بواسطة مليشيات مسلحة... هكذا تدخل المخدرات إلى البصرة

05 فبراير 2018
مخدرات مضبوطة في البصرة (تويتر)
+ الخط -


بمعدل شبه يومي، تُعلن القوات العراقية في مدينة البصرة المطلة على مياه الخليج العربي جنوبي البلاد إلقاء القبض على أفراد وعصابات  يتاجرون بالمخدرات، ليعود ملف تعاطي المواد المخدرة في المدن العراقية إلى الواجهة.

وتفتح الظاهرة أبواب التساؤل عن مصادرها والمنتفعين منها، وفي حين يشير مجلس البصرة المحلي إلى أن المخدرات تدخل بطرق غير شرعية من دول الجوار وتحديداً من إيران، تؤكد المصادر أن عصابات المتاجرة تعمل بتنسيق عالي المستوى مع شخصيات متنفذة في الحكومة.

مصادر محلية، أفادت أن منع بيع المشروبات الكحولية في المدينة عزز من انتشار مواد مثل "الحشيش والكريستال والخشخاش". وقال مصدر محلي من البصرة، إن "المليشيات المسلحة التي تدّعي الانتماء للحشد الشعبي، أمرت بإغلاق جميع محال بيع المشروبات الكحولية، فلا يوجد في البصرة حاليا أي مُتاجرٍ بالمشروبات، وإن وجد فهذا يعني وجود اتفاق مصلحة مع المليشيات، أو أنه يغامر بحياته".

وبيّن لـ"العربي الجديد"، أن "انتشار المخدرات اللافت حصل بعد إغلاق محال المشروبات، إذ كثُرت المواد المخدرة فجأة وصارت تُباع بطرق متعددة". وأضاف، أن "المجتمع البصري كله يعرف أن إيران هي مصدر كل أنواع الحشيشة المنتشرة، لكن لا أحد يجرؤ على قول ذلك علناً، خشية من استخبارات الحشد الشعبي ومكاتبه التي تعاقب من يسيء لإيران".





وكان عضو البرلمان العراقي فائق الشيخ علي، قد كشف في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2017، في مؤتمر صحافي داخل مبنى البرلمان، على خلفية إقرار مجلس النواب منع بيع واستيراد المشروبات الكحولية في العراق عدا إقليم كردستان، عن "قيام مليشيات مسلحة تابعة لأحزاب إسلامية شيعية بالمساهمة في انتشار المخدرات في مناطق جنوب العراق من خلال زراعة مادة الخشخاش المخدرة"، مبينا أن "الأحزاب الإسلامية صوتت على منع المشروبات الكحولية كي يُفسح لها مجال المتاجرة بالمخدرات".

وقال الشيخ علي إن "الحبوب المخدرة وبذور الخشخاش تستورد من إيران"، لكنه تساءل عن سبب ارتفاع أسعار قناني الجعة في مناطق الجنوب، مقارنة مع أسعارها في بغداد، مؤكدا أن "الفارق الكبير بالسعر يذهب لصالح الأحزاب الشيعية التي تمتلك فصائل مسلحة". ولفت حينها إلى أن "القوادين أيضاً يدفعون أموالاً للأحزاب الإسلامية في مناطق الجنوب وبغداد، من أجل تسهيل عملهم".

التهريب والترويج بالاتفاق مع مليشيات مسلحة (تويتر) 


ونفى المجلس المحلي للبصرة بدوره وجود أي مزارع للخشخاش وأي مادة مخدرة أخرى. وقال عضو المجلس مجيب الحساني لـ"العربي الجديد"، إن "المخدرات المنتشرة في البصرة لا تزرع في المدينة، وهي ليست محلية الصنع إنما مستوردة من خارج العراق"، مشيرا إلى أن "أغلب المواد التي يتم ضبطها، يتضح بعد فحصها أنها إيرانية".

وأضاف أن "بعض المواد من حشيشة وحبوب مخدرة، تصل إلى البصرة عن طريق بغداد، وفي الحقيقة لا نعرف كيف تصل إلى العاصمة".

يشار إلى أن رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية حاكم الزاملي، دعا في وقت سابق، رئيس الحكومة حيدر العبادي إلى ضرب المجاميع المسلحة والمليشيات بيد من حديد، لافتا إلى أن "هؤلاء يهربون النفط ويسرقون أموال الدولة ويسيطرون على المزارع ويهربون المخدرات، ويجب ملاحقتهم حتى لا يتفاقم الوضع في البصرة".



وتدافع هيئة المنافذ الحدودية في البصرة عن نفسها، بأن "المدينة تحتوي على مطار وموانئ، وإن تهريب المخدرات ودخولها لا يمر بالضرورة عبر المنافذ البرية فقط".

وقال المتحدث باسم الهيئة العقيد، محمد الشويلي لـ"العربي الجديد"، إن "توجيه الاتهام لإيران وحدها على أنها مصدر كل المخدرات هو أمر غير منصف، فارتباط العراق مع الكويت من خلال الموانئ قد يؤدي الى حصول حالات تهريب، ونحن مستمرون بكشفها والقبض على المهربين وضبط المخدرات التي يحوزونها".

وأشار إلى أن "الجهود الأمنية داخل وعلى أطراف المدينة مستمرة، وبمعدل شبه يومي يتم اعتقال مهربين لمخدرات متنوعة وكميات مختلفة".

منفذ الشيب الحدودي بين إيران والعراق (فيسبوك) 


ويربط بين حدود العراق وإيران أكثر من منفذ بري، أبرزها منفذي الشيب والشلامجة. في حين تطل البصرة جنوبا على شط العرب وترتبط بالكويت بموانئ خور الزبير وخور عبد الله وأم قصر.

وفي السياق ذاته، كشف مصدر أمني اشترط عدم الكشف عن اسمه، أن "المهربين الذين يلقى القبض عليهم ويودعون في السجون، يتم تهريبهم، من خلال دفع أموال لشخصيات أمنية متنفذة، ويدفع تلك الأموال المهربون أنفسهم أو جهات تدعمهم، لقاء خروجهم". وبيّن لـ"العربي الجديد" أن "أغلب المهربين لديهم علاقات وطيدة مع قيادات في الشرطة المحلية، لذلك يخلى سبيل المهربين وتتلف سجلات إفادتهم واعترافاتهم".

وأضاف إن "المكاتب الإعلامية لقيادتي عمليات وشرطة البصرة تعمل دائما على تحوير الحقيقة، وتنشر بيانات تفيد بأن المواد المخدرة محلية الصنع، لكنها في الحقيقة إيرانية تصل إلى المدينة عن طريق المنافذ البرية بواسطة عصابات مدعومة مادياً ومعنوياً من مليشيات مسلحة".
المساهمون