أزر محمد: أولادي محرومون من التعليم

25 اغسطس 2016
يخاف على مستقبل أولاده السبعة (العربي الجديد)
+ الخط -
لم يقلق أزر محمد، على شيء في حياته، بقدر قلقه على مستقبل أولاده السبعة. هم جميعهم، خمسة بنين وابنتان، بعيدون عن مقاعد الدراسة. إلى ذلك، تأتي ضرورة عودته إلى أفغانستان، بعدما قضى ثلاثين عاماً في باكستان، واحدة من الصعوبات الأخيرة التي يجد نفسه أمامها. هذا يعني هدم كل ما بناه وأسرته خلال تلك السنين الطويلة.

في منزل من الطين يسكن اللاجئ الأفغاني أزر محمد (55 عاماً) مع أسرته، في حيّ من أحياء مدينة راولبندي في إقليم بنجاب في شمال شرق باكستان. اعتاد وأسرته العيش مع حدّ بسيط من مقوّمات الحياة، وفي غياب الغاز والكهرباء وغيرهما. هم راضون عن حياتهم في باكستان، ويخافون العودة إلى أفغانستان، بسبب الأوضاع الأمنية المتردية أكثر فأكثر.

يقول محمد: "أنشأت عملاً صغيراً أعالني وأسرتي على مدى ثلاثين عاماً. لم أظنّ في يوم أنّني سوف أتركه، إلا أنّ كلّ المؤشرات وطريقة تعامل السلطات الباكستانية تؤكدان ذلك، عاجلاً أم آجلاً". يضيف: "طلبنا من الحكومة الباكستانية ومن السلطات الأفغانية أن تأتي بما يُبقي على حياتنا الحالية. لكنّ لا أحد يستمع إلى أصوات اللاجئين الفقراء الذين لا حول لهم ولا قوة".

وأزر محمد يملك عربة خشبية، يجوب بها شوارع المدينة، ويبيع الفاكهة. يحصّل يومياً ما بين 600 و1000 روبية باكستانية (ستة إلى عشرة دولارات أميركية) لكنّ ذلك لا يكفي احتياجات أسرته، لا سيّما أنّ أمه العجوز في حاجة إلى علاج طبيّ دائم.

يخاف الرجل على مستقبل أولاده، فهو لا يريدهم أن ينتهوا كما فعل هو. حاول كثيراً دفعهم إلى التعليم، لكنّ فقره لطالما عوّقه. ويسأل: "كيف يمكنني إرسالهم إلى المدرسة وأنا غير قادر على توفير لقمة عيشهم؟". ويشير إلى أنّه في كثير من الأحيان "يبقون من دون طعام ويضطرون إلى تناول الخبز الحاف مع الشاي الأخضر بالسكر. فكيف أدفع الرسوم المدرسية؟". وهو كان قد اصطحبهم مرات عدّة إلى المدرسة القريبة، "وكانوا سعداء وكذلك والدتهم. لكنّه كان يضطر بعد أشهر إلى إخراجهم منها، إذ لم يسدّد الرسوم". في نهاية المطاف قرّر إبقاءهم في المنزل. وفي الوقت الراهن، يقضي أولاده أيامهم بين المنزل والسوق. أكبرهم ولي محمد (17 عاماً) يساعد والده في تولّي شؤون المنزل، ويشتغل في إحدى بقالات السوق القريب.

قبل ثلاثين عاماً، خرج أزر محمد وأسرته من قريته في إقليم بغلان شمال أفغانستان، إثر الغزو السوفييتي، ودخل إلى باكستان عبر جبال جلجت وشترال، وعاش في مخيمات للاجئين عديدة قبل أن يستقرّ في راولبندي.

المساهمون