لا يكاد أي سجن عراقي يخلو من "العنقرجي"، وهو الوصف الذي يطلق على أحد السجناء المقربين من إدارة السجن، التي تمنحه حق التحكم بأمور السجن من الداخل، ويفرض أوامره وتعليماته بالقوة ويستعين لتطبيقها بعدد من السجناء المحيطين به، ويحصل ذلك في ظل غض طرف واضح من السلطات العراقية.
بعض السجناء السابقين، أكدوا أنهم كانوا يرغمون في كثير من الأحيان على دفع إتاوات، وتقديم خدمات، والالتزام بكل ما يأمر به "العنقرجي".
سليم الجابري الذي خرج أخيراً من سجن الرصافة يقول لـ "العربي الجديد": "إن كل قاعة أو عنبر في السجن فيها عنقرجي، وهو غالبا ما يكون شخصاً مقرباً من جهة ذات نفوذ، كأن تكون مليشيا مثلا، أو يكون قادراً على دفع الرشاوى لضباط وعناصر الشرطة الذين يشجعون على مثل هذه الوظيفة داخل السجن كونها تدرّ عليهم المال والمعلومات أيضاً".
ويضيف الجابري: "كنا نجبر على إقراضه والمقربين منه الأموال التي يطلبونها"، مؤكداً أن هذه الأموال لا تعاد إلى أصحابها في أغلب الأحوال.
ويتابع: "ينظم العنقرجي والمحيطون به مسألة نومنا واستيقاظنا ويراقبون اتصالاتنا، ويفرضون الغرامات على المخالفين"، مبينا: "إنهم يأخذون حصة من كل شيء يدخل إلينا سواء كان مأكلاً أو ملبساً أو أي شيء آخر".
ويوضح أن "أي طلب يريد السجناء توجيهه لإدارة السجن يمرّ من خلاله (العنقرجي)، مثل حاجة أحد السجناء إلى طبيب، أو رغبة أي من السجناء الذهاب إلى حانوت السجن، أو تلقيه زيارة من أقاربه في غير مواعيد الزيارات". ويؤكد أن بعض "العنقرجية" يتمكنون من الخروج إلى الأسواق وزيارة ذويهم برفقة عناصر من الشرطة.
أما عمار مؤيد الذي خرج من سجن تكريت (شمال بغداد)، فيؤكد أن "أبرز ما يتصف به العنقرجي هو النفاق"، موضحا لـ "العربي الجديد" أنه "ينقل كل التفاصيل إلى إدارة السجن، التي تعمد في كثير من الأحيان إلى معاقبة السجناء بناء على معلوماته".
ويضيف: "لا يكتفي العنقرجي أحياناً بنقل ما حدث، بل يكيل اتهامات لسجناء لا أساس لها من الصحة، والسبب هو رفضهم إعطاءه مبالغ مالية، وعدم الانصياع لأوامره". ويلفت إلى أن العنقرجي يتخلى عن موقعه داخل السجن وينضم إلى بقية السجناء عند زيارة لجان التفتيش.
أما حيدر موسى الذي يعمل حارساً في أحد سجون بغداد فيقرّ بوجود هذه الظاهرة، مؤكدا لـ "العربي الجديد" أنها منتشرة جداً في السجون، ويصعب السيطرة عليها، بسبب اللوبيات التي ينظمها بعض "العنقرجية" لإرغام السجناء على الاستجابة لأوامرهم.
كما يبيّن أن السلطات العراقية حاولت وضع حدّ لذلك، إلا أن المعالجات غالبا ما تكون آنية، بسبب العلاقات الواسعة لبعض السجناء.
"العنقرجي" هي كلمة ليست عراقية، هناك من يقول إنها فارسية، وينسبها آخرون للتركية. والعنقرجي هو الشخص (السجين) الذي يتحكم بإدارة السجن من الداخل، بسبب علاقاته، وأموال يدفعها لضباط الشرطة. ويعرف عنه تعامله بعنجهية وتعالٍ مع بقية السجناء الذين يجدون أنفسهم ملزمين بحسب أعراف السجون بالاستجابة لأوامره.