. وهل ستؤمن لها الحماية من النهب؟ سؤالان أساسيان يطرحان مع الإعلان عن كلّ كشف أثري جديد.

دلالات
المساهمون