لو أنّنا أمسكنا بعمرنا

25 يونيو 2016
كنّا وجوهاً صالحة للابتسام والضحك (كيفين فراير/Getty)
+ الخط -
قبلَ عام أو أكثر.. قبل عشر سنوات مثلاً، أين كنّا؟ ربّما نحن قادرون على تحديد المكان. في الجامعة، أو في مرحلة البحث عن عمل، أو بناء صداقات، أو في مرحلة الحب، أو الإعلان عن أحلام صغيرة وكبيرة والإكثار من الأنا، تلك التي تكون أكثر براءة قبل أن تكبر. كيف كنّا قبل عشر سنوات؟ نحتاج إلى عقدٍ لنحكم على أنفسنا. الصور تقول إننا نكبر، والعمر أيضاً، وربّما عدم قدرة بعضنا على السهر كما في السابق.

بعد عشر سنوات، ضمّ ملاك الموت سنوات من عمرنا إليه. حين كنّا نظن أن السنوات العشر طويلة، حتى تكاد لا تنتهي، كان هو يسحبها من تحت أقدامنا من دون أن ندري. وقد كبرنا ولم تكبر أحلامنا بل باتت تصغر سريعاً. تولد قبل أن نولد، وتنتهي قبل أن يسحب ملاك الموت أرواحنا.. قبل ذلك بكثير.

كيف كنّا قبل عشر سنوات؟ كان الماضي أصغر. أحداثُهُ موضوعةٌ في علبةٍ صغيرة لم نكن نفتحها كثيراً. نسيرُ نحو أحداثٍ جديدة. بل نركض إليها. كأنّنا نصطاد سمكةً تلو أخرى، ولا نعرف إن كانت جميع الأسماك صالحةً للأكل أم لا. كانت الفتيات في حيرة. هل يردن أنفسهن مع كعوب عالية أو من دونها؟ بأثوابٍ قصيرة أو طويلة؟ مع شهادة دراسات عليا أو بكالوريوس؟ كان هناك وقت للتفكير ومزيد من التفكير والتجربة. نملك عقداً بطوله وعرضه قبل أن نصنع تجارب ونحمل مسؤوليات وننجح أو نرسب فيها.

قبل الآن، كنّا وجوهاً صالحة للابتسام والضحك.. والنوم. هل أنام؟ هل تنامون؟ يحقّ لي أن أبني الفرضيّة التي أشاء، وأعمل على إثباتها. أراهن أن أحداً لا ينام. من هو ذا الذي يغرق في نوم عميق، يستيقظ منه وقد احمرّت وجنتاه، بعدما استكان جسده لصمت الأفكار؟ أين هو الذي تخرج البسمات من فمه وقلبه وعينيه؟

قبل عشر سنوات، كنا نبحث عن المستقبل. وقد اجتزناه، وصرنا نبحثُ عما فاتنا. هل نبحثُ عن مستقبل اليوم أو أننا عالقون في الوسط نسيرُ على حبل رفيع، وعلى مسافة واحدة من الماضي والمستقبل؟

هل كنّا أكثر سعادة؟ ربّما. ليس الحاضر بشعاً، بل نحن من زدنا عليه أحداثاً ماضية حتى بات ثقيلاً، وبات سقوطنا فيه محسوماً. نحن هنا. اللغة تقول إن العالم رحب. اللغة تقول أن نكون أنفسنا. علم النفس يجهد لنكتشف هذه الأنفس. ماذا في داخلنا؟ نصرخ. آه. ونشعر بعضوٍ هو القلب. ذلك الذي يرتبط بحياتنا ويؤدي دور مُحرّك الروح، يتألّم فنتألّم. أين كنّا وكيف كنا وماذا نريد الآن، في هذه اللحظات؟ وغداً؟ السعادة هي مجرّد أدب. الحقيقة إذاً؟ حقيقة ذواتنا؟ وإن عرفناها. العمر يمرّ وملاك الموت يخزّن سنوات عمرنا. هل كنّا أكثر راحةً؟ نصرخ. آه. لو أنّنا أمسكنا بسنوات عمرنا جيّداً.

المساهمون