كورونا يهدّد أطباء مصر

23 يونيو 2020
أدوات الوقاية ليست متوفّرة لدى الجميع (أحمد حسن/فرانس برس)
+ الخط -

في الأيام القليلة الماضية، حاول عدد من الأطباء المصريين إثارة موضوع ارتفاع عدد الوفيات بين أفراد الطاقم الطبي نتيجة الإصابة بفيروس كورونا الجديد، هؤلاء الذين يتعاملون مباشرةً مع المرضى. وسجلت النقابة العامة لأطباء مصر 92 وفاة بين الأطباء، وأكثر من 400 إصابة بكورونا.

يقول عضو مجلس نقابة الأطباء إبراهيم الزيات، إنّ "نسبة وفاة الأطباء المصريين بالفيروس تقدّر بنحو خمسة إلى سبعة في المائة من إجمالي الوفيات، علماً أنّ نسبة وفاة الأطباء الإيطاليين لم تتجاوز 0.4 في المائة. وهذا يعني أنّ نسبة الوفيات بين الأطباء في مصر تفوق النسبة في إيطاليا بنحو عشرة أضعاف، مع الإشارة إلى أنّ الأخيرة سجّلت أرقاماً مرتفعة في أعداد الإصابات والوفيات على حدّ سواء".

من جهته، يتحدث الطبيب المصري محمد عبد الحليم، عن تجربته الشخصية، إذ هو معرّض للإصابة بالفيروس نتيجة نقص المستلزمات الطبية بشكل كبير في المستشفيات. وفي منشور على صفحته على موقع "فيسبوك" تداوله كثيرون، كتب: "الليلة أخدت كمية مرعبة من الفيروس (viral load) للأسف الشديد". يُشار إلى أنّ الحمل الفيروسي (viral load) المرتفع يرتبط بشدّة العدوى الفيروسية. وعلى الرغم من ذلك، أكّد "أنا راضٍ جداً والله. أنا متأكد أنّ الكثير من الناس والأطباء على وجه الخصوص سينتقدون الموقف الغريب الذي وجدت نفسي فيه، حين استدعاني رئيس قسم النساء والولادة إلى العمل بسبب وصول حالة مصابة بكورونا، وقد نُقلت إلى وحدة العناية المتوسطة". أضاف: "ولأنّ الحمل كان خارج الرحم، انفجرت قناة فالوب، ما أدّى إلى نزف وهبوط حاد في نسبة الهيموغلوبين من 13 إلى ستّة خلال ساعات قليلة، وأصبحت حياتها في خطر". ويقول: "أنا رحت طبعاً لقيت شابة صغيرة قاعدة على ترابيزة العمليات بتلقف نفسها بالعافية (بالكاد قادرة على الصمود) ونسبة الأوكسجين لديها أقلّ من 70 في المائة وبطنها منتفخ من النزيف وشفايفها بيضا".



وتابع عبد الحليم: "لا يوجد في المستشفى غير كيسَي دم. ولا يوجد في غرف العمليات أيّ معدات وقائية للأطباء. مأساة لا توصف والله. حاجة كارثية كده كإنّك بتحلم وفي كابوس". ويوضح أنّ "المشكلة تكمن في أنّه ما من مستشفيات تجري عمليات لمرضى كورونا باستثناء مستشفى شبين الكوم التعليمي (في شارع جمال عبد الناصر في المنوفية)، وليس لديهم أيّ مكان شاغر أو غرفة عناية، والستّ بتموت ببطء قدّام عنينا. الستّ الشابة بصّت لي والله بصّة عمري ماهنساها، وقالتلي وهي بتاخد نفسها بالعافية: يا دكتور أنا عندي 28 سنة وعندي ثلاثة أطفال وهموت الحقني". وأكمل عبد الحليم سرده: "العملية الحمد لله عدّت بسهولة شديدة، وتمّت الجراحة والستّ كويسة وأنا مش مصدق لحد دلوقتي".

تجدر الإشارة إلى أنّ أزمة كورونا وما يرافقها من تداعيات تأتي في وقت تعاني مصر فيه نقصاً حاداً في عدد الأطباء بشكل خاص والكوادر الصحية. فكثيرون من هؤلاء هاجروا من البلاد. ويقدّر عدد الأطباء في المستشفيات الحكومية وكذلك المستشفيات الجامعية وتلك الخاصة في مصر بنحو 82 ألف طبيب من مختلف التخصصات، وذلك من أصل 213 ألف طبيب مسجّلين، أي ما نسبته 38 في المائة من القوى الأساسية التي تحمل تراخيص بمزاولة المهنة. وتأتي هذه المعطيات في دراسة أعدّتها أمانات المستشفيات الجامعية بالتعاون مع المكتب الفني لوزارة الصحة والسكان المصرية ومجموعة من الخبراء والمتخصصين حول أوضاع مهنة الطب واحتياجات سوق العمل في البلاد.



ويقدّر عدد الأطباء العاملين في إطار وزارة الصحة والسكان وحدها، بحسب الدراسة نفسها، بنحو 57 ألف طبيب موزّعين على كلّ القطاعات الحكومية في الوزارة، ما بين طبيب تكليف أو طبيب تخصص أو غير ذلك، علماً أنّ الوزارة تحتاج إلى 110 آلاف، وهو ما يعني أنّ ثمّة عجزاً يقدّر بنحو 53 ألف طبيب في الحكومة. إلى جانب ذلك، فإنّ 62 في المائة من الأطباء إمّا يعملون في خارج مصر أو استقالوا من العمل في القطاع الحكومي أو حصلوا على إجازة. وقد أضافت الدراسة أنّ ثمّة طبيباً واحداً لكلّ 1162 فرداً، أي 8.6 أطباء لكلّ 10 آلاف فرد، في حين أنّ المعدل العالمي هو طبيب واحد لكلّ 434 فرداً، أي 23 طبيباً لكل 10 آلاف فرد".
المساهمون