الطفل الأفغاني بسم الله الذي لم يتجاوز 12 عاماً، يجد نفسه قادراً على الدراسة والعمل في آن. ويتمنى أن يصبح جنرالاً في الجيش، ويشاهد مباريات كرة القدم
لا يعرف الطفل الأفغاني بسم الله من الدنيا إلا مدرسته وعربته الصغيرة التي يكسب بسببها لقمة العيش لأسرته الصغيرة. لكنه يأمل أن ينتسب إلى الجيش في المستقبل. يعمل طيلة النهار بخلاف إرادته، بسبب الأحوال المعيشية الصعبة. يذهب إلى المدرسة في الصباح الباكر، ولا يعود منها إلى المنزل بل إلى مكان العمل، حيث يبيع المشروبات والسجائر على العربة الصغيرة ليكسب لأهله لقمة العيش.
توقظه والدته في الصباح الباكر بصعوبة، بسبب حاجته إلى مزيد من النوم. أحياناً، يغضب ويخرج من دون أن يتناول فطوره أو تودّعه والدته. مع خروجه من المنزل، يبدأ يومه المرهق ما بين الدراسة والعمل، ولا عودة إلى المنزل أو راحة إلا بعد العشاء.
يدرس الطفل بسم الله (12عاماً) في مدرسة ناصر خسرو في الصف السابع. المدرسة خاصة، ويدفع الطفل شهرياً 500 أفغانية (نحو ستة دولارات)، بسبب فقره. يقول إن رسوم المدرسة مرتفعة، لكنّ المدير "يتعامل معي بشكل حسن، ويأخذ مني رسوماً رمزية وهي ستة دولارات. لكن المشكلة أن زملائي يأتون إلى المدرسة ومعهم المال لأن آباءهم يدفعون لهم. وفي وقت الاستراحة، يشترون الشطائر وأشياء أخرى للأكل، بينما لا أستطيع أن أفعل ذلك".
يؤكّد أنّ المشكلة تتعلّق بالكتب والدفاتر وأدوات أخرى لا يستطيع أن يشتريها. يضيف: "أحتاج دائماً لزملائي حتى أقرأ معهم في الكتب، وأستعير الأقلام. في بعض الأحيان، الأساتذة يوبخونني، وأشعر بالخجل أمام زملائي".
المشكلة ليست مشكلة بسم الله وحده، بل هذا حال جميع أفراد الأسرة. والسبب الأساسي هو أنّ الوالد مريض ولا يستطيع أن يعمل بشكل سليم. سورا خان البالغ من العمر (68 عاماً) مصاب بشلل نصفي، ولم يكن يستطيع أن يعمل لفترة طويلة إذ كان لفترة طويلة طريح الفراش. كما أن الأم لا تعرف القراءة والكتابة حتى تعمل. الآن، عاد إلى العمل بعدما تحسن وضعه قليلاً، وصار يبيع المشروبات على عربة أمام منزله. لكن ربحه اليومي لا يزيد عن 40 أفغانية، أي نصف دولار، بينما يدفعون بدل إيجار المنزل ثمانية آلاف أفغانية (100 دولار). كما أن والدته تعمل في البيوت لتسديد بدل إيجار المنزل قبل أي شيء، ويوفرون للأسرة ما تحتاج إليه.
يقول والد الطفل سوراخان إنّ "الحياة صعبة للغاية، حتى أنّني أتمنى لو تنتهي بسرعة، لأننا فقط نحافظ على رمق الحياة. أجلس طيلة النهار أمام المنزل وفي الحر والبرد لأكسب وأجمع المال لصاحب المنزل. زوجتي تغسل ملابس الناس وتنظف المنازل وتعمل في مطابخهم وتحضر لنا الغداء والعشاء".
يضيف الرجل أنه يأمل كأي والد أن يرسل ابنه إلى المدرسة ثم يرتاح في المنزل خصوصاً أنه طفل صغير وهذا وقت لعبه. لكن في هذا العمر، مضطر للعمل طيلة النهار من أجل لقمة العيش.
المشكلة الأساسية لدى الوالد، إضافة إلى مرضه، هي أنه لا يقرأ ولا يكتب ولم تتح له فرصة التعليم. بالتالي، يخشى الآن أن يحدث مع ابنه ما حدث معه، ويبقى من دون تعليم. الرجل أيضا تزوج في مقتبل عمره ولكن زوجته لم تنجب وبقي سنوات طويلة من دون أولاد. ثم تزوج أم بسم الله، وأنجبت ثلاث بنات وابنين أحدهما بسم الله والآخر نور أحمد الأصغر.
يقول سورا خان: "لو رزقني الله الأولاد باكراً، لكان وضعي أفضل. لكن لم يحدث ذلك. أكبر أبنائي بسم الله البالغ من العمر 12 عاماً يعمل لكنه لا يستطيع تأمين كل شيء، لا سيما أن أمه ترغب في أن يواصل دراسته، ونحن لا نستطيع أن نضغط عليه أكثر".
الطفل بسم الله طموح جداً. يتعب كثيراً لكنه لا ييأس، وعندما يجد الفرصة يذهب مع بعض زملائه إلى النادي الرياضي ويلعب لساعات، لا سيما أيام الجمعة. يأمل أن يجد يوماً فرصة للتدرب أكثر كي يكسب اسماً لبلاده في مجال الرياضة، على ما يقول.
ويأمل أن يكون في منزله تلفزيون لمشاهدة مباريات كرة القدم في وقت الفراغ. لكن والدته حالت دون تحقّق هذا الحلم، لأنه سيجلس إلى وقت متأخر ليلاً، وبالتالي لن يستطيع الاستيقاظ باكراً للدراسة أو العمل. يقول الوالد إن "ابني بسم الله يسمع من زملائه في المدرسة حكايات المباريات. وحين يأتي إلى المنزل، يطلب من أمه أن تشتري له تلفزيوناً كي يشاهد مباريات كرة القدم. لكننا لا نفعل ذلك لأننا نخشى أن يسهر حتى وقت متأخر في الليل. بالتالي، لا يذهب إلى المدرسة في الصباح ويترك العمل أيضاً". ومع كل ما يواجهه، يأمل بسم الله أن يصير جنرالاً في المستقبل. يحب أن يبدأ العمل في الجيش، وأن يترقى إلى رتبة الجنرال.