إحصاء شهداء غزة ضحايا الحرب الإسرائيلية يمثّل تحدياً حقيقياً في القطاع المدمّر

15 اغسطس 2024
نقل جثث شهداء في مدينة غزة، 22 يونيو 2024 (عمر القطّاع/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تحديات إحصاء شهداء غزة**: يمثل إحصاء شهداء غزة تحدياً يومياً في ظل القصف المستمر، حيث تجاوز عدد الشهداء 40 ألفاً. يتم التعرف على الجثث من خلال أغراض شخصية أو الأقارب، وتُدخل المعلومات في قاعدة بيانات محوسبة.

- **عملية توثيق الشهداء**: تُدخل المستشفيات الحكومية المعلومات الشخصية ورقم الهوية لكل شهيد في قاعدة بيانات محوسبة، تُنقل يومياً إلى "السجل المركزي للشهداء". يتولى "مركز المعلومات" التحقق من البيانات لتجنب التكرار والأخطاء.

- **صعوبات التوثيق والجدل حول الأرقام**: أظهر تحقيق لمنظمة "إيروورز" توافقاً بين البيانات الرسمية وما أفاد به المدنيون على الإنترنت. تشكك سلطات الاحتلال في البيانات، لكن تعتمد المنظمات الدولية والأمم المتحدة على إحصاءات وزارة الصحة.

يمثّل إحصاء شهداء غزة ضحايا الحرب الإسرائيلية تحدياً حقيقياً يومياً في قطاع غزة الذي يتعرّض للقصف منذ أكثر من عشرة أشهر والذي تحوّل جزء كبير منه إلى ركام، الأمر الذي يثير أسئلة بشأن الطريقة التي تعتمدها وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع من أجل تحديد حصيلة الشهداء التي تجاوزت 40 ألف شهيد اليوم الخميس.

يفيد مراسلو وكالة فرانس برس الذين تردّدوا على مستشفيات في غزة مرّات عدّة، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بأنّ التعرّف إلى جثّة الضحية يجري إمّا من خلال أغراض عُثر عليها معها وإمّا من خلال أحد الأقارب. بعد ذلك، يُصار إلى إدخال المعلومات الشخصية الخاصة بالضحية إلى قاعدة بيانات محوسبة تابعة لوزارة الصحة في قطاع غزة، تتضمّن اسم الضحية وجنسها وتاريخ ميلادها ورقم بطاقة هويتها.

وفي حال عدم التمكّن من التعرّف إلى جثّة محدّدة، إمّا بسبب تشوّهها أو احتراقها، وإمّا لأنّ أحداً لم يطالب بها، في ظلّ مقتل عائلات بأكملها في بعض الأحيان في ضربة واحدة، فإنّ مقدّمي الرعاية الصحية يعمدون إلى تسجيلها بحسب رقم مع إدراج أكبر قدر ممكن من المعلومات التي تمكّنوا من جمعها حول الجثّة. وفي إطار هذه المعلومات، يُصار إلى تصوير المقتنيات التي عُثر عليها مع الجثة، من قبيل المجوهرات أو الساعات أو الهواتف المحمولة، بالإضافة إلى العلامات الخلقية، وذلك بوصفها أدلّة. وقد شهد مراسلو وكالة فرانس برس تقديم مؤسسات صحية معلومات في هذا الإطار إلى وزارة الصحة في قطاع غزة.

شهداء غزة في سجلّ مركزي

في عدد من البيانات الصادرة عنها، وصفت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة تفاصيل العملية المتّبعة لإعداد حصيلة الضحايا. في ما يتعلّق بالمستشفيات الحكومية، يُصار إلى إدخال المعلومات الشخصية وكذلك رقم الهوية الخاصة بكلّ فلسطيني قُتل في أثناء الحرب في قاعدة بيانات المستشفى المحوسب، بعد وصول الجثّة أو بعد وفاة الجريح وفقاً للوزارة. بعد ذلك، تُنقَل هذه البيانات يومياً إلى "السجلّ المركزي للشهداء" التابع لوزارة الصحة.

أمّا بالنسبة إلى شهداء غزة الذين يُنقَلون إلى مستشفيات خاصة، فإنّ المعلومات الشخصية الخاصة بكلّ واحد منهم تُسجَّل في استمارة تُرسل في خلال 24 ساعة إلى وزارة الصحة من أجل إدراجها في قاعدة البيانات المركزية.

ويتولّى "مركز المعلومات" وهو جهاز خاص بالوزارة مسؤولية التحقّق من المعلومات المقدّمة من المستشفيات الحكومية وتلك الخاصة، "للتأكّد من عدم احتوائها على تكرار أو أخطاء"، قبل تسجيل أسماء شهداء غزة في قاعدة البيانات. بالإضافة إلى ذلك، تدعو السلطات أهالي قطاع غزة إلى الإبلاغ عن استشهاد أحد الأقرباء عبر موقع وزارة الصحة التي تستخدم هذه البيانات في إطار عمليات التحقّق.

توثيق أسماء شهداء غزة ليس سهلاً

في سياق متصل، أظهر تحقيق أعدّته منظمة "إيروورز" غير الحكومية المتخصّصة في تأثير الحروب على المدنيين التي حلّلت نحو ثلاثة آلاف اسم تعود إلى أشخاص سقطوا ضحايا في الحرب، "علاقة قوية ما بين البيانات الرسمية (...) وما أفاد به فلسطينيون مدنيون على شبكة الإنترنت". وأكد التحقيق أنّ "75% من الأسماء المعلنة عبر شبكة الإنترنت مدرجة في قائمة وزارة الصحة".

لكنّ منظمة "إيروورز" لفتت إلى أنّ الأضرار التي لحقت بالمنظومة الصحية في قطاع غزة جعلت مهمّة تسجيل أسماء شهداء غزة أمراً أكثر صعوبة. على سبيل المثال، من بين 400 جهاز كمبيوتر في مجمّع ناصر الطبي، الذي يقع في مدينة خانيونس جنوبيّ قطاع غزة والذي يُعَدّ إحدى آخر المؤسسات الصحية العاملة جزئياً في المنطقة، لا يعمل إلا 50 جهازاً، وفقاً لما بيّنه مدير المستشفى عاطف الحوت لوكالة فرانس برس.

وعلى الرغم من أنّ سلطات الاحتلال الإسرائيلية تشكّك في البيانات الصادرة عن وزارة الصحة في قطاع غزة التي لا تتضمّن تفاصيل بشأن عدد المدنيين وعدد المقاتلين من بين مجموع الضحايا، فإنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي ورئيس حكومته بنيامين نتنياهو لا يشكّكان في حجم الخسائر الإجمالية.

تجدر الإشارة إلى أنّ وزارة الصحة في قطاع غزة أعلنت، اليوم الخميس، "ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 40 ألفاً وخمسة شهداء بالإضافة إلى 92 ألفاً و401 جريح منذ السابع من أكتوبر 2023"، علماً أنّ المكتب الإعلامي الحكومي يقدّر نسبة الأطفال والنساء من بين شهداء غزة بنحو 70%.

أرقام شهداء غزة تثير الجدال أحياناً

في بعض الأحيان، كانت تُقابَل الحصيلة الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة بالتشكيك، مثلما فعل الرئيس الأميركي جو بايدن في بدايات الحرب. لكنّ بايدن أشار في مارس/ آذار الماضي إلى "مقتل آلاف وآلاف من المدنيين"، من دون التعليق أكثر على صحة بيانات الوزارة التي تسجّل كذلك عدد الجرحى.

وتستند المنظمات الدولية وعدد كبير من الوكالات التابعة للأمم المتحدة، في بياناتها وتقاريرها، إلى الحصيلة الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، ولا سيّما وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي تعدّها إحصاءات ذات مصداقية. وفي نهاية أكتوبر الماضي، قال المفوّض العام لوكالة أونروا فيليب لازاريني: "في الماضي، كانت الإحصاءات المتعلّقة بجولات الصراع الخمس أو الستّ في قطاع غزة تُعَدّ ذات مصداقية"، مشدّداً على أنّ "أحداً لم يشكّك على الإطلاق بتلك البيانات".

من جهتها، قدّرت دراسة نشرتها مجلّة "ذي لانست" الطبية البريطانية أنّ 186 ألف وفاة يمكن إرجاعها إلى الحرب القائمة على قطاع غزة، بما في ذلك لأسباب غير مباشرة، مثل الوفيات المرتبطة بالأزمة الصحية.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون