في انتظار المخرجات

07 فبراير 2019
في محميّة طبيعية بالسودان (أشرف الشاذلي/ فرانس برس)
+ الخط -

كما الطيور المهاجرة التي تقلصت موائلها وفسدت، كذلك هي توصيات ومخرجات وبنود الملتقيات العالمية حول تغيّر المناخ التي تبقى في الفضاء ولا تجد لها موطئاً على أرض الواقع إلّا في ما ندر. ينطبق الأمر على دول أفريقية كثيرة وعلى دول العالم الثالث، من بينها السودان. وتجد الإنسان هنا هو الفاعل ونائب الفاعل والمبتدأ، لكنّك قد لا تجد لديه الخبر ولا تجد سبب وضع البيئة دائماً في خانة المفعول به.

إن كان إفساد موائل الطيور وتقلّصها قد حرمنا نعمة التأمّل والتفكير فيها مثلما حرم الطيور حقّها في الحياة التي فُطرت عليها، فإنّ فساد بيئة العمل البيئي وهشاشته قد حرم معظم دول العالم الثالث من حقّها في تلقي فرص التمويل لمشاريع التكيّف مع تغيّر المناخ وفق مخرجات الملتقيات والتزامات الدول الصناعية الكبرى، وفي أحيان كثيرة نجدها وقد حُرِمت حتّى من حقّ عرض رؤيتها.

في الحالة الأولى، نجد يد الإنسان تطاول كلّ ما حوله ولسانه يفلح في تعليق إخفاقاته على مشجب التغيّرات المناخية، جاهلاً أو متجاهلاً دوره فيها. ويتحدّث الخبير البيئي المتخصص في عالم الطيور، الدكتور ضاوي موسى من جامعة الخرطوم، عن انقراض أنواع عدّة وعن أخرى تُضاف في كلّ عام إلى قائمة الأنواع المهدّدة بالانقراض.

أمّا الحالة الثانية (فساد بيئة العمل البيئي)، فنجد أنّ يد السياسة هي الأطول. على المستوى العالمي، دول كبرى تجاهر بعدم التزامها باتفاقية أو أخرى وترفض البرتوكولات الملزمة، وقد وصل الأمر إلى حدّ انسحابها من استضافة الملتقيات بحجّة السياسات الداخلية، مثلما فعلت البرازيل أخيراً. وعلى مشجب التساوي في الحقوق والواجبات، تعلّق الولايات المتحدة الأميركية وندائدها قبّعاتها وترفع عقيرتها مطالبة بضمّ الدول المدرجة من ضمن دول العالم الثالث، بينما باتت انبعاثاتها تتساوى أو تفوق تلك الخاصة بالدول الصناعية العظمى.

محلياً، تفسد بيئة العمل بفعل السياسة، بالإضافة إلى ضعف الثقافة البيئية والناتج المتمثّل في ضعف التعاطي مع متغيّرات المناخ العالمي. والشاهد أنّ البيئة تأتي - دائماً - في أسفل قائمة اهتمامات السياسيين عندنا، فوزارة البيئة تُعدّ من وزارات الترضية السياسية مثلها مثل وزارة العمل والقوى العاملة. وتتغيّر مسميّاتها ومواقعها في مطبخ السياسة اليومي، ولا تجد من يعيرها اهتماماً.




ومثلما تأتينا الطيور مهاجرة، يهاجر من بلدنا في كل عام بعض الخبراء والعلماء والمهتمين بشأن المناخ، في معيّة آخرين لا علاقة لهم بالأمر، ليؤلّفوا وفد السودان إلى الملتقيات. لكنّ مشاركاتهم تلك تنتهي في الغالب عند وصولهم إلى مطار الخرطوم الدولي، ففي البلاد تتقلّص منابر القول وفرص الفعل، بل تكاد تنعدم. ولا عزاء للمنتظرين على رصيف الأيام من الفقراء والريفيين والمزارعين والرعاة الذي يشهدون ويشعرون بالتغيّرات بلا رؤى علاجية.

*متخصص في شؤون البيئة
المساهمون