تربية المراهقين

14 يوليو 2019
حريص على أن أظل والداً متفهماً (أوته غرابوفسكي/ Getty)
+ الخط -
قبل فترة طالعت إعلاناً في وسائل الإعلام عن دورة متخصصة في "تربية المراهقين"، ولما كنت أحد الآباء الذين يعايشون تجربة طفلين على أعتاب المراهقة، قررت أن أتبين التفاصيل، فاكتشفت أن المدرب لا يمتلك شهادة علمية في التربية، أو علم النفس، وإنما واحد من هؤلاء الذين يطلقون على أنفسهم حالياً لقب "مدرب تنمية بشرية" بغرض التربح.

قناعتي الراسخة أن كل شخص يتخذ قراراته ويبني اختياراته وفقاً للطبيعة الأيديولوجية والثقافية للمجتمع الذي يعيش فيه، ثم مواقف عائلته من مجموعة المبادئ الأساسية، وأبرزها الحقوق والحريات، فضلاً عن التجارب التي يخوضها شخصياً، والأخطاء التي يقع فيها.

يفترض أن الإنسان كائن يتعلم من خلال تجاربه، ويستفيد من أخطائه، وكلما كثرت تجارب الشخص زادت خبرته، وكلما قلت أخطاؤه بات أقرب إلى النجاح.

لا أدعي أنني والد مثالي، فأحياناً يدفعنا خوفنا الغريزي على أطفالنا إلى ارتكاب أخطاء لا ندرك خطرها إلا بعد فوات الأوان، لكني رغم ذلك حريص على أن أظل والداً متفهماً، سواء لطبيعة المرحلة العمرية التي يمران بها، أو للتباين بين تفاصيل مراهقتهما وما كانت عليه مراهقتي، كما أحاول جاهداً عدم تكرار أخطائي تجاههما فور اكتشافها.

أبرز مشكلات التعامل مع المراهقين تتمثل في عدم إيمان الأهل بأهمية النقاش، ومن مظاهر تلك المشكلة ألا يتمكن الأب أو الأم من إدارة حوار جدي مع الابن أو الابنة، أو أن ينتهي الحوار سريعاً بقرار من الأهل دون الانتباه إلى وجهة نظر الأبناء، أو إلى أسباب اعتراضهم على القرار.

يخطئ كثير من الآباء حين يسلبون أبناءهم حق الاختيار ظناً منهم أنهم أكثر وعياً من أطفالهم، أو أن الأبناء غير مؤهلين نظراً لحداثة سنهم، أو قلة خبراتهم، لكن الواقع أن هذا الفعل عادة ما يظهر فشل الأهل في إقناع الأبناء بصحة قراراتهم، أو عدم قدرتهم على مواجهة حجج الأبناء القوية.

لا أنكر أيضاً أنني أتعلم الكثير من تعاطيهما مع مواقف مختلفة، فمثلما نؤثر نحن في قناعات واختيارات ومستقبل أطفالنا، فإن لهم تأثيراً كبيراً على قراراتنا وخياراتنا ومستقبلنا، وتلك العلاقة التكاملية ضرورية، ويجب البناء عليها.




شخصياً، أحاول منح طفليّ القدرة على التعامل مع مستقبل يبدو أسوأ من الواقع السيئ الذي نعيشه حالياً، وأوضاع عالمية ينتظر أن تفتقد إلى كثير من مبادئ العدالة، وتتراجع فيها حريات الأشخاص وقدرتهم على الاختيار بفعل تدخل الحكومات والمؤسسات.

ويتطلب التعاطي مع هذا المستقبل في رأيي الكثير من التمسك بالمبادئ والثقة بالنفس، وليس الكثير من التحصيل العلمي.
المساهمون