هاهاها

14 مايو 2016
أضحك كثيراً (Getty)
+ الخط -


بإصبعَين فقط، أُمسِك زاويتَي فمي وأسحب الجهة اليمنى إلى أقصى اليمين واليسرى إلى أقصى اليسار. أجبر نفسي على ابتسامة. ومهما أكثر المحيطون القريبون والبعيدون في تحليلها، هل هي خارجة من القلب أو أنها مجرّد "شدّة بإصبعَين"، سأبتسم إلى أن يبتسم القلب وينسحب إصبعاي.

لستُ أنا. أستخدم ضمير المتكلّم لأنني ولأننا نخشاه. قد لا أكون أنا التي لا تبتسم أو تبتسم. هذه مجرّد لعبة مسليّة، وربّما تكون مضحكة مع الوصول إلى عدد الكلمات المحدّدة لإنهاء المقال.

أنا لا أضحك. نحن لا نضحك. في يومٍ بعيد، نقول إنّه من العمر، ضحكنا. نذكره كثيراً. كم ضحكنا في ذلك اليوم. ويتأخّر يوم جديد يكون من العمر أيضاً. عمرنا هو هذه الأيام القليلة. أخطأتُ. بل هو عمري. وإذا ما عاد فمي إلى شكله الطبيعي، سأشدّه مجدداً ولو استعنت بكل أصابع العالم. صورة مضحكة قد تنقلني إلى عيادة طبيب الأسنان.

أسأل صديقة عن حالها. "أضحك كثيراً". أجيبها أنّ وقتاً طويلاً مرّ قبل أن يقول لي أحدهم أمراً كهذا. بل مرّ وقت طويل قبل أن أصدّق أحداً قال هذا. نضحك معاً لأجل هذه اللحظة.

هنا، في منطقتنا، نُطلق عبارة ظاهرة على كلّ أمر يتجاوز شخصين، مثل الأسرار. وألاحظ أنّ الناس لا يبتسمون ولا يضحكون. ظاهرة العبوس وآفة اللاضحك. لو أنّهم يرون أشخاصاً يسقطون أرضاً يومياً لضحكوا كثيراً. ذلك المشهد يضحكني أكثر من أيّ شيء آخر. تلك الضحكة التي لا يجب أن تعطيها سبباً أو تفكّر فيها. فقط قهقهة تخرج من كل أنحاء الجسم، وقد تمتدّ لساعات.

لو أنّهم يضحكون، لما مرضوا بكلّ تلك الأمراض اللعينة أو الخبيثة، ولما عرفوا شيخوخة في ملامحهم. الدراسات تقول الكثير في هذا الشأن ولا تضحك علينا. أشتاق إلى ضحكات ليست استجابة إلى نكتة خارقة. مجرّد مواقف كسقطة أحدهم في الشارع، أو حين يستعير الأطفال كل ما يعرفونه من خضار وفاكهة لتسمية أنفسهم بها. "أنتَ خيار. بل طماطم. كزبرة وبقدونس". ويضحكون. لا. لن ندع أحداً يلتقط الصور لنا. ويضحكون.

صغاراً كنّا حين كان سائق باكستاني يقلنّا من المدرسة إلى البيت. من بين جميع الفنانين العرب، أحبّ مصطفى قمر. لا أكترث لصوته أو كلمات الأغنيات. لست في صدد أيّ تقييم فني. كنت مجرّد طفلة أسمعه يدندن الأغنيات، ويصرّ على اختيار طريق فيه هضبة صغيرة، فيملأ الهواء معدتي وقلبي، وأضحك. وكان هو يضحك أيضاً مردداً: ":كان يا ما كان".

أضحك ملء قلبي. لا أفهم هذه العبارة. لكنّني أتحسّس من خلالها كماً كبيراً من الضحك. أخالني أملأ القلب بضحكات. هل هذه أنا؟ ضمير متكلّم أو مخاطب؟ ربّما لن يكترث أحد، كثيراً، للإجابة عن السؤال. لكنّني سأضحك. ستضحك. سنضحك.

المساهمون