جمعدر خان: سعيد في باكستان رغم المعاناة

14 يناير 2018
"سوف أبقى هنا" (العربي الجديد)
+ الخط -

عندما كان في الثانية عشرة من عمره، وصل اللاجئ الأفغاني، جمعدر خان، مع عائلته إلى باكستان. تنقّل بين المدن بحثاً عن لقمة العيش، في حين راح يواجه صعوبات عدّة بسبب تعامل رجال الأمن والشرطة مع اللاجئين الأفغان. لكنّه على الرغم من ذلك، يؤكد أنّه سعيد في باكستان ولا يريد العودة إلى بلاده أفغانستان. ويقول: "أنا اليوم في الستينيات من عمري، وقد أمضيت حياتي كلها هنا. لذا أحب هذا البلد، وأرغب في البقاء فيه".

انتقل جمعدر خان من مخيّم إلى آخر، قبل أن يستقرّ به الحال في منزل طيني في قرية كشتي أبادي الواقعة في ضواحي العاصمة إسلام أباد. ويخبر أنّ لهذا المنزل مكانة خاصة، إذ "عشت مع والدَيّ فيه أوقاتاً ما زلت أذكرها بحلوها ومرّها، قبل أن أفقدهما. كذلك تزوّجت فيه. وما يسرّني أنّ ذلك حصل عندما كان والدَاي على قيد الحياة". يضيف أنّ "يوم زفافي كان بالنسبة إليهما من أحلى الأيام، خصوصاً أنّ أيامنا كانت مليئة بالهموم". ويشير إلى أنّه وعلى الرغم من كلّ الصعوبات التي عرفها في القرية، فإنّه يعشقها. ويعيد السبب إلى "أنّني عرفت فيها أياماً جميلة إلى جانب تلك الصعبة".

وجمعدر خان، أب لثلاثة أبناء وأربع بنات. وفي حين تقضي البنات أيامهنّ في المنزل وهنّ يساعدنَ والدتهنّ، يعمل الأبناء الثلاثة في سوق الخضار والفواكه، حيث يشتغل والدهم. وهم يعمدون إمّا إلى تنظيف تلك المنتوجات أو نقلها من مكان إلى آخر أو حملها إلى الحافلات ومنها إلى المحال. ويلفت جمعدر خان إلى "مشكلة رئيسية، وهي أنّنا جميعاً مضطرون للعمل حتى نتمكّن من توفير ما تحتاج إليه الأسرة، في حين لا نستطيع إصلاح المنزل أو الانتقال إلى آخر أفضل حالاً". فمنزلهم الطيني يتأثّر بالأحوال الجوية، لا سيّما عند هطول الأمطار وفي الحرّ الشديد.

ويشدّد جمعدر خان قائلاً "على الرغم من كل ما نواجهه من مشاكل وصعاب، فإنّنا مبسوطون في هذا البلد، ولن نعود إلى أفغانستان في أيّ ظرف كان ومهما أصرّت الحكومة الأفغانية أو السلطات الباكستانية". والمشاكل التي يواجهها هي نفسها التي يعاني منها غيره من سكان قرية كشتي أبادي، وهي أزمة المياه الصالحة للشرب ومياه الخدمة، إذ يضطرون لنقلها من منطقة بعيدة. فهي لا تتوفّر في القرية. كذلك، لا يستطيع هؤلاء في بعض الأحيان الحصول على المياه، خصوصاً خلال هطول الأمطار. فالمنطقة طينية وبالتالي لا يمكن التحرّك فيها في مثل تلك الظروف. من جهة أخرى، يشكو جمعدر خان واللاجئون الأفغان الآخرون من تعامل الشرطة معهم، ليس فقط لأنّها تحتجزهم في مراكزها أحياناً، بل لأنّها تأخذ منهم ما يكسبونه أو يدّخرونه.
المساهمون