مأساة اللاجئين الأفغان المتزوجين بباكستانيات

11 أكتوبر 2016
بهجة الزفاف تتحول إلى مأساة اليوم (جون مور/Getty)
+ الخط -
بينما يتوجه آلاف الأفغان إلى بلادهم عقب قرار باكستان ترحيلهم جميعاً نهائياً خلال الأشهر الستة المقبلة، يبقى آخرون معلّقين. منهم عدد كبير من التجار وأصحاب الأراضي. لكن، من بينهم أيضاً من تزوجوا باكستانيات. هؤلاء هم الأكثر قلقاً على مستقبل أولادهم.

عدد هؤلاء يقدّر بالمئات. معضلتهم الأساسية أنّ زوجاتهم الباكستانيات لا يردن الذهاب إلى أفغانستان. حتى هم أنفسهم لا يرغبون في الذهاب إلى هناك. لكنّ الحكومة الباكستانية لا تسمح لهم بالبقاء في باكستان، بل تتعامل معهم كما تتعامل مع جميع اللاجئين الآخرين، أكانوا مسجلين لديها ولدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أم لا.

كانت تصريحات وزير الداخلية الباكستاني شودري نثار، قد خيّبت آمال هؤلاء. أكد فيها أنّ الحكومة لن تمنح الجنسية لأي أفغاني تزوج باكستانية، بل حتى أولادهم سيحرمون من الجنسية الباكستانية. التصريحات ضربت آمال اللاجئين المتزوجين بباكستانيات في مقتل.

يقول زين الله خان، المتزوج بامرأة باكستانية من مديرية سوات، في شمال غرب باكستان، إنّ القرار الأخير وتعامل السلطات الأمنية مع اللاجئين جعلاه مريضاً نفسياً. يبقى طوال الليل والنهار في حيرة من أمره، ويشعر أنّ مستقبل أولاده في خطر، وعلاقته الزوجية في خطر أكبر. يضيف خان أنّ أولاده معلقون اليوم. فهم تركوا التعليم في المدارس بعدما تعرضوا إلى الكثير من الضغوطات من قبل أجهزة الأمن، وبعضهم بسبب النقص في أوراقه الثبوتية.

في المقابل، فإنّ حال رضية بي بي مشابهة. هي باكستانية، من مدينة شبقدر، تزوجت من لاجئ أفغاني يدعى رفيع الله. المرأة لا تتخيل حتى فكرة الذهاب إلى أفغانستان. هي ليست مستعدة لذلك، سواء الآن أو في المستقبل. تعتبر أنّ مستقبل أولادها في خطر هناك. تقول رضية، التي تعمل في إحدى المؤسسات في مدينة بشاور عاصمة إقليم خيبربختونخوا، شمال غرب باكستان، وهي الزوجة الثانية لزوجها الأفغاني، إنّهم يواجهون بالفعل معضلة حقيقية: "أولادي لن يقبلوا في أيّ حال من الأحوال بالذهاب إلى أفغانستان. كذلك، فإنّ بلدي باكستان لن تقبل بهم ولن تعطيهم الجنسية. بالتالي، فإنّ مستقبلهم في هاوية أكيدة". تتابع: "أولادي أذكياء ولديهم درجات جيدة في المدارس. لكن بسبب قرار الحكومة الباكستانية، أرى أنّ مستقبلهم ليس مشرقاً كما كنت أحلم به".

لكنّ بي بي تعتزم في الوقت نفسه أن تدق جميع الأبواب من أجل مستقبل أولادها. لن تتركهم للضياع بسبب الحالة التي تصفها بالمأساوية. كذلك، فإنّها تخاف أيضاً على زوجها وعلى أولادها من ضرّتها الأفغانية.



بي بي ليست الوحيدة التي قررت الخروج من المنزل ومناشدة جميع المكاتب والمؤسسات الخيرية بحث قضيتها وقضية أولادها وزوجها. هناك مئات الباكستانيات اللواتي يواجهن المصير نفسه، ويخفن مما تخافه بي بي وزوجها.

أمام مكتب نقابة الصحافيين في بشاور، تجتمع عشرات النساء الباكستانيات المتزوجات من أفغان، مع أزواجهن وأولادهن. يحملون لافتات تطلب من الحكومة الباكستانية مراجعة القرار في شأنهم، كما يطالبون المجتمع الدولي بالتدخل السريع لصالحهم، لا سيما المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

من بين هؤلاء سمينة خان، من مدينة مردان المجاورة لمدينة بشاور، التي تزوجت قبل ثلاثة أعوام من أفغاني كان يعمل مع والده في بقالة. لكنّها لم تعرف آنذاك أنّها قد تواجه مثل هذا المصير الذي تأسف كثيراً له. خرجت إلى الشارع من أجل زوجها، ومن أجل إنقاذ زواجها. في الوقت نفسه، هي لا ترغب في الذهاب إلى أفغانستان، ولا تقبل أي مساومة على حياتها الزوجية التي اختارتها بنفسها.

قصة ميرداد مختلفة. يحكيها أحد جيرانه جاد علي. يقول علي إنّ ميرداد قرر الذهاب إلى أفغانستان مع أبناء عمه بعدما قررت باكستان ترحيلهم. كان يملك الكثير من الأراضي الزراعية، لكنّ زوجته الباكستانية رفضت العودة. أخيراً، وبعد الكثير من الشد والجذب، قرر الرجل الذهاب، وبالفعل غادر نهائياً إلى أفغانستان. ترك ميرداد زوجته الباكستانية وأولاده وحدهم. أرغمت زوجته على الذهاب إلى مديرية سوات حيث كان والدها وأشقاؤها يعيشون. وباتت هي وأولادها عبئاً ثقيلاً على والدها.

يؤكد علي أنّ المنطقة كلّها تأسف لما حصل مع المرأة، لكنّ أحداً لا يضع اللوم على زوجها الذي لم يبق أمامه خيار سوى العودة إلى بلاده، خصوصاً بعد تعرض منزله إلى مداهمات من قبل الشرطة الباكستانية، كما اعتقل مرات عديدة. من جهة أخرى، يرون أنّ المرأة على حق أيضاً، إذ تخشى على أولادها من مخاطر أفغانستان التي لا تنتهي.

المساهمون