تأثير الألعاب النارية على الطيور

09 فبراير 2019
من احتفالات رأس السنة في بيروت (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -
في لبنان وبعض دول الشرق الأوسط، يكثر استخدام الألعاب النارية في مناسبات عديدة، منها الأعراس، والنجاح في الامتحانات، والعودة من الديار المقدسة، والأعياد، والخطب السياسية، ونتائج الانتخابات، والعودة من المستشفيات، والمهرجانات والاحتفالات المختلفة. ومنها المفرقعات الشديدة الانفجار التي تكون في العادة مصحوبة بأشكال ضوئية مختلفة.

هناك دراسات أثبتت التأثير السلبي للألعاب النارية على صحة وسلامة الإنسان، من جراء الغازات السامّة التي تنتج عنها مثل مركبات الفحم الكبريتي، والأوزون وثاني أوكسيد الكبريت وأوكسيد الكبريت، فكيف تؤثر على الطيور التي طبعاً لا تشارك الإنسان بهجته بها؟

يختلف التأثير في النهار عنه في الليل، وفي الشتاء عنه في الربيع أو الصيف. ففي الشتاء تنام العصافير جنباً إلى جنب على الأغصان أو الأسلاك، وعند حدوث الانفجارات تطير رعباً وهلعاً هاربة في العتمة، فيما الرؤية ضعيفة وينتهي الأمر ببعضها ميتاً من جراء الاصطدام بالأسلاك والحواجز، وتحطم جماجمها باللوحات الإعلانية والأغصان والأسوار والمنازل، وبعضها ببعض. أما الطيور المائية كالبط مثلاً، فتطير إلى ارتفاعات عالية قد تصل إلى 500 متر وتبقى هكذا حتى انتهاء المفرقعات، وربما تتسبب بحوادث للطائرات المارّة في مثل هذه الأوقات.

في النهار، إن لم تصطدم الطيور ببعضها، فهي تطير هلعاً باتجاهات مختلفة غير منتظمة، بحثاً عن ملجأ يحميها من المجهول. ولقد أدى هذا الأمر إلى موت بعضها من جراء توقف القلب عن العمل، بسبب الصدمة المفاجئة.

وفي موسم التكاثر والتفريخ، فإنّ الطيور التي تواجه ألعاباً نارية ومفرقعات تهجر أعشاشها وبيضها وصغارها إلى غير رجعة، ما يسبب تدهوراً في الأعداد وتهديداً لمبدأ الاستدامة. وهناك القليل من هذه الطيور يبقى في أماكنه وهو يحضن البيض فيغلب عليه حرصه وخوفه على صغاره من الأذى، لكنّ هذه الطيور تستخدم في الأيام التالية لمهرجانات الألعاب النارية بقايا هذه الألعاب المسمومة بالموادّ الكبريتية المؤكسدة في تزيين أعشاشها. وقد دلّت الإحصاءات في غير مكان أنّ المتضرر الأول من هذه الموادّ في الأعشاش هي الفراخ التي تلامس بأجسامها شبه العارية السموم، أو تتذوقها فتموت.

كأنّ الشرق الأوسط لا يكفيه ما يعانيه من الصيد الجائر وغير المسؤول، الذي يقتل الطيور باستخدام الحيلة والوسائل غير القانونية، التي تتسبب بمجازر كبيرة تنذر بعصر جديد، وهو عصر انقراض الطيور وزوالها على الأقل من بلدان شرق البحر المتوسط. هو التراث الذي يختبئون وراءه، فالصيد بالنسبة إليهم تراث والقتل الجماعي للطيور بشتى أنواع الأسلحة وشتى أنواع الحيل القذرة تراث. فهل كانت شباك التقاط الطيور للبحث العلمي قديمة العهد، فورثوا استعمالها عن آبائهم وأجدادهم كتراث؟ وهل البنادق المتعددة الطلقات كانت تقليدية فانتقلت إلى أيديهم كتراث؟ وهل سيارات الدفع الرباعي جزء من التراث فاستخدموها لملاحقة أسراب طيور في الحقول أو على الطرقات العامّة وإبادتها؟ وهل حصد الطيور بالجملة ثم رميها على جانبي الطريق تراث؟




التراث في معظمه ثقافة، ولأنّ هناك شيئاً يسمى ثقافة الموت، فأنا أرى أنّ الصيد أصبح في أيامنا هذه ثقافة قتل. وإلى أن تتخلص الأجيال الحالية من ثقافة القتل، فإنّ انقراض الأنواع الحيوانية التي تشمل الطيور سيكون النتيجة حتماً.

*اختصاصي في علم الطيور البرّية
دلالات
المساهمون