خلود وكريم

17 فبراير 2016
أينما وُجدا، تحيّة لحلمهما بالحياة (رسم: أنس عوض)
+ الخط -

بفستان زفاف زهريّ اللون، حقّقت خلود حلمها. في ذلك الصيف، احتفلت عائلة الصغيرة البالغة من العمر - حينها - ثمانية أعوام، بزفافها. هي حلمت بالزواج من كريم البالغ من العمر اثنَي عشر عاماً، وكان لها ما أرادت وسط الزغاريد وعلى أنغام فرقة زفّت الحبيبَين الصغيرَين.

لم تكن خلود في يوم، طفلة مدلّلة كثيرة النزوات. وزواجها الذي أصرّت عليه، لم يشجبه أيّ من الناشطين في مجال حقوق الطفل، ولم يُعَدّ زواج قصّر. أكثر من ذلك، نقلت كلّ وسائل الإعلام اللبنانيّة لقطات من حفل زفافها، من دون إبداء أيّ استهجان.

في تلك اللقطات، تظهر الصغيرة فخورة بشعرها الكستنائيّ الطويل والكثيف، وقد غطّت بعضاً منه طرحة زهريّة اللون تحمل - كما الفستان - توقيع مصمّم الأزياء العالميّ زهير مراد. وتبتسم بشفتَين لوّنتهما اختصاصيّة التجميل التي اهتمّت بإطلالة العروس. إلى جانبها، يقف كريم ببدلته الرسميّة الخاصة بيومهما الكبير، حليق الرأس.

قبل ذلك اليوم من صيف عام 2008، أفصحت خلود عن "حلمها الكبير"، فحقّقه لها والداها غير مباليَين بسنّها الصغيرة. كلّ ما كان يهمّهما هو رسم ابتسامة على وجه صغيرتهما، وإبهاجها. والصغيرة كانت قد تعرّفت إلى كريم، قبل فترة من الزمن، في ذلك المستشفى حيث تلقّيا معاً العلاج، طويلاً. هو علاج من مرض السرطان.. ذلك الخبيث الذي استهدفهما بشراسة.

مذ ذلك الحين، لم يتابع أحد حالة خلود التي كانت فرِحة في "يوم زفافها" بالشعر الكستنائيّ الطويل والكثيف.. المستعار. هي كانت قد خسرت شعرها الطبيعيّ من جرّاء العلاج، وكانت حليقة الرأس تماماً مثل "عريسها" كريم. الأخير أيضاً، لم يتابع أحد حالته.

في "يوم زفافها"، كانت خلود فرِحة بشفتَيها الملوّنتَين وبوجنتَيها المتورّدتَين، التي خبأت اختصاصيّة التجميل شحوبها ببعض المستحضرات. كانت فرِحة، وراحت تشدّ بيدها اليسرى على يد كريم، في حين تمسك باليمنى باقة من الأزهار. تلك من مستلزمات "العروس".

اليوم، قد تكون خلود في السادسة عشرة من عمرها، وكريم في العشرين. اليوم، قد يكونان "حبيبَين حقيقيّين" وينويان الزواج، أو قد تكون العلاقة انقطعت بينهما.

اليوم، قد تكون والدة خلود التي تمنّت زفافاً حقيقياً لابنتها في ذلك الحين، تضع باقات من الأزهار تشبه تلك التي حملتها صغيرتها في "يومها الكبير"، هناك حيث ترقد بسلام. قبل ذلك الزفاف الصوريّ، كانت حال الصغيرة حرجة جداً. قد لا تكون احتفلت بعيد ميلادها السادس عشر، قد لا تكون احتفلت بعيد ميلادها التاسع.

قبل يومَين، في الخامس عشر من فبراير/شباط، كان اليوم العالميّ لسرطان الأطفال. أينما وُجدا، تحيّة لخلود وكريم.. ولحلمهما بالحياة.

اقرأ أيضاً: "هيداك المرض"
دلالات
المساهمون