"خيارنا هو ملكنا دائماً. في الواقع نحن مجموع خياراتنا". هذا هو "الواقع" أو "الحقيقة" بالنسبة إلى جوزف أوكونور، الروائيّ والكاتب المسرحيّ والصحافيّ الأيرلنديّ، مؤلّف "حرّر نفسك من الخوف: التغلّب على القلق والعيش من دون هموم". هل خياراتنا في أيدينا فعلاً؟ ربّما كنّا نملكها، غير أنّها تأتي متأثّرة - بطريقة أو بأخرى - بإملاءات كثيرة تُفرَض علينا أو قد تأتي كنتيجة حتميّة لتلك الإملاءات. ربّما نعي تلك الإملاءات التي أنتجتها ظروف خارجة عن إرادتنا أو أحمال نجرجرها، غير أنّ كثيرين منّا سوف يخضعون لها لاعتبارات جمّة. في سياق متّصل، بالنسبة إلى أندريه جيد، الكاتب الفرنسيّ الحائز جائزة نوبل في الأدب لعام 1947، فإنّ "الإنسان غير قادر على حسم خياره، وتصرّفه يأتي على الدوام منقاداً بالإغراء/ الترغيب الأقوى". إشارة تجدر إلى أنّ أعمال جيد لطالما تمحورت حول كيفيّة أن يكون المرء نفسه، كليّاً.
إملاءات أو إغراءات أو ترغيب، كلّها عوامل تحكمنا... بالتالي تحكم خياراتنا. الأمر لا يتناقض مع ما ذهب إليه أوكونور، بل هو يحمّلنا مسؤوليّة خياراتنا سواء أكانت خيارات "حرّة" أم محكومة بأمر أو آخر. نحن مسؤولون. هذا هو الواقع... هذه هي الحقيقة. ربّما من الحريّ القول إنّنا "مسؤولون" عن خياراتنا بدلاً من "مالكيها". هل ثمّة فرق حقّاً؟ سؤال يستحقّ التوقّف عنده. ربّما يُسجَّل تباين ما، بسيط، بين الأمرَين. لا شكّ في التباين. أن يكون المرء مسؤولاً عمّا يملك ليس بأمر مؤكّد، على الرغم من افتراض "البديهيّة" هنا.
ويُحكى عن حسم خياراتنا. هكذا تُصاغ العبارة عادة: حسم فلان خياره. الفعل "ثقيل" في السياق. الحسم فعل ينطوي على الجزم. كم واحداً منّا قادر على الإقرار لنفسه بالجزم فعلاً... صدقاً؟ لا شكّ في أنّنا نتردّد قبل الحسم. قد يكون تردّدنا وجيزاً أو قد يطول. ربّما كان التردّد ملزماً قبل الإقدام على ذلك الفعل القاطع. التردّد يقينا التهوّر. بالتالي، نصير مسؤولين عمّا نملك... وهنا عن تلك الخيارات التي سوف تُنسَب إلينا، طالما حيينا. لن يجهد أحد نفسه في شرح ماهيّة خيار لجأ إليه آخر. سوف يبقى خيار ذلك الآخر، وهو مسؤول عنه. لا يهمّ إن كان هو مسؤولاً فعلاً أو لم يكن. قلّة فقط سوف تتوقّف عند دوافع خيار ليس ملكاً لها... خيار لا شأن لها فيه. والهدف من ذلك لن يكون محاولة لتفهّم مَن حسم خياره، فحسب. ثمّة أسباب كثيرة، ليست كلّها بتلك الإيجابيّة.
اقــرأ أيضاً
نمضي في حياتنا ونحن ندّعي حسم خيارات كثيرة، نظنّ لا بل نعتقد بأنّها خياراتنا نحن ونتباهى بأنّنا الفاعلون الوحيدون... وقد فلحنا. نمضي كذلك، ونحن ندّعي عدم مسؤوليتنا عن خيارات كثيرة رأينا أنفسنا نحسمها في يوم، فنحمّل آخرين وظروفاً مختلفة فشلها... فشلنا. ونبقى نحن في الواقع "مجموع خياراتنا".
إملاءات أو إغراءات أو ترغيب، كلّها عوامل تحكمنا... بالتالي تحكم خياراتنا. الأمر لا يتناقض مع ما ذهب إليه أوكونور، بل هو يحمّلنا مسؤوليّة خياراتنا سواء أكانت خيارات "حرّة" أم محكومة بأمر أو آخر. نحن مسؤولون. هذا هو الواقع... هذه هي الحقيقة. ربّما من الحريّ القول إنّنا "مسؤولون" عن خياراتنا بدلاً من "مالكيها". هل ثمّة فرق حقّاً؟ سؤال يستحقّ التوقّف عنده. ربّما يُسجَّل تباين ما، بسيط، بين الأمرَين. لا شكّ في التباين. أن يكون المرء مسؤولاً عمّا يملك ليس بأمر مؤكّد، على الرغم من افتراض "البديهيّة" هنا.
ويُحكى عن حسم خياراتنا. هكذا تُصاغ العبارة عادة: حسم فلان خياره. الفعل "ثقيل" في السياق. الحسم فعل ينطوي على الجزم. كم واحداً منّا قادر على الإقرار لنفسه بالجزم فعلاً... صدقاً؟ لا شكّ في أنّنا نتردّد قبل الحسم. قد يكون تردّدنا وجيزاً أو قد يطول. ربّما كان التردّد ملزماً قبل الإقدام على ذلك الفعل القاطع. التردّد يقينا التهوّر. بالتالي، نصير مسؤولين عمّا نملك... وهنا عن تلك الخيارات التي سوف تُنسَب إلينا، طالما حيينا. لن يجهد أحد نفسه في شرح ماهيّة خيار لجأ إليه آخر. سوف يبقى خيار ذلك الآخر، وهو مسؤول عنه. لا يهمّ إن كان هو مسؤولاً فعلاً أو لم يكن. قلّة فقط سوف تتوقّف عند دوافع خيار ليس ملكاً لها... خيار لا شأن لها فيه. والهدف من ذلك لن يكون محاولة لتفهّم مَن حسم خياره، فحسب. ثمّة أسباب كثيرة، ليست كلّها بتلك الإيجابيّة.
نمضي في حياتنا ونحن ندّعي حسم خيارات كثيرة، نظنّ لا بل نعتقد بأنّها خياراتنا نحن ونتباهى بأنّنا الفاعلون الوحيدون... وقد فلحنا. نمضي كذلك، ونحن ندّعي عدم مسؤوليتنا عن خيارات كثيرة رأينا أنفسنا نحسمها في يوم، فنحمّل آخرين وظروفاً مختلفة فشلها... فشلنا. ونبقى نحن في الواقع "مجموع خياراتنا".