أجّلت منظمة الصحة العالمية، إعلان حالة الطوارئ الصحية، بشأن فيروس "كورونا الجديد"، مؤكدة استمرار انعقاد لجنتها المعنية بالفيروس، حتى الخميس المقبل، في الوقت الذي أعلنت فيه السلطات الصينية عزل أكثر من 11 مليون مواطن، اليوم الخميس، في خطوة غير مسبوقة، لمحاولة وقف تفشي الفيروس الجديد القاتل والذي أصاب المئات، وانتشر في عدة مدن ودول أخرى.
وأكدت المنظمة، خلال مؤتمر صحافي، أمس الأربعاء، أنّ التدابير التي تتبعها الصين، تحد من انتشار الفيروس. وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدحانوم غيبريسوس، إنّ الإجراءات التي اتّخذتها السلطات الصينية في ووهان، المدينة الواقعة في وسط البلاد والتي سجّلت فيها أول إصابة بفيروس "كورونا الجديد"، ستحدّ من مخاطر انتشار هذا الفيروس عالمياً.
Twitter Post
|
وردّاً على سؤال حول الإجراءات التي اتّخذتها السلطات في هذه المدينة الكبيرة البالغ عدد سكانها 11 مليون نسمة، والتي حظرت بموجبها مغادرة القطارات والطائرات منها، اعتباراً من الخميس، قال المدير العام للمنظمة الأممية "إنّها إجراءات قوية جداً". وأضاف "لقد قلنا لهم (للصينيين) إنّ اتخاذهم إجراءات قوية لن يتيح السيطرة على الوباء في بلادهم فحسب، بل سيحدّ أيضاً من مخاطر تفشّي الوباء عالمياً".
Twitter Post
|
مخاوف من تفشي الفيروس
وأودى فيروس كورونا المستجدّ الذي ظهر في ووهان، بـ17 شخصاً، حتى الآن، وأصاب المئات، بحسب حصيلة أخيرة أثارت الخشية من تفشّيه في العالم أجمع.
وذكر التلفزيون الرسمي الصيني، اليوم الخميس، أنّ الصين أكدت ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا الجديد إلى 571 حالة. وبلغ عدد الوفيات جراء الإصابة بالفيروس 17 حالة بحلول نهاية أمس الأربعاء، وجميعها في إقليم هوبي بوسط البلاد.
وبعد اكتشاف المرض في اليابان وكوريا الجنوبية وتايلاند وتايوان، سجّلت أول إصابة في الولايات المتحدة، الثلاثاء، لرجل ثلاثيني متحدر من ووهان ويعيش في سياتل في شمال غرب الولايات المتحدة. وهذا الفيروس هو نوع جديد من عائلة فيروسات الكورونا التي قد تسبب أمراضاً غير مؤذية لدى الإنسان كالزكام، لكنها قد تكون مصدر أمراض قاتلة مثل "سارس".
إجراءات وقائية في الصين
من جانبها، أعلنت السلطات الصينية، عزل أكثر من 11 مليون مواطن، اليوم الخميس، في خطوة غير مسبوقة، لمحاولة وقف تفشي الفيروس الجديد القاتل الذي أصاب المئات وانتشر في عدة مدن ودول أخرى خلال عطلة السنة القمرية الجديدة التي تشهد ازدحاماً في السفر داخل وخارج الصين.
كما قررت فرض الحجر الصحي بحكم الأمر الواقع على مدينة ثانية بهدف منع انتشار فيروس كورونا المستجدّ الذي تسبب باتخاذ تدبير مماثل في مدينة ووهان. وأوضحت بلدية المدينة أن حركة القطارات ستتوقف في هوانغانغ التي تعدّ 7.5 ملايين نسمة واقعة على بعد سبعين كيلو مترًا نحو شرق ووهان، حتى إشعار آخر في نهاية النهار.
وكان المقر العام المكلف مكافحة الوباء على المستوى البلدي في مدينة ووهان أعلن أن "السكان لا يجب أن يغادروا ووهان من دون سبب محدّد".وأوضح أن هذا القرار اتُخذ بهدف "منع انتشار الفيروس بشكل فعّال" في حين أن الصين تستعدّ للدخول الجمعة في عطلتها الطويلة لمناسبة رأس السنة الصينية التي تشهد كل عام تنقل مئات ملايين الأشخاص.
وفي ووهان قامت فرق من الشرطة وقوات التدخل السريع والأمن بإغلاق محطة قطارات، حيث سمح للركاب الذين يحملون تذاكر سفر فقط بدخول المحطة. وفي تمام الساعة العاشرة صباحاً بتوقيت الصين، سدت القضبان المعدنية مدخل المحطة، ليعود المسافرون أدراجهم، وهم يشكون من أنهم لا يملكون ملجأ آخر يمكنهم الذهاب إليه.
Twitter Post
|
وأظهر موقع "بيبرز لايف" الإخباري الذي بث صوراً مباشرة من المحطة، أنّ الجميع في المنطقة يرتدون الأقنعة. وعرض صوراً لطوابير المواطنين الذين اصطفوا لشراء الأقنعة من الصيدليات التي حددت حزمة واحدة لكل زبون، فيما ارتدى العاملون في المجال الطبي بدلات واقية خارج المستشفى حيث يتم علاج بعض المرضى المصابين بمرض الجهاز التنفسي الفيروسي.
Twitter Post
|
وقال غودين غاليا ممثل منظمة الصحة العالمية في الصين، في مقابلة مع مكتب منظمة الصحة العالمية في بكين: "على حد علمي، فإنّ محاولة احتواء مدينة يبلغ عدد سكانها 11 مليون نسمة أمر جديد في مجال العلم لم يجرَّب من قبل كأحد تدابير الصحة العامة. لكن لا يمكننا في هذه المرحلة التكهن بإمكانية نجاحها أو فشلها".
ونشرت وكالة "شينخوا" بياناً للسلطات المحلية طلبت فيه من جميع السكان ارتداء أقنعة في الأماكن العامة، وحثت موظفي الحكومة على ارتدائها في العمل، وطالبت أصحاب المتاجر بنشر لافتات لزوارهم. وقال البيان "كل من يتجاهل التحذير سيعاقب وفقاً للقوانين واللوائح ذات الصلة".
على الصعيد العملي، لن يُسمح لأحد بمغادرة ووهان، مركز الصناعة والنقل في مقاطعة هوبي بوسط الصين، حيث جرى إغلاق محطات القطار والمطار ومترو الأنفاق والعبارات والحافلات. ونقلت وكالة "شينخوا" عن فرقة العمل المعنية بمكافحة الفيروسات في المدينة قولها إنّ هذه التدابير تهدف إلى "وقف انتشار الفيروس والحد من تفشي المرض وضمان صحة الأشخاص وسلامتهم".
وحذر لي بن نائب مدير اللجنة الوطنية للصحة، مواطني ووهان، أمس الأربعاء، بضرورة تجنب الزحام والتجمعات العامة.
عبور مخيف للفيروس
وظهرت الأمراض الناجمة عن فيروس كورونا الذي تم التعرف عليها، أخيراً، للمرة الأولى في ووهان، الشهر الماضي، بيد أنه تم اكتشاف حالات أخرى في تايلاند والولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية. تم تأكيد حالة واحدة في إقليم هونغ كونغ الصيني الجنوبي، بعد تأكيد حالة واحدة في ماكاو. وكان معظمهم من ووهان أو سافروا، أخيراً، إلى هناك. وتوفي 17 شخصاً، جميعهم في ووهان والمناطق المحيطة بها. وكان متوسط عمر الضحايا 73 عاماً، وأكبرهم سناً يبلغ من العمر 89 عاماً وأصغرهم 48 عاماً.
وفي السياق نفسه، قال مسؤولون إنّ 16 شخصاً يخضعون للمراقبة الطبية، تحسّباً لإصابتهم بفيروس "كورونا" إثر تعاملهم عن قرب مع رجل من ولاية واشنطن جرى تشخيصه على أنه أول حالة إصابة في الولايات المتحدة بالفيروس.
وقال مسؤولون إنّ حالة المريض البالغ من العمر 30 عاماً في تحسن جيد، وقد يخرج من مستشفى إيفريت بواشنطن، قريباً. وأفاد كريس سببترز مسؤول الصحة بمنطقة سنوهوميش، بأنّ الأشخاص الذين كانوا على اتصال وثيق بالمريض، لم تظهر على أي منهم أعراض المرض. وأوضح أن "المخاطر على المواطنين تظل بسيطة".
وكان الرجل قد أصيب بحالة إعياء في مطلع الأسبوع، بعد أن سافر إلى ووهان بالصين مسقط رأسه، في نوفمبر/ تشرين الثاني وديسمبر/ كانون الأول، وشخصت حالته بالإصابة بفيروس "كورونا"، يوم الإثنين.
وفيروس كورونا المستجد ينتمي إلى سلالة الفيروس المسبب لمتلازمة السارس التنفسية الحادة، وظهر للمرة الأولى في ديسمبر/ كانون الأول في سوق في مدينة ووهان وسط الصين وامتد إلى دول أخرى في آسيا وإلى الولايات المتحدة حيث سجلت أول إصابة الثلاثاء. واعتبر المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها أن خطر انتقال المرض إلى أوروبا "متوسط"، لكنه قد يرتفع خلال احتفالات رأس السنة الصينية، التي تشهد حركة نقل كبيرة.
ويسبب الفيروس أعراضاً مماثلة للبرد أو الأنفلونزا، وقالت منظمة الصحة العالمية إن ظهوره مرتبط بسوق للمأكولات البحرية في ووهان أكبر مدينة بوسط الصين، والبالغ عدد سكانها نحو 11 مليون نسمة. وجرى إغلاق السوق منذ ذلك الحين.