أمطار الإسكندرية تؤرّق ساكني المنازل الآيلة للسقوط

29 ديسمبر 2018
الأحوال الجوية سيّئة في المحافظة (إبراهيم رمضان/ الأناضول)
+ الخط -


في مثل هذه الأيام من كلّ عام، تعود أزمة الأمطار والمنازل الآيلة للسقوط إلى الواجهة، فالمتساقطات الغزيرة بالإسكندرية تهدّد المباني المتهالكة وساكنيها، إلى حدّ التسبب في خسائر بالأرواح لا فقط بالممتلكات.

أول من أمس، في منطقة محرم بك بالإسكندرية، لقيت امرأة وابنتها مصرعهما، من جرّاء انهيار جزئيّ في عقار متهالك مؤلّف من ست طبقات. أتى ذلك على خلفية تساقط أمطار غزيرة في خلال الأيام الأخيرة، علماً أنّ الإسكندرية تُعَدّ من أكثر المحافظات المصرية تضرراً من سوء الأحوال الجوية، التي تتكرر في كل عام مع فصل الشتاء، على الرغم من مزاعم الحكومة بأنها صرفت مليارات الجنيهات المصرية لصيانة البالوعات ومجاري تصريف مياه الأمطار.

كشفت الأمطار، التي انهمرت أخيراً بغزارة وبصورة متواصلة على عدد من مناطق الإسكندرية، عروس البحر المتوسط، عن معاناة أصحاب المنازل الآيلة للسقوط في المحافظة. وتفيد تقارير بأنّ المنازل الآيلة للسقوط في مدن الإسكندرية تقدَّر بخمسة آلاف، في حين لا تُنفَّذ قرارات الإزالة الصادرة نظراً لعدم توفّر بديل تطرحه الدولة لسكان تلك العقارات القديمة. فالدولة غير قادرة على توفير شقق سكنية جديدة لنقل السكان إليها، في حين تشهد المحافظة سلسلة من الانهيارات المتتالية في عدد من الأحياء القديمة، بسبب سوء الأحوال الجوية. يُذكر أنّ تلك المباني القديمة والمتهالكة تتركز في أحياء، منها الجمرك والمنتزه والعجمي وكوم الدكة ومحطة مصر ومحرم بك والرمل والإبراهيمية والقباري ومينا البصل وكرموز.

الإسكندريّة تتحدّى العاصفة (العربي الجديد)

في هذه الأيام، يعيش سكان تلك المناطق وسط ترقّب، وخوف من احتمال انهيار منازلهم المشبّعة بالرطوبة، مع تفاقم التصدّعات والتشققات من جرّاء الأمطار. وهو ما قادهم إلى طرق أبواب المعنيين في المحافظة لإنقاذهم من الموت، خصوصاً بعد تسرّب كميات كبيرة من المياه إلى داخل منازلهم المبنيّة على الحجر، ومن دون أساسات منذ خمسينيات القرن الماضي، ومن ثم ضرورة مغادرة منازلهم المتهالكة. وبينما يقول مسؤولو المحافظة: "سنبحث طلباتكم"، يسأل الأهالي: "متى ذلك ونحن مهددون بالموت من جرّاء انهيار العقارات؟".

تُعَدّ ملفات العقارات القديمة والآيلة للسقوط أزمة كبيرة في محافظة الإسكندرية، وهاجساً مخيفاً للأهالي في فصل الشتاء، إذ إنّ حالات انهيار العقارات تزداد في فصل الشتاء، في حين أنّ الحكومة المصرية اعتادت التحرّك فقط بعد فوات الأوان ووقوع الكوارث. ولا يخفي مواطنون كثر قلقهم إزاء سكنهم في منازل آيلة للسقوط، وقد تغرقها مياه الأمطار في أيّ وقت.

محمد بسيوني من أهل الإسكندرية، وهو محامٍ، يقول إنّ "فصل الشتاء يمثّل أزمة سنويّة لسكان محافظة الإسكندرية عموماً وقاطني المباني القديمة خصوصاً". يضيف أنّ "كل محافظ اعتاد التأكيد أنّ المناطق الشعبية والعقارات القديمة هي من أولى مسؤولياته، لكنّ ذلك مجرّد تصريحات وشو (استعراض) إعلامي"، مشيراً إلى أنّ "المسؤولين في الحكومة يؤكدون مع كل أزمة تستجد من جرّاء هطول الأمطار في المحافظة، أنهم سوف يتعاملون معها". ويسأل بسيوني: "أين الأموال والمليارات التي أعلنتها الحكومة لترميم البنى التحتية في محافظة عروس البحر المتوسط؟ مع كل شتاء تغرق المحافظة في متر ميّه (مياه)، ويمثّل هذا الفصل لأهالي الإسكندرية خسارة اقتصادية كبيرة. محالّ تجارية مختلفة تغلق أبوابها بسبب الأزمة وتُصاب الحياة العامة بشلل".

مياه تغمر الشوارع (العربي الجديد)


من جهتها، تقول أمل عثمان، وهي ربّة منزل من أهالي منطقة القباري (غربي الإسكندرية)، إنّ منزلها مهدّد بالانهيار بسبب الأمطار، شارحة أنّه "من دون أساسات. وقد تقدّمت بطلب للحصول على وحدة سكنية في مساكن المحافظة، لكنني لم أحصل عليها بعد. وعندما أسأل المسؤولين في المحافظة عن سبب التأخير، يجيبون: الدور لسّه مجاش عليكي (لم يحن دورك بعد)". وتسأل: "هل أحصل على الشقة بعد وفاتي ووفاة زوجي؟"، مردفة "لكنّنا نحن فقراء ولا نملك سوى الانتظار".

عالية محمد، ربّة منزل من المنطقة نفسها التي تسكنها عثمان، تقول إنّ "الشتاء يمثّل أزمة كبيرة لنا ولأسرنا بسبب الأمطار. فمنطقتنا تعاني إهمال المسؤولين، وتفتقر إلى كل الخدمات. على سبيل المثال، لا تتوفر مجار للصرف الصحي، الأمر الذي يضطر السكان إلى حفر آبار بدائية لتخزين مياه الصرف الصحي. كذلك، فإنّ الشوارع تغرق في المياه التي تهدد المنازل المتهالكة الآيلة للسقوط، التي نكاد أن نموت فيها من البرد".



أمّا عمر فتحي، وهو عامل من منطقة كرموز (وسط الإسكندرية)، فيقول إنّ "سكان المناطق القديمة في المحافظة يعيشون تحت خطر انهيار منازلهم فوق رؤوسهم بسبب مياه الأمطار". يضيف: "وهذه هي حالي. فأنا أسكن في منزل متهالك لا يستحمل تلك المياه المتساقطة يومياً"، لافتاً إلى أنّ "تلك الأمطار نفسها تمنعني من الخروج من المنزل بحثاً عن الرزق".
المساهمون