مهسا أحمدي.. الإيرانيّة الأولى التي تمتهن القتال في الأفلام

15 نوفمبر 2015
لم تنل التقدير المناسب في إيران (العربي الجديد)
+ الخط -
كان لدى الإيرانية مهسا أحمدي حلم مختلف، هي التي لطالما تدرّبت على رياضة الجمباز. وبسبب صعوبة تحقيق الأمر في بلادها، صارت الممثلة البديلة الأولى في إيران

الحيوية التي تتمتّع بها مهسا أحمدي، والتي تبلغ من العمر 25 عاماً، قد تكون سبباً في النجاح العالمي الذي حققته حتى الآن، وإن كانت قد تدرّبت كثيراً لتصبح على ما هي عليه اليوم. لطالما أحبت الرياضة وتمتّعت بحسّ المغامرة. إلا أن المجال الذي قرّرت خوضه كان الخيار الوحيد المتاح أمامها، وقد برعت فيه.

اليوم، باتت أحمدي الممثّلة البديلة الأولى في إيران التي استطاعت تأدية مشاهد خطيرة في أفلام ومسلسلات إيرانية وعالمية بدلاً عن ممثلين آخرين. وتجدر الإشارة إلى أن الممثل البديل يجب أن يتمتع بلياقة بدنية عالية للقيام بحركات خطيرة قد لا يكون الممثلون العاديون قادرين على القيام بها في أفلامهم.

تروي قصّتها لـ"العربي الجديد". تقول إنها بدأت تمارس رياضة الجمباز منذ نعومة أظفارها، وقد نالت لقب أفضل لاعبة في إيران حين كانت في الحادية عشرة من عمرها، إلا أنها كانت تعلم أن الفتيات في إيران لا يمكنهن تطوير مهاراتهن في هذه الرياضة بعد سنّ الثامنة عشرة، إذ لا توجد نوادٍ لتدريبهن بعد هذا السن، ما اضطرها للبحث عن خيار آخر.

في السابعة عشرة من عمرها، عرفت عن تشكيل فريق "ممثلون بدلاء 13"، والذي ما زال يترأسه آرشا أقدسي حتى اليوم. يؤدي أقدسي وفريقه المشاهد الخطيرة في عدد كبير من الأفلام السينمائية الإيرانية، كممثلين بدلاء عن الممثلين الأصليين.

في ذلك الوقت، شعرت أن هذا المجال قد يفتح لها الباب للوصول إلى العالمية. كثيرون استغربوا رغبتها هذه، وخصوصاً أن هذه المهنة غير شائعة في إيران. خضعت لامتحان، وكانت الفتاة الوحيدة من بين عشرات رغبوا في العمل مع أقدسي.

في البداية، لم يتقبلها أقدسي والعاملون معه. لم يكونوا واثقين بقدراتها، على حد قولها، لكنها استطاعت تأدية جميع الحركات التي طلبت منها في الاختبار، ما أثار إعجاب المدرب الذي يرافقها حتى اليوم في كل مكان. تضيف أن كل من انضم إلى الفريق تركه مع مرور الوقت، إلا أنها الوحيدة التي ما زالت عضواً فيه منذ تأسيسه وحتى اليوم.

بصفتها ممثلة بديلة، كان على أحمدي تأدية مشاهد نيابة عن ممثلين وممثلات، وتحديداً الحركات الصعبة أو القتالية التي تتطلب تدريباً مضنياً. صحيح أنها عضو في فريق أقدسي، لكن إقناع المخرجين بعملها كان صعباً في البداية. تقول إنه كان لمدرّبها الدور الأبرز في تقدمها في هذا المجال، علماً أنه كان يصر أحياناً على أن تؤدّي الحركات الخطيرة أمام فريق العمل في الأفلام السينمائية، حتى وإن لم يستخدموا هذه المشاهد، الأمر الذي منحها ثقة الآخرين تدريجياً.

ما زالت تذكر المشهد الأول، حين حصلت على دور بديل عن ممثل شاب، وقفزت من سطح مبنى إلى آخر. بعدها، أدت دوراً بديلاً عن الممثلة الإيرانية المعروفة مهناز أفشار في فيلم "ابن آدم وابنة حواء" من إخراج رامبد جوان، والذي صوّر عام 2008.

في العام نفسه، كانت انطلاقتها الأولى خارج إيران. توجه فريق أقدسي إلى تركيا لتمثيل مشاهد في مسلسل تركي، علماً أنه أسست هناك نقابة "ممثلون بدلاء" التي لا يوجد مثلها في إيران. تقول أحمدي إنه لم يكن هناك أي فتاة في تركيا تعمل في هذا المجال، لافتة إلى أن "الممثلين البدلاء في تركيا ضعيفون للغاية"، ما ساعد على تقدّمها وتقدّم الفريق.

بعد ذلك، جاءتها الفرصة الأكبر على حد قولها. عرض عليها وعلى مدربها العمل في فيلم جيمس بوند "سكاي فول"، والذي صورت مشاهد عدة منه في تركيا. وفي عام 2012 نالت جائزة أفضل ممثلة بديلة عن هذا الفيلم من نقابة ممثلي السينما الأميركية. كذلك، نالت أخيراً جائزة الكريستال الخاصة في مهرجان "آكشن أوورد" في أميركا، لتكريم الممثلات البديلات، وحصلت على لقب أفضل ممثلة بين المرشحات.

ومن هوليوود انتقلت إلى بوليوود، وعرض عليها تمثيل مشاهد في فيلم "بانغ بانغ" الهندي في أبوظبي، وقد احتل المرتبة الحادية عشرة من بين الأفلام الهندية الأكثر مبيعاً في بوليوود. حتى اليوم، ما زالت تمثل في عدد من الأفلام الإيرانية، وهو أمر لم يمنعها من السعي إلى تحقيق ألقاب أخرى، فكانت المرأة الإيرانية الأولى التي تجرب السقوط الحر من علو مرتفع للغاية.

تقول أحمدي إنها تريد تحقيق المزيد، وتنوي الاستمرار في تدريباتها القاسية. لا ترى أن ما تفعله صعب كونها فتاة. كذلك، فإن أداءها بعض المشاهد الخطيرة لا يعني أنها تحب العنف. إنه حس المغامرة الذي تتمتع به. ولأنها تدرك أن أي خطأ بسيط قد يكون الأخير لها، تواظب على التدريبات، وعادة ما تكون حذرة خلال أداء المشاهد المطلوبة.

ترى أحمدي أنها لم تنل التقدير المناسب في إيران، فجميع الجوائز التقديرية التي حصلت عليها كانت عن مشاركتها في أفلام أجنبية. مع ذلك، لا ترغب في مغادرة البلاد، وتعمل مع فريقها لجعل هذه المهنة أساسية في السينما الإيرانية.

إقرأ أيضاً: فتيات "نينجا" في إيران
دلالات