يتجه الحوثيون إلى التعامل بالريال الإلكتروني بهدف حل مشكلة السيولة النقدية التي تعاني منها المناطق الخاضعة لسيطرتهم والتي تتداول العملات الورقية القديمة التالفة، لرفضهم التعامل بالأوراق النقدية التي قامت الحكومة اليمنية بطباعتها. يأتي ذلك في ظل تحذيرات متواصلة من العملات الورقية للحد من مخاطر فيروس كورونا، لما قد تحمله من أضرار صحية لنقل الأمراض والأوبئة.
ويشهد اليمن انهيارا متواصلا للعملة الوطنية، في ظل حرب طاحنة تشهدها البلاد منذ خمسة أعوام، وعدم وجود سلطات رسمية على أرض الواقع وتجميد البنك المركزي اليمني، بالإضافة إلى نفاد الاحتياطي من النقد الأجنبي واستخدام العملة التالفة وطبع نقود بدون غطاء.
في هذه الأثناء، دعت اللجنة الاقتصادية التابعة للحوثيين، كافة الجهات الحكومية والمنظمات العاملة في مجال تقديم المعونات النقدية، والتجار، والمواطنين للحد من استخدام الأوراق النقدية، والاتجاه نحو استخدام النقود الإلكترونية، في ظل تزايد عدد الحالات المصابة بفيروس كورونا حول العالم.
وقالت اللجنة، في بيان اطلعت عليه "العربي الجديد"، إن هذه الخطوة تأتي استشعاراً للمسؤولية لما قد يسببه تزاحم جموع المواطنين على مراكز صرف المساعدات النقدية بشكل خاص، وتعامل المواطنين بالنقد الورقي بشكل عام من أضرار صحية تساهم بشكل كبير في احتمالية انتشار الفيروس في حال ظهوره.
وحسب قول الباحث في المركز الاستشاري المالي في اليمن (مستقل)، حميد ناشر، لـ"العربي الجديد" فإن هناك مخاطر اقتصادية وصحية عديدة للعملة التالفة في اليمن والتي بإمكانها نشر العدوى لكثرة لمسها وتلفها، وخصوصاً أن طريقة استخدام المواطن اليمني لعملته الوطنية يشوبها نوع من العبث يؤدي إلى إتلافها.
وحسب ناشر، فإن هناك إهمالا من قبل الجهاز المصرفي اليمني والمؤسسات المالية الرسمية في التوعية بمخاطر العملة التالفة وكيفية المحافظة عليها، إضافة إلى رداءة طباعتها والتي تؤدي سريعاً إلى تلفها.
ومن جانبه، قال رئيس قسم العلوم المالية والمصرفية في جامعة ذمار اليمنية، محمد الرفيق، إن قرار تنفيذ العملة الإلكترونية تأخر كثيراً، إذ كان من المفترض تنفيذه منذ بداية الحرب في العام 2015. وأكد الرفيق لـ"العربي الجديد" أهمية الاتجاه للريال الإلكتروني ليس فقط لحل مشكلة السيولة ولكن كضرورة اقتصادية في ظل الظروف الراهنة التي يمر فيها اليمن، إذ سيكون لهذه الخطوة دور كبير في معالجة الاختلالات في بيئة الأعمال وتحديثها وخلق استقرار في بيئة الأعمال التجارية والاقتصادية والاستثمارية وتحسين وضعية العملة اليمنية أمام العملات الأجنبية.
والريال الإلكتروني خدمة مالية تعتمد على الهواتف النقالة، إذ تتم عملية التداول بالشراكة مع أكبر الجهات المصرفية وأوسعها انتشارا بحيث يكون الحساب المصرفي للعميل هو نفس رقم هاتفه النقال أو مرتبطا به، إذ تتم عبره إدارة عدد من العمليات مثل الشراء والتحويل والتسديد والشحن والإيداع والسحب وغيرها من العمليات المالية والتعاملات التجارية.
وأبدى تجار ومتعاملون في القطاع المصرفي اليمني تخوفهم من التحول المفاجئ للمحافظ المالية الإلكترونية، مع عدم وجود ضمانات تحفظ حقوق جميع المتعاملين وفق هذا الإطار المالي الجديد.
ويرى التاجر معتصم الحريبي، في حديث لـ"العربي الجديد" أن فشل تجربة "البطاقة السلعية" التي تم تنفيذها قبل عامين ينبغي أن يكون درسا مهما يستفاد منه قبل الإقدام على تنفيذ تعاملات مالية إلكترونية جديدة على السوق اليمنية بدون تهيئة البيئة المالية والمنظومة القانونية المناسبة التي تحفظ القطاع التجاري وتحميه من أي خسائر قد تؤدي إلى الإفلاس.
وينفذ الحوثيون منذ منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي قراراً صارماً بمنع تداول العملة الجديدة المطبوعة من قبل الحكومة اليمنية التي ردت على القرار بإيقاف رواتب موظفين مدنيين يتبعون عدداً من الجهات الحكومية العاملة في مناطق سيطرة الجماعة، مثل المتقاعدين والصحة والتعليم والعدل والقضاة وجهات أخرى.
وقام البنك المركزي اليمني الخاضع لسيطرة الحوثيين بسحب ومصادرة العملة الجديدة وتعويض المواطنين المتضررين عن طريق الريال الإلكتروني خصوصاً للمبالغ الكبيرة، وهو ما حذر منه البنك المركزي التابع لحكومة عدن (جنوب)، واعتبر التعامل بالريال الإلكتروني وأي وسيلة دفع غير مرخصة قانونياً استهدافا للاقتصاد الوطني وسلبا لمدخرات المواطنين.
وعقب الحرب الدائرة في اليمن منذ نحو خمس سنوات، كان هناك ما يشبه الانفجار النقدي في اليمن مع انكشاف الاقتصاد وتشتت السياسة النقدية وخروج نحو تريليون ونصف من العملة الورقية النقدية من البنك المركزي إلى الأسواق، منها ما يزيد على 200 مليار ريال معظمها من الفئات 50 و100 و200 و250 ريالا كانت معدة للإتلاف.