عطش في قرى مصر

29 يوليو 2016
تنتهك كرامة الأهالي وإنسانيتهم (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -
تستمر أزمة انقطاع مياه الشرب في عدد من قرى محافظات الدلتا في مصر، ومنها البحيرة والدقهلية والشرقية ودمياط، ومحافظات الصعيد، ومنها سوهاج والمنيا والفيوم والوادي الجديد.
يتسبب الأمر، النادر الحدوث في البلاد، في استياء الأهالي، الذين لجؤوا إلى شراء المياه من المدن المجاورة. وسجل سعر الجركن (غالون 20 ليتراً) الواحد 10 جنيهات (1.1 دولار أميركي) ووصل إلى أكثر من ذلك في قرى أخرى.

يعتبر الكثير من الأهالي، أنّ المياه التي تصل إليهم عبر المواسير في أوقات معينة، غير صالحة للاستخدام البشري، بسبب انبعاث روائح كريهة منها، وارتفاع نسبة الأملاح. يتهمون الحكومة أنّها تقف وراء إصابتهم بالعديد من الأمراض بسبب تلوث المياه، منها الفشل الكلوي، والفيروسات الكبدية المختلفة التي يعاني منها معظم الشعب المصري خصوصاً أهالي القرى، وأيضاً الأمراض الجلدية المختلفة بسبب ارتفاع درجات الحرارة في الوقت الحالي.

على صعيد متصل، تسبب انقطاع المياه في استغلال أصحاب التوك توك وغيرها من العربات التي تنقل مياه الشرب إلى الأهالي والتي رفعت أسعار النقل. كما فضّل بعض الأهالي استخدام الدواب والدراجات العادية والبخارية وعربات الكارو الخاصة بهم في نقل حوائجهم من المياه. وهو ما يعتبرونه أعباء مالية إضافية عليهم، فضلًا عن لجوء البعض إلى الترع من أجل الحصول على المياه، وهي مياه ملوثة بالصرف الصحي.

تسبب التزاحم في الحصول على المياه النقية، سواء بالشراء أو الحصول عليها من عربات "الفنطاس" التي توزع من خلالها بعض المحافظات المياه على القرى العطشى، في حدوث العديد من المشاجرات والاشتباكات بين المواطنين، في أسبقية الحصول على المياه التي عادة ما تكون محدودة ولا تكفي الجميع.

وأدى انقطاع المياه في قرى مصر، إلى عدم قدرة الكثير من الأهالي على الذهاب إلى وظائفهم الحكومية وأعمالهم اليومية. ولجأ كثيرون إلى التيمم في الصلاة بدلاً من الوضوء، خصوصاً أنّ بعض الأماكن تشهد انقطاعاً كلياً للمياه، وليست فقط مياه الشرب.



أزمة العطش في القرى تحاصر أيضاً الأراضي الزراعية بسبب شح المياه في الترع والمصارف، وهو الأمر الذي أصاب آلاف الأفدنة في المحافظات بالبوار. وهناك أسر زراعية فقيرة كثيرة في تلك القرى تكسب رزقها من أراضيها الزراعية.

في هذا الإطار، يقول الموظف أمين حماد من قرية السمارة في محافظة البحيرة إنّ "الحصول على مياه الشرب وتحضير الغذاء أصبح شبه مستحيل. الجميع ينتظرون وصول سيارات المياه لشرائها وملء أوانيهم"، مضيفاً أنّ "ما يحدث لا يرضي أحداً. الكثير من الأطفال والأهالي أصيبوا بالأمراض بسبب قطع المياه، كما أنّ الخسارة الاقتصادية كبيرة فالأسرة الواحدة قد تشتري مياهاً بثلاثين جنيهاً يومياً بسبب الحرارة". يوضح أنّ الكثير من الأسر الفقيرة انتهكت إنسانيتها وكرامتها خصوصاً السيدات، خلال الرحلة اليومية للحصول على الاحتياجات من مياه الشرب.

بدوره، يطالب العامل عثمان محمد المحافظة نفسها بإقالة كلّ المسؤولين عن مياه الشرب، لتقصيرهم الشديد في حلّ هذه الأزمة. يؤكد أنّ ما يحدث لا يحتمل. ويشير إلى أنّه تقدم بعشرات الشكاوى لجميع المسؤولين، لكن من دون أي جدوى فعلية على أرض الواقع.

في المقابل، يؤكد مصدر مسؤول في وزارة الإسكان والتعمير أنّ هناك تعنتاً من جانب الوزارة أدى إلى تعطيل عمل عدد من شركات المياه، خصوصاً تلك المرتبطة بتوصيل المياه إلى القرى، بحجة أنّ صوتها أضعف من المدن. يؤكد أنّ "ما يحدث قد يكون البداية لتعويد الأهالي على نقص المياه حال تشغيل الحكومة الإثيوبية سد النهضة، الذي سيكون وبالاً كبيراً على مصر وحاجة شعبها من المياه".

دلالات
المساهمون