ماذا يحدث في العالم؟

15 أكتوبر 2016
بعد قليل يبدأ صفّ الرقص الشرقي (جف باشود/فرانس برس)
+ الخط -
من حين إلى آخر، يختار أشخاص الانقطاع عن أحداث العالم. لحظات من دون أحداث وأكثر. ساعات أو أكثر. ربّما أيام. وإذا ما أردنا الكتابة، لا ننطلق من حدث أو نكتب عن حدث. لكن هذه هلوسات. لا يمكننا الابتعاد عن عالم نحن في قلبه. نقترب ثم نبتعد. ماذا يحدث في العالم اليوم؟ طائرات تقصف سماوات. أو هكذا يقال دائماً. ثم نستغرب كيف يُقتل الناس؟ أليست الطائرات في السماء؟

ماذا يحدث في العالم؟ في هذه اللحظة، يقول أحدهم نكتة. وأُخرى ترقص طويلاً، كأنّها توّاً تعرّفت إلى الرقص. وهذا الرجل في المقهى، ينتظر أن تمرّ فتاته، كما يحبّ أن يعرّف عنها. تمرّ بمحاذاته. ينظر إليها ويغادران. هذا يكفيه ليومه. ونظرات الغد تكفيه لغده. لن يجرؤ أن يقول لها أكثر من ذلك. اختار أن يحلم بها فقط. وهذا حدث. ربما لا يريد لأحلامه أن تتحقق. المشكلة أن الناس ما زالوا يطلقون على الأحلام المحقّقة "أحلام". ماذا يحدث في العالم؟ لا يدري. وماذا قد يحصل إذا لم يعرف ما يحدث في العالم؟ لا يدري. ربّما لا شيء.

لا تفهم ما تقرأه. تغلق جميع الصحف والكتب. تفتح الشباك وتنظر إلى الخارج. الناس في الطرقات والمحال مفتوحة، والسماء تستعدّ لقدوم الخريف. الأحداث بسيطة. هذا في طريقه إلى العمل. تلك أيضاً. يسيران على الخطّ نفسه ولا يتحادثان. غريبان في شارعٍ واحدٍ ومدينة واحدة. عادي. طفلٌ يركض في حيٍّ ضيق ويكاد يسقط. للحظة، تبدو هذه نهاية العالم.

لم يعد الخريف يجرؤ على القدوم. يتردّد كثيراً ثمّ يأتي سريعاً وينسحب. تحوّل إلى حلم لا داعي له. قلّة هم الذين ما زالوا ينتظرون سقوط أوراق الخريف. بالكاد يلتقط البعض القليل من الصور وينشرونها على "انستاغرام" أو "فيسبوك"، ويكتبون عنها. أليس هذا حدثٌ؟ سماء الخريف نفسها تستقبل طائرات العالم التي تبعث صواريخها إلى الأرض ولا تدري ماذا يحدث بعدها. هذه السماء نفسها تفتح فضاءها لطائرات ضخمة وغريبة، كأنّها تعلن انفصالها عن الأرض.

ماذا يحدث في العالم؟ يفترض أن تكون الإجابة بسيطة، وبالأرقام. في العالم حروب ورقم كبير من القتلى ورقم كبير من الجرحى ورقم كبير من اليتامى ورقم كبير من اللاجئين حول العالم. وتحدثُ أشياء أخرى. بعد قليل يبدأ صفّ الرقص الشرقي ولحظاتها الأجمل. بعد قليل تذهب إلى المستشفى لتتفقّد مرضاها. وبعد دقائق، ستستعدّ للنوم بعدما دهنت جسدها بكريم معطّر. تخشى أن تخذلها بشرتها. هذه أحداثها.

ونحن تعنينا الأحداث الأخرى. يبقى أنّ لا أحداث أكبر من أحداثنا الخاصة. لدينا بحرٌ تكاد مياهه تفيض وتغرقنا.


المساهمون