قبل أربع سنوات وصلت سيدرا اليوسف لاجئة مع أسرتها، والديها وأخيها الصغير، إلى الدنمارك، كانت في عمر السابعة عشرة يومها، وهجرت مدينتها حلب بسبب الحرب وملاحقة النظام السوري لوالدها، طبيب الأسنان وعضو البرلمان السابق.
فقدت الشابة سيدرا 38 شخصاً من أقاربها في هجوم النظام الكيميائي في خان شيخون العام الماضي، وعاشت لحظات عصيبة وهي على مقاعد دراستها الثانوية، ما دفعها للتفكير بالتخلي عن حلمها بدراسة الطب، بحسب ما ينقل التلفزيون الدنماركي الرسمي "دي آر" عن قصتها.
اللاجئة الشابة التي صممت على تعلم اللغة والدخول في دراسة تأهيلية أساسية ومتابعة الصف العاشر ثم الثانوية، وجدت نفسها بعد إجازة أيام من المدرسة وحديثها مع المعلمين، تعود مصممة على تحقيق حلمها "فهناك من يحتاج للعلاج، هنا أو في سورية"، تنقل عنها القناة الرسمية.
بتفوق أنهت دراستها الثانوية في بلد اللجوء، الدنمارك، محققة علامة تعتبر الأفضل بين الدنماركيين لتخوض في فترة قصيرة ما لم يخضه مقيمون لسنوات في هذا البلد. عندما حضرت العائلة وجدت نفسها تعيش في أقصى جنوب البلد بمدينة أوبنرو، غير بعيدة عن حدود ألمانيا الشمالية. ورغم كل التحديات لصبية لم تبلغ بعد الثامنة عشرة أنجزت تعلم اللغة في 6 أشهر، وتأهلت رغم "كل العثرات التي واجهتُها، وسؤالي لنفسي: متى سأنهي كل ذلك؟"، تقول سيدرا التي استمرت في قطع أشواط في دراستها بأوقات قياسية لتحقيق هدفها.
وبالرغم من التأثير النفسي الكبير على الأسرة لفقدان عدد كبير من الأقارب دفعة واحدة في مذبحة السلاح الكيميائي و"استمرار التفكير بالحرب في بلدي، كنت أعرف أن لا شيء سيكون سهلا. فكرت كثيرا بأنه من غير العدل أن أجلس أنا على مقاعد الدراسة وأفقد في الوقت نفسه كل هؤلاء الأقارب في سورية". تصميمها على استكمال حلمها أعادها إلى المدرسة ومنها إلى كلية الطب التي تتابع فيها سنتها الدراسية الثانية اليوم، وتقول "فكرت أنه حين أكون طبيبة سأستطيع مساعدة الناس هنا في الدنمارك وفي سورية مستقبلا"، رغم أن مسألة العودة ليست في الأفق الآن.
أثار تفوق سيدرا وسائل الإعلام الدنماركية مع بدء الدراسة الجامعية حالياً وأدرجت قصتها بعنوان "من لاجئة إلى دراسة الطب". إذ تبين أنها حصلت على معدل عالٍ بلغ 11.7 من 12 وتلقت التهاني ممن يعرفها ولا يعرفها.
وبدأت سيدرا بعد قبولها بكلية الطب في كوبنهاغن إلى جانب مئات الدنماركيين، رحلتها معتبرة أنه "لا يجب الالتفات إلى التعليقات السلبية، لأن التوقف عندها سيعني ألا تواصل طريقك، فاللاجئ ليس فقط لاجئاً، يمكننا فعل الكثير غير تعلم اللغة".
وينقل عنها التلفزيون الدنماركي رسالتها بأنه "حتى لو كان المرور بالنظام التعليمي في الدنمارك أمراً صعباً، فإن كل اللاجئين لديهم الفرصة ذاتها"، كالتي حصلت عليها بعد الإقامة في البلد. وترى أن "من الضروري التحصيل العلمي، وليس دراسة الطب فقط، فالعلاقات بين الناس مهمة للوصول إلى الهدف".
اليوم انتقلت سيدرا إلى سكن طلابي في كوبنهاغن مع صديقاتها الملتحقات بالجامعة، وتختم "إذا ما شعر الإنسان بالراحة والسلام في البلاد يمكنه أن يكون ما يريد، من المهم أن ندعم بعضنا بعضاً في المجتمع، لنترك التحيز والنظرة المسبقة عن اللاجئين ليحققوا ما يريدون في حياتهم".