ضرورة إصلاح التعليم في تونس

09 مارس 2020
يعودون متعبين من المدرسة (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -
سعى العاملون في قطاع التعليم ونقاباتهم في تونس إلى تحسين ظروف عملهم في السنوات السابقة. من ذلك المطالبة بمنحهم امتيازات ما زالت معطلة، وإجراء إصلاحات ضرورية على مستوى المنظومة التربوية ككلّ. لكنّ الإصلاحات لم تحظَ باهتمام مطلوب من الجهات الرسمية وبقي الأمر يقتصر على تقديم وعود من الوزارة وعرض مبادرات من المجتمع المدني وبعض الخبراء لتقديم مشاريع واقتراحات حول أبرز النقاط الضرورية في تلك الإصلاحات، على أن يشمل الإصلاح التربوي الذي اقترحته الأطراف ضرورة مراجعة المنظومة التربوية على مستوى المناهج التربوية لأنّها قديمة لم تتطور، ومنظومة التقييم المدرسي، والدوام المدرسي.




وتجدر الإشارة إلى أنّ تونس حلّت في المركز 86 في جودة التعليم الابتدائي من ضمن 140 دولة شملها مؤشر جودة التعليم العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس عام 2017. يقول الخبير في مجال الطفولة إبراهيم الريحاني، لـ"العربي الجديد"، إنّه أعدّ مشروعا يحتوي على 25 توصية تهدف إلى حوكمة السياسة العمومية للطفولة في تونس قبل عام 2025. وقد أطلق عليه اسم مشروع 25/25. يضيف أنّه قدّم مقترح المشروع إلى كلّ من رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة. كذلك، يؤكد أنّه وقع التركيز في المشروع على "إصلاح المنظومة التربوية، خصوصاً على مستوى المدّة الزمنية للدراسة، والتقليص من طول الساعات اليومية التي تنهك التلميذ، مع تخصيص الحصص الصباحية لاكتساب المعارف، فيما تخصص الحصة المسائية للتنشيط التربوي الاجتماعي، مثل ما هو معمول به في جمهورية فنلندا، إلى جانب تقليص مواد التدريس والواجبات المدرسية التي ترهق التلميذ وتجعله ينفر من التعليم، لأنّه قد يمضي عشر ساعات في اليوم بالدراسة بين الحصص المدرسية والدروس الخصوصية، وهذا مرهق جداً خصوصاً لتلاميذ التعليم الثانوي".

على صعيد آخر، يشير الريحاني إلى أنّ "التعليم لا يعني امتداد الدروس ساعات طويلة لأنّه لا يعتمد على ترسيخ معلومات في هذه الحال بقدر ما يقع الاعتماد على سياسة التلقين والحفظ الذي ينهك ذهن التلميذ ولا يتيح له تطوير ملكة التفكير الإبداعي لديه". يضيف: "ارتفعت نسبة التسرّب المدرسي والتي فاقت 100 ألف سنوياً، نتيجة للحالة المعيشية لأغلب المتسربين، لكنّ المنظومة التربوية الحالية وإثقال كاهل التلاميذ بمواد تربوية كثيرة مع طول ساعات الدروس غالباً ما ينهك التلميذ ويجعله ينفر من الدراسة" ما يهدد بتسرب فئات جديدة لدوافع تربوية هذه المرة. يتابع: "قدمنا مقاربات حول كيفية تقليص عدد المواد المقدّمة في السنة الواحدة واتباع نظام زمني مقبول، بالإضافة إلى ضرورة الاعتماد على سياسة التفكير وليس التلقين".

وزراء التربية الذين تعاقبوا على الوزارة لم يخفوا من جهتهم ضرورة إدخال إصلاحات على المنظومة التربوية التي بقيت تقليدية ولم تتغير طوال سنوات. وقد أكد وزير التربية حاتم بن سالم، في يونيو/ حزيران 2018، أنّ "المنظومة التربوية الحالية تعتبر منظومة تقليدية لم تشهد إصلاحات جذرية معمّقة، والإصلاح الحقيقي يبدأ من المرحلة التحضيرية والابتدائية".

في إبريل/ نيسان 2015 انعقد حوار وطني لإصلاح المنظومة التربوية بمشاركة وزارة التربية والاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة عمالية في البلاد، إلى جانب المعهد العربي لحقوق الإنسان، باعتباره من الموقعين على اتفاقية مع وزارة التربية، وقد عرض مقترحاً لتغيير وتطوير المنظومة التربوية. وانبثق عن الحوار تقرير بعنوان: "التقرير التأليفي لإصلاح التعليم" يتضمن مجموعة من اللجان التي كلّفت بالعمل على مقترحات لإصلاح التعليم ومشروع قانون أساسي للتعليم لتعرض على البرلمان للمصادقة عليها. وبالرغم من مرور أكثر من أربع سنوات على مؤتمر الإصلاح التربوي وتخصيص تلك اللجان، فالمشروع لم يستكمل ولم يعرض على البرلمان للمصادقة.




يشير رئيس الائتلاف المدني لإصلاح المنظومة التربوية مصدق الجليدي، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "وزارة التربية لم تشرك العديد من الأطراف ذات الصلة في القطاع التربوي، خلال صياغة المشروع الوطني لإصلاح المنظومة التربوية، وأقصت العديد من مكونات المجتمع المدني التي لها مقاربات حول كيفية الإصلاح والنقاط الضرورية التي نحتاجها اليوم لتطوير التعليم وجعله يتماشى مع التطور التكنولوجي في العالم. كذلك، فإنّ مساعي تلك الإصلاحات بطيئة جداً، خصوصاً مع مرور أكثر من أربع سنوات على نهاية الحوار الوطني من دون الانتهاء فعلياً من صياغة مشروع وطني يمكن عرضه للمصادقة".
المساهمون