تخوّف من كورونا وسط غياب الثقافة الصحية في اليمن

22 مارس 2020
خياطة أقنعة واقية في صنعاء (محمد حمود/ Getty)
+ الخط -

لم يصل فيروس كورونا الجديد بعد إلى اليمن، غير أنّه يهدّده وأهله كما هي الحال في كلّ أنحاء العالم. والبلاد التي تتخبّط في حرب منذ خمسة أعوام لا تبدو جاهزة لوباء عالمي جديد، في ظلّ تهالك كلّ القطاعات.

تستمرّ التحذيرات من خطورة وصول فيروس كورونا الجديد إلى اليمن، نظراً إلى عدم قدرة المنظومة الصحية في البلاد على مواجهته، في ظلّ تضرّر أكثر من نصف المؤسسات الصحية من جرّاء الحرب، بحسب تقديرات دولية. لكنّ ضعف المنظومة الصحية في اليمن ليس السبب الوحيد الذي دفع كثيرين إلى التحذير من الكارثة المحتملة مع بلوغ الفيروس البلاد، فمواطنون كثر لا يتمتّعون بثقافة صحية قادرة على الحدّ من انتشاره.

عبد الوهاب العديني من اليمنيين الذين يؤكدون أنّهم يتابعون الإجراءات التي تنفّذها الدول المتطوّرة للحدّ من انتشار فيروس كورونا الجديد، مشيراً إلى اعتقاده بأنّ الفيروس سوف يتسبّب في وفاة أعداد كبيرة إذا وصل إلى البلاد. يضيف: "أنا معجب بالإجراءات التي نفّذتها الصين على سبيل المثال لمواجهة فيروس كورونا. ولعلّ ما ساعدها ويساعد دولاً أخرى تعتمد تدابير مماثلة، في محاصرة الفيروس، هو ثقافة المجتمع الذي يستجيب لتوجيهات الدولة في تحديد السلوك الواجب اتباعه للحؤول دون تفشٍّ أكبر".

بالنسبة إلى العديني فإنّ "اليمنيين بمعظمهم لن يلتزموا بما ستحدّده الجهات المختصة من توجيهات خاصة حول إجراءات للحدّ من انتشار المرض، من قبيل عدم المصافحة وتجنّب الأماكن المزدحمة والحرص على غسل اليدَين بالصابون والماء أو استخدام المعقّمات بشكل مستمرّ وعدم لمس الأسطح"، لافتاً إلى أنّ "يمنيين كثيرين لن يتمكّنوا من توفير مستلزمات وأدوات النظافة لعدم قدرتهم على تحمّل كلفتها". ويتابع: "اليمنيون يعيشون بالبركة، فلا يحتاطون ولا يبذلون أيّ جهد لمواجهة مثل هذه المشكلات الصحية. ثمّة عشوائية في كلّ شيء، وهذا ما سوف يكون سبباً في انتشار المرض بشكل كبير في حال انتقل إلى اليمن".



من جهتها، ترى أمّ ابتسام عبد الرحمن أنّ "الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي في أغلب أرياف المحويت (حيث تعيش) سوف يمنع أسراً فقيرة كثيرة غير قادرة على توفير مصدر بديل للطاقة من متابعة حملات التوعية المحتملة ضدّ الفيروس"، مشيرة إلى أنّ "عملية التوعية حول المرض وطرق الحدّ من انتشاره تكون عادة عبر وسائل الإعلام". وتسأل: "كيف نصل إلى الذين لا يتابعون أيّ وسلة إعلامية وأعدادهم كبيرة في الأرياف؟"، مشدّدة على أنّ "الأمر يتطلّب حملات توعية شاملة". تضيف أمّ ابتسام أنّ "كثيرين لا يعرفون ما هو مرض الكوليرا ولا كيفية منع انتشاره على الرغم من الحديث الذي طال عنه والتحذير منه منذ بداية الحرب. فكيف الأمر بالنسبة إلى كورونا الذي ينتشر سريعاً وبطرق بسيطة من قبيل المصافحة أو لمس أسطح ملوّثة؟".

أمّا بهاء محمد، فيتوقّع أن "تنتقل العدوى بشكل سريع جداً عن طريق القات". ويقول: "إذا لُوّث القات من قبل قاطف مصاب، فقد يبلغ الفيروس مئات الأشخاص الذين يستهلكونه في اليوم نفسه"، مشيراً إلى أنّ "أسواق القات تعجّ بملايين اليمنيين يومياً". يضيف أنّ "اليمنيّين بمعظمهم لن يتخلّوا عن تخزين القات، ولو تمّ تحذيرهم من ذلك. ربما يلجأ قليل منهم إلى غسل أوراقه قبل استهلاكه، لكنّ غسله بالماء لن يقضي على الفيروس بحسب ما يُقال". ويتابع محمد أنّ "كثيرين ممّن أعرفهم يعتقدون بأنّ التوكّل على الله سيمنع الإصابة عنهم، بأيّ مرض كان. بالتالي لن يقوم هؤلاء بأيّ إجراء احترازي كي لا تنتقل العدوى إليهم".

في السياق، يؤكد المدير العام لمركز مكافحة الأمراض والترصّد الوبائي في وزارة الصحة التابع للحكومة اليمنية في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، أدهم محمد عوض، أنّ "شجرة القات سوف تساعد على انتشار الفيروس في حال انتقل إلى اليمن". يضيف أنّ "تخزين القات يضعف المناعة، وفي حال وصلت العدوى إلى البلاد، فإنّ جلسات تخزين القات الجماعية ستؤدّي دوراً كبيراً في انتشار الفيروس"، شارحاً أنّه "عندما يجتمع أكثر من 25 شخصاً في ديوان (مجلس) صغير مساحته أربعة أو خمسة أمتار، فإنّ من المحتمل جداً أن ينتشر الفيروس في وسطهم بسبب قرب المسافة الفاصلة بين شخص وآخر". ويتابع عوض أنّ "مجالس القات لا تخلو من الشيشة (النرجيلة) والسجائر، وهذا يساعد كذلك على انتشار المرض".



من جهته، طالب المتحدّث الرسمي باسم اللجنة الفنية المشتركة للاستعداد لمواجهة فيروس كورونا في مناطق سيطرة الحوثيين، عبد الحكيم الكحلاني، وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات بـ"التجاوب مع رسالة وزير الصحة العامة والسكان بنشر رسائل نصية قصيرة للتوعية حول المرض عبر كلّ شركات الاتصال الخلوي، لأنّ الناس بمعظمهم يملكون هواتف محمولة، حتى في الأرياف". ويؤكد الكحلاني أنّ "لغياب الوعي تأثيراً كبيراً على انتشار الأوبئة بلا شكّ"، واصفاً انتشار الفيروس حول العالم بـ"الوضع الخطير". يضيف: "نحمد الله لأنّ أيّ حالة لم تُسجّل في اليمن حتى الساعة. ولأنّ الوقاية تبقى أفضل من العلاج، لا بدّ من تغيير السلوكيات الخاطئة عندنا كيمنيين لحماية أنفسنا من المرض".
دلالات
المساهمون