ومن المعروف في السياحة الآثارية والتراثية أن هناك عدة قواعد لتطوير مستدام في الأماكن التاريخية، غير أن هناك مشكلات عند تطبيق هذه القواعد وتحديات مستقبلية خاصة في البلاد التي تفتقر إلى البنى التحتية والإمكانيات والبرامج والمشاريع والرؤية الاستراتيجية في هذا الخصوص ، ومن ذلك مصر.
التحديات الأساسية ترتبط بعدة عوامل وهي المجتمع المحيط بها، من حيث التمدد العمراني وطرق التعامل مع المنطقة الأثرية والعمارة التراثية في القاهرة، ومكوّناتها ومحتوياتها سواء أكان ذلك بالإتلاف أو التخريب أو أي ممارسة سلبية أخرى، وعلاقة هذا التراث العمراني والمعماري والثقافي بالمحيط الحديث الذي يتكوّن من حوله، لا سيما في مدينة متعددة الأوجه التاريخية مثل القاهرة.
العامل الثاني يتعلق بإدارة هذه المواقع، في غياب الدعم الإداري على مستوى عال والالتزام وعدم التنسيق بين السلطات المختلفة، وقلة الوعي وغياب المهارات المناسبة للقيام بالعمل في هذه الأماكن وفهم حاجاتها، إلى جانب غياب الدعم المالي الكافي لتنفيذ أي مشاريع فيها.
من هنا يحاول المحاضر تقديم فهم أفضل لحيثيات العمل في مجال التراث المصري، في ضوء ظروف وشروط غير مناسبة من بينها نقص موارد الميزانية المخصّصة والميل إلى تأجيل المشاريع التي تهتم بالآثار والتراث؛ خاصة في قطاع المتاحف الذي يعاني من عدم وجود موظفين مؤهلين تأهيلاً عالياً، كما أن هذا القطاع يعرف غياباً للكفاءات المؤهلة في القانون الدولي المتعلق بحماية الآثار والتراث.
علاوة على ذلك، فقد شهدت مصر حالات كثيرة من التعدي على المواقع الأثرية بعد "ثورة يناير"، إلى جانب ممارسات التنقيب غير القانوني، ليس هذا فقط، بل إن بعض المواقع التاريخية الهامة مهددة من مشاكل المياه الجوفية، إضافة إلى غياب توثيق المعالم الأثرية في مصر؛ وضعف البنية التحتية في المواقع الأثرية والمتاحف وانعدام الوعي الأثري عند الناس بشكل عام.