ارتفاع درجات الحرارة يهدد إيران

29 يونيو 2017
معدل الحرارة ارتفع 1.5 درجة (فاطمة بهرامي/ الأناضول)
+ الخط -

المسطحات المائية في إيران مهددة بالزوال بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ما يعرّض كائناتها الحية كذلك للموت.

أعلنت منظمة البيئة الإيرانية أخيراً أنّ المؤشرات رصدت ارتفاع درجات الحرارة في إيران، خلال السنوات الأخيرة، فبلغ المعدل الوسطي لهذا الارتفاع، خلال الأعوام العشرين الماضية، 1.5 درجة مئوية، وهو ما تسبب بجفاف عدد من المسطحات المائية ومنها الأحواض والأهوار.

وذكرت المنظمة أنّ 40 هوراً من أصل 250 موزعة في كلّ أرجاء البلاد قد جفت بالكامل. ويعود السبب في ذلك إلى ارتفاع درجات الحرارة من ناحية، وإلى عوامل جغرافية وإنسانية من ناحية أخرى، بحسب خبراء البيئة.

يؤكد عضو الهيئة العلمية في جامعة طهران ومدير الخطة الوطنية لمراقبة تغييرات المناخ، محسن ناصري، أنّ إيران جزء من الإقليم الذي يحيط بها، وارتفاع درجات الحرارة فيه أثر عليها بطبيعة الحال، وما زاد الأمور سوءاً هو أنها تضم أراضي جافة فضلاً عن مناطق صحراوية واسعة.

وفي حديثه مع "العربي الجديد" يقول ناصري إنّ ارتفاع درجات الحرارة يزيد من ظاهرة التبخر، وهو ما أثر على الأهوار في إيران، وهي التي تمتلئ بالمياه عادة في أواخر الشتاء وفي فصل الربيع، فجفّ عدد منها بينما عدد آخر معرض للزوال كذلك. يضيف أنّ تبعات الجفاف خطيرة ولا تؤثر على الأهوار فقط.

يرى ناصري أنّ هناك حلولاً وخططاً مطروحة بشكل رسمي، لكنّ لارتفاع درجات الحرارة عوامل جغرافية وأخرى إنسانية. يذكر أن العوامل الجغرافية صعبة وتتطلب حلولاً وخططاً طويلة الأجل بالتعاون وتوقيع اتفاقيات مع أطراف إقليمية ودولية، لكنّ مؤسسة البيئة الإيرانية تعمل جاهدة للتركيز على العوامل الإنسانية التي ترفع بدورها من درجات الحرارة، أو تساهم في تجفيف الأهوار. يقول إنّ هذه الخطط ترتكز في الأساس على آليات تقليل استهلاك مصادر الطاقة، فهي التي تؤدي إلى المزيد من الانبعاثات الغازية، وهو ما يساهم بدوره في رفع درجات الحرارة.

كذلك، يؤكد ناصري وجود خطط توعية موجهة إلى سكان بعض المناطق الإيرانية، ممن يقطنون بالقرب من الأهوار والبحيرات، وهي خطط طبقت جزئياً حتى اليوم، وقد أقرت منظمة البيئة الإيرانية والمؤسسات المعنية بهذه القضايا خططاً لتعليم السكان كيفية الحفاظ على هذه المسطحات، بما يساعد في الحفاظ عليها.

لكنّ خبراء البيئة يعتبرون القضية أكثر تعقيداً من هذا، فالأهوار أرض رطبة منخفضة تكبر فيها نباتات عدة، وهناك أهوار في الصحارى، كما عند مصبات الأنهار والجداول، وهو النوع الذي يتوزع في إيران أيضاً، وكون مياه الأهوار مالحة أحياناً وعذبة في أحيان أخرى، فتشكل بالتالي بيئة مناسبة لعدد من الحيوانات أيضاً، وهو ما يجعل من جفافها تهديداً من عدة جوانب.




لا يقتصر الخطر على ذلك، فالأهوار في إيران لا تتعرض لخطر الجفاف فقط، إنّما لخطر التلوث كذلك. يعتبر معنيون أنّ عدم تجهيز خطط دقيقة للتخلص من النفايات خصوصاً البقايا النفطية، يجعل بعضها يصب في مناطق تتجه نحو الأهوار، وهو ما يعني دمارها شيئاً فشيئاً، وزوال كلّ الكائنات الحية فيها. تقول خبيرة البيئة مجغان جمشيدي لـ"العربي الجديد" إنّ الأهوار جزء من بيئة طبيعية يجب الحفاظ عليها. تشير إلى دراسة أجرتها جامعة "تربيت مدرس" في طهران تؤكد ارتفاع درجات الحرارة بمعدلات أعلى في المدن الكبرى مقارنة بمناطق ثانية، وهو ما يتسبب بتغيير مناخ البلاد.

تضيف جمشيدي أنّه في طهران، على سبيل المثال، هناك اتساع عمراني كبير للغاية، ويستخدم المواطنون السيارات بكثرة، كما تحيط بالمدينة معامل تنفث الدخان، وكلّ هذا يزيد من ارتفاع درجات الحرارة تدريجياً.

كذلك، تشير إلى أنّ استخدام وسائل التدفئة التقليدية في وقت سابق، سواء في مدن أو قرى إيران، قبل الاعتماد على الغاز الطبيعي الممدد للمنازل في الوقت الراهن، ساهم كذلك بزيادة نفث الأبخرة والغازات، ما يعني استهلاك المزيد من مصادر الطاقة وكلّ هذا يزيد من التلوث وبالتالي يرفع درجات الحرارة.

وفي الحديث عن العوامل أيضاً، تعتبر أنّ ارتفاع عدد السكان بمقدار الضعفين منذ سنوات حتى الآن، وارتفاع استهلاك المياه، يؤدي إلى جفاف المسطحات المائية الجارية، وتزامن هذا والعوامل الجغرافية كارتفاع درجات الحرارة أو قلة تساقط الأمطار. وعندما تجف هذه المسطحات تتأثر الأهوار الموجودة عند مصباتها بشكل سلبي بكلّ الأحوال.

من ناحيته، يجد خبير البيئة بهروز بهزاد أنّ إيران معرضة للجفاف كثيراً بسبب عواملها الجغرافية، فالتحذيرات التي جرى إطلاقها منذ سنوات، حتى الآن، حول خطورة ارتفاع درجات الحرارة لم تلق آذاناً صاغية من المعنيين الذين لم يتنبهوا حتى الآن لخطورة الأمر ولتبعاته الجدية، بحسب تعبيره.

يصف بهزاد جفاف الأهوار بالظاهرة الجدية والخطيرة: "كثيرون لا يعتبرون الأهوار منبعاً هاماً، لكن يجب التنبه إلى أنّها جزء من الدورة الطبيعية وتشكل بيئة مناسبة لحياة كثير من الكائنات، وعدم الحفاظ عليها يعني أن ينفق العديد من الحيوانات والنباتات وهو ما يضرّ بالنظام البيئي في المجمل". يعتبر بهزاد أنّ ارتفاع درجات الحرارة عامل مؤثر ورئيس، لكنّ العامل الإنساني يزيد الطين بلة، ويجعل الوضع أكثر تعقيداً في كثير من الحالات.

دلالات
المساهمون