كورونا يضاعف طوابير الجائعين حول العالم

09 مايو 2020
المحتاجون بجنيف إحدى أغلى مدن العالم (فابريس كوفريني/فرانس برس)
+ الخط -
على الرغم من أن إجراءات العزل والإغلاق العام تبدي أثراً إيجابياً في محاصرة فيروس كورونا وتقليل أعداد الإصابات؛ ولكنها من جانب آخر تخلّف ملايين الضحايا من الفقراء والمحتاجين، فقد أثّر الفيروس على قطاعات واسعة من العمل وشلّ النشاط الاقتصادي للعديد من دول العالم، مما أدى إلى فقدان الملايين لوظائفهم وأعمالهم، حيث كان قسم كبير من هؤلاء يعتاش أولاً بأول من مردود هذه الأعمال.

ففي جنيف، المدينة السويسرية الغنية، اصطف، صباح اليوم السبت، أكثر من ألف شخص في طابور للحصول على عبوات طعام مجانية، مما يظهر أثر جائحة فيروس كورونا على العمال الفقراء والمهاجرين غير الشرعيين. وامتد الطابور أكثر من كيلومتر خارج حلبة تزلج، كان متطوعون يقدمون منها نحو 1500 عبوة للأشخاص الذين وقفوا في الطابور من الساعة الخامسة صباحاً. وقالت إنغريد بيرالا من نيكاراغوا، وتقيم في جنيف، لـ"رويترز" "مع نهاية الشهر تكون جيوبي خاوية، يتعين علينا أن ندفع الفواتير والتأمين وكل شيء". وقال مهاجر آخر إنه فقد وظيفته التي كانت في مطعم خلال الأزمة وليس لديه مال، وأضاف "أنا ممتن لتلقي هذه المساعدة وإذا تغير الوضع بالنسبة لي أتعهد بأن أفعل الشيء نفسه الذي يفعلونه من أجلي".

في أفغانستان، تبدو الصورة أكثر قتامة ودموية، حيث قال مسؤولون إن ستة أشخاص على الأقل قتلوا، اليوم السبت، خلال اشتباكات بين الشرطة ومحتجين غاضبين مما اعتبروه ظلماً في توزيع المساعدات الغذائية خلال أزمة فيروس كورونا، وذلك في إقليم غور الواقع غربي البلاد. وقال متحدث باسم وزارة الداخلية، لـ"رويترز"، إن أربعة مدنيين ورجلي شرطة لقوا حتفهم خلال هذه الواقعة، وأصيب نحو 12 آخرين خلال المظاهرة التي نشبت بسبب تزايد الاستياء مما يقال إنها محاباة في توزيع المساعدات لصالح من هم على صلة بالسياسيين.

وتوزع الحكومة الأفغانية مساعدات غذائية في أنحاء البلاد مع تسبب القيود المفروضة لمكافحة فيروس كورونا في خسارة الكثيرين لوظائفهم وارتفاع أسعار الغذاء. وقد سجلت أفغانستان 4033 حالة إصابة بالمرض و115 وفاة.

أما في البلدان العربية، فلا يبدو أن معظمها يعير اهتماماً للفئات التي فقدت أعمالها بقدر الاهتمام بتطبيق إجراءات العزل والإغلاق، تاركة جهود إنقاذ المحتاجين وإغاثتهم لمنظمات المجتمع المدني، إلا بعض المحاولات الخجولة، حيث بدأت بعض الدول العربية تتحرك مؤخراً لصرف بعض الأموال لإعانة العائلات الأشد فقراً، ضمن شروط لا تبدو متساهلة.

ففي تونس، أطلقت إحدى منظمات المجتمع المدني مبادرة تتمثل في تقديم مساعدات مالية، باستعمال الهاتف، لعائلات فقيرة لشراء مواد غذائية، خلال شهر رمضان وفترة الحجر، خصوصاً بعدما فقدت مصادر دخلها. وتتمثل المبادرة في تمكين العائلات الفقيرة من تسلّم مواد غذائية أسبوعية بما قيمته ستين ديناراً (حوالي 20 يورو)، وتم تنظيم ذلك عبر برمجية تربط المنظمة بنحو 250 محلاً تجارية، وتتسلم كل عائلة على هاتفها الجوّال رسالة تظهرها لصاحب المحلّ ليتم صرف الإعانة.

وتقول منظمة "بنك التغذية المستدام" إنها تمكنت من التواصل مع حوالي 300 عائلة في منطقة تونس الكبرى، بالتعاون مع وزارة المرأة.

وقد انطلقت المبادرة مع بداية شهر رمضان في تونس العاصمة، ومن المنتظر أن يتم توسيعها على المناطق الداخلية في البلاد، حيث ترتفع نسب الفقر داخل التجمعات السكانية المهمّشة. 

تقول مسعودة الروافي لـ"فرانس برس"، وقد جاءت لتتسلم مواداً غذائية حسب الاتفاق مع الجمعية، "فقدت بسبب الحجر الصحي عملي، كان بإمكاني تحصيل لقمة العيش لأطفالي السبعة وقد مكنتني الجمعية من 60 ديناراً أسبوعياً". وتعاني مسعودة من مرض في الجهاز التنفسي وتلازم بيتها منذ شهرين، وزوجها لا يعمل، وتبحث جاهدة عمن يعينها من منظمات المجتمع المدني التي ساهمت بصفة لافتة، خلال أزمة كورونا في تونس، في مساعدة المحتاجين من العائلات الفقيرة في مختلف جهات البلاد. أما زوجها، فيسعى جاهداً مع السلطات المحلية ليتسلم إعانة ماليّة بمئتي دينار خصصتها الحكومة للعائلات المحدودة الدخل خلال أزمة كورونا.

وكان رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ قد صرّح بأن حوالي مليونين من التونسيين يحتاجون لمساعدات خلال فترة الحجر الصحيّ، في بلد يبلغ عدد سكانه 11,5 مليوناً. وكانت تونس قد سجلت، منذ مطلع مارس/ آذار الفائت، 1030 إصابة و45 وفاة.

المساهمون