تونس: 4 تحديات بانتظار المحافظ الجديد للبنك المركزي

13 فبراير 2018
"المركزي" التونسي بانتظار محافظه الجديد (فتحي بليد/فرانس برس)
+ الخط -


يستعد البرلمان التونسي لمنح ثقته إلى محافظ البنك المركزي الجديد، مروان العباسي، خلال جلسة عامة من المقرر أن تُعقد بعد غد الخميس، بعد أن أعلن رئيس الحكومة تفعيل إجراءات إعفاء المحافظ السابق، الشاذلي العياري.

ويأتي تكليف محافظ جديد بإدارة البنك المركزي التونسي في وضع اقتصادي صعب، يجعل مهمته في غاية الدقة، وسط 4 تحديات تشمل تهم الفساد وغسل أموال باتت تطاول مديرين ومسؤولين في المصرف المركزي، ما وضع تونس على قائمة اللوائح السوداء الأكثر عرضة لتمويل الإرهاب، إضافة إلى تراجع الاحتياطي وانخفاض قيمة الدينار وزيادة العجز التجاري.

ويوصف محافظ البنك المركزي الجديد بالخبرة في المجال المالي والاقتصادي، وهو خبير لدى البنك الدولي مكلف بالملف الليبي، منذ سنة 2010.

واتخذ رئيس الحكومة التونسي، يوسف الشاهد، قرار عزل الشاذلي العياري الذي ترأس البنك المركزي منذ عام 2012، بعد إعلان البرلمان الأوروبي عن تصنيف تونس ضمن القائمة السوداء للبلدان الأكثر عرضة لغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتزامن ذلك مع نزول احتياطي مخزون البلاد من العملة الصعبة إلى أدنى مستوياته منذ سنة 2003.

وأظهرت بيانات للبنك المركزي في يناير/ كانون الثاني الماضي، أن تفاقم العجز التجاري أدى إلى تراجع احتياطي العملة الصعبة الذي أصبح يغطي واردات البلاد لمدة 89 يوما فقط، وهو أضعف مستوى في 15 عاما. وحسب البيانات، فإن الاحتياطي الأجنبي بلغت قيمته 12.306 مليار دينار تونسي، أي نحو 5.123 مليارات دولار.

ويقول الخبير المالي معز الجودي، لـ"العربي الجديد" إن المحافظ الجديد مطالب ببعث رسائل إيجابية سريعة للمستثمرين، عبر خفض نسبة الفائدة في أول اجتماع لمجلس إدارة البنك، والإعلان عن عملية تدقيق شامل، فضلا عن المزيد من تفعيل لجنة التحاليل المالية لتعقب الحسابات المشبوهة.
وأضاف الخبير المالي أن من المهام الأساسية للمحافظ الجديد إعادة هيبة البنك المركزي، وإصلاح ما تعثر من السياسة المالية للبلاد.

واعتبر الجودي أن إحكام الرقابة على المنظومة المالية والبنكية للبلاد والصرامة في تطبيق التشريعات المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال، سيساعدان على خفض المخاطر التي كانت وراء تصنيف تونس الأخير على قائمة الدول الأكثر عرضة لتبييض الأموال.

ولفت إلى أن هذا التصنيف من شأنه الإضرار بالمصالح التونسية وإعاقة الكثير من مشروعات التنمية، والتأثير بشكل مباشر على تدفق الاستثمار الأجنبي على البلاد.

وكان الاتحاد الأوروبي قد أدرج تونس، خلال نهاية السنة الماضية، ضمن القائمة السوداء للدول التي تمثل ملاذات ضريبية، قبل أن يتراجع عن ذلك، بعد تعهد السلطات التونسية بإجراء مجموعة من الإصلاحات على مستوى الامتيازات الضريبية الممنوحة لعدد من المؤسسات الاقتصادية في تونس، خاصة الشركات التي تصدر إنتاجها بالكامل إلى الأسواق الخارجية.

وحول إمكانية تأثير زيادة المخاطر المالية في تونس على خطط اقتراض مليار دولار من السوق الدولية، قال الجودي: الثابت أن تونس ستقترض بنسبة فائدة عالية بسبب المتغيرات الأخيرة، غير أن تغيير محافظ البنك المركزي في هذا التوقيت يبعث برسائل إيجابية حول رغبة السلطات في إصلاح المسار المالي.

في المقابل، نقلت وكالة "بلومبيرغ"، الجمعة الماضية، عن المحلل لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة "يوراسيا" بنيويورك، ريكاردو فابياني، قوله "إن "تغيير منصب محافظ المركزي قد يؤدي إلى تأجيل طرح تونس سندات دولية (يورو بوند) بقيمة مليار دولار، والذي كان مخططاً أن يتم خلال الأسبوع المقبل".

وأضاف: "أعتقد أن التوقيت سيئ. يرسل إشارة سيئة للغاية، لن أفاجأ إذا ما قرروا تأجيل الطرح، بالنظر أيضاً إلى ما يجري في الأسواق العالمية".

وأعقب قرار إعفاء الشاذلي العياري فتح ملف تبييض الأموال، ما أدى إلى سلسلة إيقاعات طاولت مسؤولين في البنك، شرع القضاء في التحقيق معهم، بعد الاشتباه في تورطهم في جرائم، من بينها تكوين وثائق بقصد الاعتداء على الأملاك وجرائم غسل الأموال واستغلال موظف عمومي أموالا عمومية بدون وجه حق، والارتشاء.

ويصف عضو البرلمان ووزير المالية الأسبق، سليم بسباس، مهمة محافظ البنك المركزي الجديد بالدقيقة، مشيرا إلى أن عمله سيكون تحت مجهر البرلمان.

وأكد بسباس، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المحافظ الجديد سيكون مطالبا بإعادة الاستقرار المالي الذي أثر على الموازنات العامة للبلاد والمستثمرين والمواطنين، بسبب بلوغ معدلات التضخم معدلات قياسية ناهزت 6.9%.

وأضاف عضو البرلمان أن المحافظة على استقرار الدينار سيعيد للأسعار رشدها. وعرفت نسبة التضخم في تونس نسقاً تصاعدياً منذ بداية السنة الماضية، وارتفعت من 4.6% خلال يناير/ كانون الثاني 2017، إلى 6.9% في يناير/ كانون الثاني 2018.

المساهمون