المهاجرون الأطفال نحو بريطانيا ضحايا شبكات الاتّجار بالبشر

03 ابريل 2017
يعبرون نفق المانش باتجاه بريطانيا (فيليب هيوغن/فرانس برس)
+ الخط -

حذّرت جمعيات خيرية من أنّ إغلاق الطرق القانونية للوصول إلى بريطانيا، وغياب خدمات حماية الأطفال، نشّطا أعمال شبكات تهريب البشر، وخلقا سوقا جديدة مرعبة تجبر الأطفال على سلوك طرق غير قانونية تغرقهم بالديون وتستغلّهم.

وذكرت صحيفة "ذا إندبندنت" أنّ زيادة عدد الأطفال اللاجئين العائدين إلى منطقتي كاليه ودنكيرك الفرنسيتين، في محاولتهم للوصول إلى بريطانيا، أوجدت قاعدة جديدة للمهرّبين والمتاجرين في المنطقة.

وارتفع باضطراد عدد اللاجئين دون السن القانونية الذين يصلون إلى دوفر كاليه في شمال فرنسا بطرق غير قانونية، منذ إغلاق مشروع "Dubs" المعني بطالبي اللجوء القاصرين، الذي تعهّد باستقدام الأطفال اللاجئين من دون مرافقين إلى بريطانيا، في بداية فبراير/شباط. ووفق الأرقام التي نقلتها الصحيفة، عُثر على 16 طفلا في شاحنات في ميناء دوفر الفرنسي، وتسلّمتهم السلطات المحلية في منطقة كينت للاهتمام بهم، خلال شهر فبراير الماضي.

ونقلت "ذا إندبندنت" عن السلطات في شمال فرنسا، أنّ أعداد المسافرين غير القانونيين الذين عُثر عليهم في الشاحنات في النفق الأوروبي، آخذ في الارتفاع، منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إذ بلغ عدد الذين اعتقلتهم السلطات الفرنسية، في يناير/كانون الثاني الماضي، 2100 مهاجر، بينهم عدد كبير من القاصرين.

وأشارت الصحيفة إلى أن مئات الأطفال اللاجئين غير المصحوبين عادوا إلى شمال فرنسا، تاركين مراكز الإيواء، خلال الأسابيع الأخيرة، بعد أن رفضتهم وزارة الداخلية البريطانية، لافتة إلى أنهم يعيشون حالياً في مخيّمات صغيرة يديرها مهرّبون، أو ينامون في العراء في كاليه. وقدّرت الصحيفة أعداد القاصرين الذين ينامون في شوارع كاليه بنحو 300 شخص، ونحو 120 قاصرا يقيمون في مخيّم "غراند سينث" في دنكيرك، فضلاً عن عدد مجهول منهم يعيش في مخيّمات خفيّة.

وأعلنت الحكومة البريطانية، في مطلع فبراير، أنّها ستغلق مخطط "Dubs"، الذي يهدف إلى منح ممر آمن إلى بريطانيا لنحو ثلاثة آلاف قاصر متواجدين في كاليه وحدهم. بيد أنّها أغلقته بعد قبول 350 شخصاً فقط، كما أنهت مخططا عاجلا لتقييم الروابط الأسرية المباشرة عن طريق تنظيم دبلن.

تلك الخطوة أثارت غضب منظمّات حقوق الإنسان، ما دفع وزارة الداخلية البريطانية إلى القول إنّها ستعيد النظر في حالات الأطفال المقيمين في مخيّم كاليه لجمع شملهم مع أسرهم، لكن قيل إنّ هذه العملية بطيئة جداً ولا تنطبق على القاصرين الضعفاء الذين لا أهل لديهم في بريطانيا، ما أدّى إلى لجوء عدد كبير منهم إلى الطرق غير القانونية.





وأمام يأس الأطفال، استغلّ المتاجرون الموقف، وراحوا يفرضون آلاف الجنيهات والشروط الصعبة عليهم. ووفقاً لـ"ذا إندبندنت"، فإنّ متوسط الرسوم يصل إلى 3000 يورو (2550 جنيها إسترلينيا) مقابل محاولة تهريب الشخص الواحد، و10 آلاف يورو (8500 جنيه إسترليني) مقابل ممر مضمون.

وقالت إيلين أورتيز، من مؤسسة "هامينغ بيرد" (منظمة تدعم الأطفال الذين تواجدوا في مخيم الغابة في كاليه)، "إنّ شبكة منظّمة من العصابات ومجموعات المهرّبين استغلّت يأس الأطفال، وفرضت عليهم مبالغ مالية للسماح لهم بمحاولة ركوب الشاحنات، وحمّلتهم ما يسمّى بالديون إن عجزوا عن الدفع".

ولفتت أورتيز إلى أنّهم "لا يساعدون بالضرورة الناس على الانتقال من مكان إلى آخر، بل يقولون لهم إن هذه المنطقة هي تحت سيطرتهم، وإن أراد أي شخص محاولة الصعود إلى شاحنة من تلك المنطقة عليه أن يدفع المال". وأشارت إلى أنها عرفت بعض الأطفال الذين لا يملكون المال وحاولوا التسلّل إلى الشاحنات، وأُلقي القبض عليهم وتعرّضوا للضرب العنيف، كما أُجبروا على تحمل عبء الديون عليهم، على أن يسددوها لاحقاً.

ويظهر تزايد نشاط المهرّبين في شمال فرنسا مع ارتفاع أعداد الأشخاص المضبوطين في الشاحنات أثناء عمليات تفتيش الحدود في نفق المانش الأوروبي.

وقال الأمين العام للاتحاد الوطني الفرنسي للنقل البري، سيباستيان ريفيرا، إنّ أعداد المهاجرين المضبوطين بدأت بالارتفاع، منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وبينهم نسبة كبيرة من القاصرين. وأضاف أنّ عدد المهاجرين الذين يُعثر عليهم في الشاحنات يصل إلى نحو 500 أسبوعياً، والعدد في تزايد. وأكمل أنّ الشرطة تحاول جاهدة تفكيك شبكات المهربين والمتاجرين باللاجئين، التي لا تزال مصدر قلق كبير.

ويأتي هذا بعد أيّام من تقرير "يورويول"، الذي كشف أنّ اتساع حركة تهريب أشخاص في أوروبا، بات مشابهاً لسوق المخدّرات غير المشروعة، مع شبكات إجرامية تسهل الحركة غير القانونية داخل الاتحاد الأوروبي، باعتبارها واحدة من الأنشطة الأكثر ربحاً وانتشاراً للجريمة المنظّمة في القارة.

ورأت الجمعيات الخيرية أنّه على الرّغم من أنّ النشاط غير القانوني في كاليه ليس جديداً، لكن عودة الأطفال إلى المنطقة وانعدام المساحات الآمنة أو توفّر خدمات لحمايتهم، جعلت القاصرين هدفاً سهلاً لمهرّبي البشر وعصاباتهم في المنطقة.



المساهمون