عنصرية وتنكيل باللاجئين الأفارقة في إسرائيل... بشرتك سوداء فحُريّتك أقل

24 سبتمبر 2017
إسرائيل تعتقل العشرات إدارياً بهدف ترحيلهم(أورين زيف/فرانس برس)
+ الخط -
العنصرية والتنكيل، مصطلحان يصفان بعض ما ترتكبه المؤسسة الإسرائيلية بحق اللاجئين الأفارقة الذين تعتقلهم بالمئات، وبلا محاكمات لكثير منهم، في حين يقبع بعضهم في السجن رغم انتهاء محكومياتهم، وفق معطيات جديدة.


الجهات الإسرائيلية المعنية، لا تلتف على حقوق الإنسان والمواثيق الدولية فقط، وإنما على قرارات المحاكم الإسرائيلية أيضاً بخصوص هذا الملف، ما يولّد معاناة كبيرة لدى هذه الشريحة من اللاجئين.

منذ يناير/كانون الثاني 2016 وإلى مارس/آذار 2017، احتجزت دائرة السكان والهجرة والشرطة الإسرائيليتان 311 لاجئاً من إرتيريا والسودان، بحسب ما كشفته صحيفة "هآرتس" العبرية اليوم، وسجنتهم إدارياً، وامتد سجن بعضهم أشهراً طويلة، حتى أولئك الذين حامت حولهم شبهات جنائية، ولم تثبت بالدليل، زجوا في السجون بلا محاكمات.

وتستند السلطات الإسرائيلية في سجن اللاجئين، إلى "قانون الدخول إلى إسرائيل"، الذي يتيح احتجاز شخص "إذا كان في إطلاق سراحه خطر على أمن الدولة، وسلامة أو صحة الجمهور"، رغم أن المحكمة العليا الإسرائيلية، سبق أن انتقدت سلب حرية طالبي اللجوء في حال لم يكن بالإمكان إبعادهم عن إسرائيل، مثلما هو الحال بالنسبة لمواطني إرتيريا والسودان، وإن كانت نفس المحكمة، لم تمنع الدولة من احتجاز طالبي اللجوء بدون محاكمة في حالات معينة.

لتقريب الصورة حول الذرائع المستخدمة لاحتجاز وسجن اللاجئين، نسوق مثالاً ورد في الصحيفة العبرية، عن لاجئ من جنوب السودان، كان مشتبهاً بضلوعه بتجارة المخدرات، وتم سجنه مدة شهرين بلا محاكمة.

ويقول ذلك اللاجئ إن عناصر من الشرطة اقتحمت بيته وقامت بتفتيشه، ثم اقتادوه إلى محطة الشرطة، وأخبروه أنهم " ضبطوا مواد في بيته"، لكنه رغم إنكاره ذلك، اقتادوه إلى السجن دون عرضه على المحكمة.


"قالوا لي عد إلى دولتك، لا نريدك هنا"، يروي اللاجئ حكايته، فأخبرهم أنه لا يستطيع العودة إلى بلاده، فضغطوا عليه للمغادرة إلى أوغندا أو رواندا، لكنه رفض. عندها قالوا له أنه لن يتم إطلاق سراحه لأنه يشكل خطراً. "سألتهم كيف لي أن أشكّل خطراً؟! فقالوا: وجدنا مواد (مخدرات) في بيتك. قلت: إذاً لماذا لا تعرضوني على المحكمة؟ خُذوني إلى المحكمة. فأجابوا: ليس هنالك محكمة". وسجن اللاجئ لفترة، ثم تم التوصل إلى صفقة ادعاء، حيث اعترف تحت الضغط، بأن بحوزته مخدرات للاستخدام الشخصي.

هذا مثال واحد من أمثلة كثيرة، بحسب الصحيفة العبرية، التي تشير إلى أن الأساليب التي تستخدمها المؤسسة الإسرائيلية ليست جديدة، ولكن المعطيات تدل على حجم استخدامها.

ورغم أن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، حدد في عام 2014، الظروف التي يمكن احتجاز اللاجئين فيها من خلال الاعتقال الإداري، ومنها المس بسلامة الجمهور وأمنه، وعلى الرغم من توصية مفوض مراقبة الحدود، المخول بإصدار أوامر اعتقال إدارية، بالأخذ بعين الاعتبار خطورة المخالفة وعدم زج اللاجئين بالسجن بدون محاكمة إذا لم يكن الأمر خطيراً، واعتماد البدائل، بيد أن الشرطة الإسرائيلية تختصر الطريق، وتتجاوز المحاكم في حالات كثيرة، وتزج بهم بالسجون بأوامر إدارية.

وتظهر المعطيات الرسمية أنه منذ بداية 2016 وحتى مارس/آذار 2017، تم سجن 223 من طالبي اللجوء المشتبه بارتكابهم مخالفات بدون محاكمة، كما تم الإبقاء على حبس 88 آخرين باعتقال إداري رغم انتهاء فترة عقوبتهم، ما يعني التنكيل بهم وتجاوز التوصيات وحتى القضاء في هذه الحالات.




بشرتك سوداء...حريتك تساوي أقل


في تعليقها على الموضوع، وتأكيداً على العنصرية،  قالت رعوت ميخائيلي، من مركز حقوق اللاجئين في جامعة تل أبيب، إن المؤسسة الإسرائيلية، "حرمت 311 شخصاً من حقهم في محاكمة عادلة في السنة ونصف السنة الأخيرة، ولم يتلقوا أي استشارات أو تمثيل قانوني ولم يُعرضوا على القضاء".

وأضافت "الدولة أتاحت منظومة تؤدي إلى قيام نظام قانوني منفصل، لأولئك الذين لون بشرتهم مختلف (السُمر)، في كل ما يتعلق بالمسار الجنائي، متجاوزة كل مقومات العدالة التي قد يتمتع بها كل شخص آخر في إسرائيل. إذا كنت طالب لجوء أفريقياً، فببساطة حريتك تساوي أقل من غيرك".

سلطة السكان والهجرة الإسرائيلية، رأت في تعقيبها على ما أوردته الصحيفة العبرية، أنها تعمل وفق التعليمات كما تم تحديدها مسبقاً من قبل المستشار القضائي للحكومة، والتي أُقرت حتى من المحكمة العليا وتنص على أن "المفوض من قبل سلطة السكان والهجرة يجب أن يستخدم صلاحياته، إذا كان الأجنبي يشكل خطراً على سلامة الجمهور".

أما الشرطة فردت أنها تنفذ أوامر سلطة السكان والهجرة، وتعليمات المستشار القضائي للحكومة وتعمل وفق القانون.

ويشار في السياق إلى أن المحكمة العليا الإسرائيلية، أصدرت قراراً في أغسطس/آب الماضي، يتيح طرد اللاجئين الأفارقة، خاصة إلى روندا وأوغندا، بموجب اتفاق سري مع إسرائيل. لكنها ذكرت في قرارها أيضاً أنه لا يجوز احتجاز من يرفض المغادرة لأكثر من شهرين.

وبين هذا وذاك، تستمر وتتعمق معاناة اللاجئين الأفارقة، فلا قانون واضحاً يحميهم ويبيّن حقوقهم، ولا محاكمات عادلة ولا وطن يأويهم، فضلا عن تجنيد الشارع الإسرائيلي ضدهم، وسط مطالبات بطردهم.

 

المساهمون