تابع اللبنانيون، صباح اليوم السبت، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حراكاً بيئياً رديفاً للاحتجاجات المطلبية الشعبية، ومناداة الناس بإسقاط السلطة السياسية الحاكمة. وفي أكثر من مدينة وساحة اعتصام تطوع شبان وشابات في جمع المخلفات وما تراكم من نفايات لإبقاء الشوارع نظيفة.
وجه آخر يظهر جدية الجيل الشاب في التعاطي مع قضايا الشأن العام، ويبيّن مدى تحملهم للمسؤولية، التي لخصها قول أحد المشاركين في حملات النظافة، حين سئل عن تلك اللفتة، فقال: "نحن ننظف الشارع الآن ونجمع ما تركه المتظاهرون ليل أمس، وبعد الظهر ننزل من جديد للتظاهر".
وبعد أن شهدت جولات الاحتجاج، أمس، أعمال تكسير وإشعال للإطارات، جاءت مبادرات النظافة كأنها جزء من المهام التي يتضمنها الحراك، وللتأكيد على سلمية الحراك وتكفيراً عمّا اقترفته فئة من المحتجين الغاضبين، على اعتبار أن الفريق الذي راكم خلفه النفايات والزجاج وبقايا الدواليب المشتعلة هو المسؤول عن إزالتها.
مبادرات عفوية من دون تكليف من أحد أو إيعاز، مجموعات طلابية وشبابية رأت أن مدنهم لا بد أن تليق بهم وتليق بسكانها، وإن كان تظاهر الناس المحق سيسبب بعض الفوضى، وهذا أمر لا بد منه في حالة طوارئ يعيشها لبنان اليوم، فهناك من يلملمها.
تلك المبادرات لم يخلقها الحراك الآني، هي لا شك ثقافة تأسست لدى فئة من الشباب البيئي في لبنان، رداً طبيعياً على أزمة النفايات التي لا تنتهي، وأزمات التلوث المتعاقبة التي عجز النظام عن حلها.
بعض مبادرات النظافة توجهت للمتطوعين ومن يود المشاركة "لإظهار الوجه الحضاري للحراك"، بحسب بيان تداوله الناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي أول من أمس الجمعة.
من وسط بيروت إلى ساحة النور في مدينة طرابلس في الشمال وغيرها، التقطت الكاميرات صور الشباب والصبايا وهم ينظفون ساحات الاعتصامات والشوارع المؤدية لها، تمهيداً لجولة جديدة من التظاهر التي يصر اللبنانيون على أنها لن تتوقف إلا بإسقاط الحكومة وزعماء الطوائف التي تتقاسم وزاراتها ومقدرات البلاد.