ذباب أزرق يغزو بيروت

12 نوفمبر 2015
مشكلة النفايات في لبنان مستمرة (حسين بيضون)
+ الخط -
يتخوف السكان في منطقة الأشرفية في العاصمة اللبنانية بيروت، من ظهور أمراض جديدة في أحياء المنطقة بعد انتشار موجة ذباب كبيرة هناك. وبين نظرتين طبيتين، الأولى تؤكد عدم خطورة الذباب، والثانية تشدد على العكس، تشير الجهات الرسمية إلى أنّ أجهزتها قامت برش المبيدات لمنع انتشار الذباب.

من جهتهم، يعيد الأهالي انتشار الذباب إلى الجرذان النافقة في أماكن جمع النفايات بالقرب من مرفأ بيروت، مع العلم بأنّ مشكلة النفايات لم تجد طريقها إلى الحلّ بعد في لبنان.

وتقول منيرفا شلهوب من سكان المنطقة لـ "العربي الجديد": "لم نعد نحتمل أكثر: روائح كريهة من النفايات على الطرقات، فيما حرقها يجعلنا نختنق. زادت الحساسية لدى ابني وتفاقم سعاله وزكامه. واليوم أضيف إلى كلّ شيء الذباب بلونه الأزرق الذي بات يحاصرنا بالتلوث، وللأسف المسؤولون غائبون عن السمع. باختصار، أكلتنا الزبالة.. أخاف من الأمراض التي ستصيبنا مستقبلاً.. الله يستر".

أما هاغوب الذي طلب عدم ذكر اسم عائلته، وهو صاحب مطعم في المنطقة، فيقول: "للأسف نكشّ الذباب طوال الوقت، فإذا غطت واحدة منها على أكل المطعم سنخسر زبائننا مع حكمهم على قلة نظافتنا، وسنخسر سمعة المطعم في نهاية المطاف. ولهذا نلجأ إلى رش المبيدات، ومعها حرق الفحم لإبعاد الذباب عن المطعم. لكنّها حلول موقتة في ظل تقاعس الدولة عن التخلص من النفايات".

الذباب المنتشر في الأشرفية من اللون الأزرق. وهذا النوع يتغذى على الفضلات واللحوم والجثث المتعفنة. اشتهر الذباب الأزرق بكونه ذباب المقابر، فهو يضع بيضه على الجثث فتفقس يرقات تتغذى على الجثة. بعد أسبوع من التغذية تدخل الذبابة في طور العذراء. وبعد ثلاثة أسابيع تتحول إلى الحشرة الكاملة، لتعيد دورة الحياة على جثة أخرى.

يشتهر الذباب الأزرق أيضاً بذباب العنقود. ويعرف علمياً باسم "كاليفورا". أما شعبياً، فيقول المثل اللبناني الشائع: "لن يعرف الذباب الأزرق طريقه". وهو نوع من التهديد، والتباهي بالقدرة على إخفاء شخص ما أو دليل. ويعود التشبيه إلى القدرة الكبيرة لدى الذباب الأزرق على كشف أماكن الجثث، عن طريق قرون الاستشعار لديه التي تشبه هوائيات اللاسلكي. ويمكن للذباب الأزرق شم رائحة الجثث عن بعد أكثر من 3 كيلومترات، فيطير إليها ويضع عليها بيضه. وبالرغم من هذه المسافة، يصل الذباب الأزرق بسرعة إلى الجثث وفي غضون دقائق، خصوصاً الجثث الحديثة.

من الجانب الطبي، يقول رئيس المجلس الوطني للبحوث العلمية، جورج طعمة، لـ "العربي الجديد": "لا داعي للقلق من كثرة الذباب، سواء الأزرق أو غيره، فهو لا يشكل خطراً على الصحة العامة، كون اللبنانيين معتادين عليه منذ ستينيات القرن الماضي وسبعينياته". ويتابع: "الذباب عادة يهرب من الأمطار، خصوصاً بعد هطول أمطار غزيرة جداً، ويأتي بعد ذلك في الطقس المشمس، فيتكاثر في هذه الفترة بالذات. والأمر نفسه يحدث في أوروبا خصوصاً في فرنسا التي تشهد موجات من الذباب في شهر أغسطس/ آب من كلّ عام".

من جهة أخرى، يشير طعمة إلى أنّ الذباب "يتكاثر بقوة أيضاً إذا وجد وكراً معيناً. لكنّ هذا الوكر لا يشترط أن يكون من النفايات. والطريقة الأفضل لطرده من المنازل إشعال الفحم مهما كان نوع الذباب".

في المقابل، يقول الطبيب المتخصص في الأمراض الجرثومية، الياس الهراوي، لـ "العربي الجديد": "يجب التنبه من خطورة الذباب لجهة نقله الجراثيم من مكان إلى مكان. فإذا حطت الذبابة رحالها على النفايات المحملة بالجراثيم والميكروبات، يمكن أن تنقلها إلينا بأطرافها في حال غطت على أجسامنا أو على غذائنا".

ويضيف: "صحيح أنّ الذباب لا يؤذي مثل البرغش (البعوض)، كون الأخيرة تلدغ وتمص من دم الإنسان، لكنه يبقى خطيراً. ويمكن الاحتماء منه بوضع الأطعمة في الثلاجة دائماً، والتعوّد على غسل الأيدي، فالنظافة مهمة جداً في تفادي الأمراض المعدية من أيّ صنف".
أما على الصعيد الرسمي، فيؤكد رئيس بلدية بيروت، بلال حمد، لـ "العربي الجديد"، أنّ البلدية تواصل العمل على حلّ المشكلة. ويقول: "نوّد أن نعلم الناس أنّه فور وصول خبر موجة الذباب إلينا، أرسلنا فريقا متخصصاً لرش المبيدات في مناطق انتشاره للقضاء عليه". ويضيف: "لكنّ أهم ما يجب معرفته هو أنّ النفايات الموجودة اليوم، والمكدسة في منطقة الكرنتينا، بالقرب من مرفأ بيروت، موضبة بشكل جيد، ولا يتسرب منها مواد قد تسبب التلوث".

إقرأ أيضاً: كارثة صحيّة على الأبواب
المساهمون