رواية عائلة قبطية مصرية رُفض طلب لجوئها للدنمارك فلجأت للأمم المتحدة

29 يوليو 2017
مركز ساندهولم لعبور اللاجئين نحو البقاء أو الترحيل(ناصر السهلي)
+ الخط -
بعدما قدّمت عائلة قبطية مصرية، مؤلفة من زوجين، رواية للحصول على طلب لجوء، تتضمن ادّعاءات بالتعرّض للعنف ومحاولة اغتصاب من قبل جماعة "الإخوان المسلمين"، لم تقتنع الدنمارك بالادّعاءات ورفضت طلب الزوجين وأبعدتهما، فما كان منهما إلا أن لجآ إلى الأمم المتحدة، حيث وجهت "لجنة حقوق الإنسان"، ولجنة مكافحة التعذيب انتقادات للدنمارك.

غير أنّ مراقبين قلّلوا من أهمية هذه الانتقادات، كون اللجان التابعة للأمم المتحدة ليست لها مصداقية في التحقق من روايات طالبي اللجوء.

وبحسب ما كشف النقاب عنه، اليوم السبت، في عدد من الصحف ووسائل الإعلام المحلية، فإن "الانتقاد الذي وجهته اللجنة الأممية جاء في رسالة رسمية أرسلت من جنيف إلى مجلس اللجوء في 28 يونيو/حزيران الماضي". ويعتبر "مجلس اللجوء" أعلى سلطة في البلاد تدرس طلبات اللاجئين وتتحقق من قصصهم.

وفي بعض التفاصيل، التي لم تكشف بالتأكيد عن هوية هذه العائلة التي جرى إبعادها عن الدنمارك، فإن الرفض الدنماركي لطلب اللجوء "جاء بعد دراسة مصداقية القصة التي أبلغ عنها الزوجان للتقدم باللجوء". وبالرغم من أن المجلس رفض التعليق على هذا الانتقاد، والخوض تحديدا في قضية الزوجين المشار إليهما، فقد دعا الصحافة إلى "مراجعة ما صدر عنا في شأن معايير رفض الطلبات".

وبمراجعة قصة العائلة، فإن رواية الزوج تتضمن ادّعاءات "تعرُّض الزوجين المسيحيين للعنف والمضايقة، ومحاولة اغتصاب الزوجة، في مصر من قبل جماعة الإخوان المسلمين، لأن الزوجة أعطت إنجيلا لشابة مصرية مسلمة"، وفقا لما نقلته، اليوم السبت، الصحف الدنماركية، ومنها صحيفة "إنفارماسيون"، التي اطلعت على القضية.

ووفقاً لما يقول مدير الأبحاث في معهد "راؤول فالينبيرغ" في لوند السويدية، توماس غاميلتوفت هانسن، الذي شغل في السابق عضوية مجلس اللجوء في كوبنهاغن، فإن "منظمات الأمم المتحدة تذهب بعيدا عن دورها في الانتقادات المتزايدة، وهذا يؤدي إلى أن بعض الدول والسلطات والباحثين لا يأخذون نقد بعض اللجان بجدية". وعلى الرغم من ذلك، يعتقد هانسن بأن "انتقاد لجنة حقوق الإنسان والتعذيب له ثقله الذي يجب في العادة أن يؤخذ جديا".


الدنمارك تواجه الانتقادات وترد عليها (ناصر السهلي) 


موقف هانسن، السلبي من الانتقاد الدولي لمجلس شؤون اللاجئين، يستند برأيه إلى أن "القرارات التي تتخذها اللجان تنتقد مصداقية رفض طلب اللجوء، بيد أنها لجان لا تملك مصداقية للتأكد من القصص المقدمة لتبرير اللجوء". ويطالب هانسن اللجان الأممية بأن "تلعب دورها المنوط بها بالقضايا المبدئية وليس البحث في ما إذا كانت قصص اللجوء المرفوضة صحيحة أم لا".

من ناحيتها، تتفق مسؤولة فريق القانون في "مؤسسة مساعدة اللاجئين" الرسمية، المعنية بأوضاع طالبي اللجوء، دورتا سميد، مع هانسن في "صعوبة تقييم لجان الأمم المتحدة لصحة قصص اللجوء". وتذهب إلى "ضرورة أخذ الانتقادات الأممية على محمل الجد إذا كانت القرارات المشار إليها تتعارض مع المبادئ الأساسية الدولية لحقوق الإنسان".


التدقيق في قصص اللاجئين قبل منحهم اللجوء(ناصر السهلي) 


ويعتبر المهتمون بحقوق الإنسان في الدنمارك أن "الانتقاد الأخير يأتي ضمن سلسلة انتقادات مقلقة حول الالتزام بالمواثيق الدولية". ويشير هؤلاء إلى أن "وصول عدد رسائل الاحتجاج والانتقاد إلى 10 خلال عام واحد (بين الأول من يوليو/تموز 2016 ويونيو/ حزيران الماضي) هو أمر لم تشهده الدنمارك في السابق". وفي حين لم تصل رسائل الانتقاد والاحتجاج الدولية بشأن قضايا اللجوء إلى أكثر من أربع خلال 11 عاما، فإن منظمات الأمم المتحدة انتقدت قرارات كوبنهاغن 15 مرة منذ عام 2015.

ويعبر المركز الدنماركي لمكافحة التعذيب، "ديغنيتي"، عبر مديرة الشؤون القانونية، تيريزا روته، عن "القلق العميق من تكاثر القضايا المرفوعة أمام الأمم المتحدة". ويرى الحقوقيون الدنماركيون أن "زيادة شكاوى طالبي اللجوء المرفوضين تعود إلى أن المحامين الدنماركيين أصبحوا أكثر توجها لتلك اللجان في جنيف باسم موكليهم"، وفقا لما تذهب إليه دورتا سميد. لكن سميد رغم انتقادها لرفض طلبات اللجوء بكثرة واتفاقها مع "إشارات الأمم المتحدة لعيوب في الإجراءات"، إلا أنها ترى أيضا أن "مشكلة تبرز حين تنتقد إجراءات التحقق من قصص طالبي اللجوء غير المتماسكة".

وفي حالات كثيرة تطرقت فيها لجان الأمم المتحدة لقضايا بعينها تبقى بدون تعديل، ما يرده الدنماركيون إلى "اختفاء طالبي اللجوء هؤلاء أو سفرهم إلى بلدهم مرة أخرى"، وهو ما أكده "مجلس شؤون اللاجئين" العام الماضي إثر انتقادات شبيهة.

وتدور الانتقادات في معظمها حول "سياسة ترحيل طالبي اللجوء إلى دول تمارس التعذيب". ويرد الدنماركيون بأنهم لم يبعدوا أشخاصا يعيشون مخاطر التعذيب "بل إن مراجعة بعض القضايا التي وجهت رسائل انتقاد بشأنها تجعلنا نجد أن أصحابها غادروا بأنفسهم إلى دولهم التي ادعوا بأنهم هربوا منها بسبب التعرض للتعذيب"، وفقا لما ذكره المجلس في ردوده العام الماضي.

وجدير بالذكر أنه بعد الاطلاع على 10 قضايا وصلت مكاتب الأمم المتحدة في جنيف، فإن الأغلبية رفضت بناء على "اتفاقية دبلن" وأعيد أغلبهم إلى الدولة الأوروبية الأولى التي وصلوا إليها، وهي إيطاليا في أغلب الحالات التي أثيرت.

وتثار محليا نقاشات كثيرة عن أسباب رفض لجوء المصريين، ومن بعض الدول التي تعتبر حليفة للغرب، إذ يصعب على هؤلاء، إلا في حالات قليلة، الحصول على وضع لاجئ، ويشمل ذلك الأردن والأراضي الفلسطينية ومن داخل الخط الأخضر.
المساهمون