جابت مسيرة حاشدة، اليوم الجمعة، شوارع مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، احتجاجاً على خطة وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان في العمالة الأجنبية، التي تطاول العمال الفلسطينيين.
ورفع الفلسطينيون المشاركون في المسيرة التي نظمت بدعوة من هيئة العمل الفلسطيني المشترك علم بلادهم، وأطلقوا الهتافات التي تطالب بإنصاف اللاجئ الفلسطيني، ومن بينها: "رح نبقى أهل وإخوان، نحنا وشعبك يا لبنان"، "بكفي بكفي يا لبنان، أعطونا حقوق الإنسان"، "بدي عيش ولادي، طفح الكيل وبزيادة"، "بكفي ظلم يا وزير، وقف كل العم بصير"، "وينك وينك يا عدالة، لازم تتغير هالحالة"، "هويتي إجازتي"، "يا وزير اسمع اسمع هاي الإجازة ما بتنفع"..
وأكد الصحافي محمد دهشة أنّ هذه التحركات الشعبية الغاضبة في المخيمات الفلسطينية، رفضاً لقرار وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان، ضد المؤسسات والعمال الفلسطينيين في لبنان، وللتعبير عن "ثورة غضب" عارمة، سببها المباشر فرض "إجازات عمل"، أما غير المباشر فيتعلق بسلسلة من الحرمان المزمن التي تبدأ بعدم إقرار الحقوق المدنية، والاجتماعية، والإنسانية، ولا تنتهي بمنعهم من التملك والتضييق الأمني".
وتابع "ما زاد هذا الغضب أضعافاً مضاعفة، هو شعور أبناء المخيمات أن القرار جاء في "توقيت خاطئ"، إذ يتماشى مع الاستعداد لإعلان "صفقة القرن" الأميركية التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، وشطب حق العودة، وصولًا إلى فرض التوطين، بعد انعقاد ورشة البحرين الاقتصادية، فجاء هذا القرار "صفعة" لصمودهم، و"طعنة خنجر" في الظهر، في وقت كانوا يأملون فيه أن تبادر الحكومة اللبنانية إلى إقرار حقوقهم، في إطار موقفها السياسي الرافض للصفقة والتوطين معًا".
وأضاف "من خلال مواكبتي الميدانية للاحتجاجات الشعبية الفلسطينية يمكن بوضوح قراءة الحرص على سلميتها، وتدحرجها بأشكال مختلفة من الإضراب العام إلى الإقفال التام، وقطع الطرقات، وإحراق الإطارات، إلى تنظيم التظاهرات، والاعتصامات، والوقفات الاستنكارية، وكلها مؤشرات تؤكد أن الشعب الفلسطيني مصمم على استمرارها، حتى تراجع الوزير أبو سليمان عن قراره، من دون أية "تسوية"، إذ إن استدراج الفلسطيني للحصول على "إجازة عمل" يعني بالمفهوم الفلسطيني إسقاط "صفة اللجوء" أولًا، تمهيدًا للحصول على إقامة ثانيا، وخنق فرص العمل من خلال حصر أغلب المهن باللبناني ثالثًا، وأكثر من ذلك من التساؤل المشروع، من يضمن بقاء مجانيتها من الرسوم المالية مع مجيء وزير لاحق؟".
"رفع المحتجون شعار "هويتي – إجازتي" كتعبير عن الرغبة في بقاء الوضع على ما هو عليه حتى تنجز "لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني" برئاسة الوزير الأسبق حسن منيمنة، وثيقتها وإقرارها في مجلس النواب وفق "الرؤية اللبنانية الموحدة لقضايا اللجوء في لبنان" التي اتفقت عليها القوى والأحزاب اللبنانية.
وأكمل "إن الشعب الفلسطيني في لبنان، يلتزم بالقانون اللبناني، وسيبقى تحت سيادته والحياد الإيجابي، ولكن المسّ بلقمة عيشه فيه مخاطر كثيرة، يجب على المسؤولين تداركها باكرا".
أما الشاعر الفلسطيني طه العبد، فقال: "يرفع الفلسطيني صوته مطالبا برفع الظلم الذي يثقل كاهله منذ أكثر من سبعين سنة، يتقاطع الجوع مع رغبة الحياة، والعمل مع التعليم، الكرامة والحقوق الإنسانية".
أما لماذا انتفض الفلسطيني بهذه الطريقة، فقال: "إن هناك مؤامرة يشعر بها الفلسطيني في لبنان، حبكت وحيكت خيوطها في ورشة البحرين التي أعلن الكثيرون رفضها، وحذروا منها، لكن في الخفاء يعملون جميعهم على تمريرها، وهذا ما يستشعره الفلسطيني من خلال الإجراءات الظالمة التي يتعرض لها والتضييقات التي تزداد خنقا له كل يوم في لبنان وخارج لبنان، لهذا جاء الغضب الشعبي رفضا للتآمر الخفي على هذا الشعب، ومنعا لتمرير صفقة القرن التي هي تصفية ظالمة، وإنهاء غير مقبول للقضية الفلسطينية، بل وخيانة للتضحيات التي قدمها على مدى سنوات نضاله الطويلة.
أهالي مخيم اليوم خرجوا بشيبهم وشبابهم، بنسائهم وطلابهم وأطفالهم، للمطالبة بالحقوق التي يحرمون منها في لبنان، وبخاصة قطع الرزق، فإحدى السيدات التي كانت تتظاهر، قالت: "إننا بتنا نشعر أنهم في لبنان يريدون أن يسدوا الهواء عنا، فالعنصرية التي يمارسونها ضدنا في هذا البلد تكاد تقتلنا، نفتقر لإنسانيتنا في هذا البلد، الجدار يلف المخيم، والأسلاك الشائكة، والتضييق عند مداخله، والإهانات التي نشعر بها يوميا، إلى أن جاء هذا القرار الذي يزيد الطين بلة، فالفلسطيني بالأساس محروم من العمل في لبنان بأكثر من سبعين مهنة، فعلام يريد الوزير إجازات عمل؟ لأعمال الباطون والزراعة؟! نحن اليوم نطالب الدولة اللبنانية، وكل المعنيين، بالتعامل معنا بكرامة، وباعتبارنا بشراً".