يرى اقتصاديون سوريون، أن الموازنات التي تعلنها حكومات بشار الأسد، منذ عام 2012، هي حبر على ورق، هدفها فقط القول، إننا لا زلنا دولة تقر الموازنة وتخصص ميزانيات قطاعية.
يقول المحلل المالي علي الشامي، إن العبرة ليست بإقرار المبالغ الهائلة خلال الموازنة، ولكن في امتلاك تلك المبالغ أولاً وفي إيصالها للقطاعات الحكومية ضمن الشق الاستثماري، أو تحسين حياة السوريين عبر زيادة أجورهم من الشق الجاري.
وأكد الشامي لـ"العربي الجديد" أن حكومة بشار الأسد لم تصدر قانون قطع الحسابات لست موازنات سابقة، فكيف يمكننا معرفة العجز والانفاق، أو المحاسبة على حسن توزيع وصرف الميزانيات.
إلغاء دعم الطاقة
ويشير المتحدث إلى أن حكومة الأسد تتراجع تدريجياً عن الدعم، وخاصة المشتقات النفطية، حيث تتجه، العام المقبل، لتقليص الدعم إلى حد يقارب الإلغاء، وذلك بعد أن قلصت الدعم الخاص للمازوت والغاز والبنزين، من 343 مليار ليرة بموازنة عام 2019، إلى نحو 11 ملياراً العام المقبل.
ويختم الشامي، ربما السؤال الأهم بموازنة العام المقبل، يكمن باحتساب سعر صرف الدولار 500 ليرة، في حين أن السعر اليوم بالسوق 645 ليرة، ومن المتوقع أن تتهاوى الليرة أكثر خلال العام المقبل، ما يعني تغييراً لكل أرقام الميزانيات وحتى لنسبة العجز نفسها.
وكانت هيئة التخطيط التابعة لحكومة الأسد، قد أعلنت أمس، أن مشروع موازنة 2020، يتضمن عجزاً بمقدار 35% من إجمالي الموازنة، وأن المبلغ المخصص لدعم المشتقات النفطية تراجع بنسبة أكثر من 96%من نحو 343 مليار ليرة عام 2019 إلى 11 مليار ليرة عام 2020.
وكشف معاون رئيس هيئة التخطيط، فضل الله غرز الدين، أن هناك 10 مليارات ليرة لصندوق الدعم الزراعي، و15 ملياراً لصندوق المعونة الاجتماعي، و333 ملياراً لصندوق تثبيت الأسعار، ليكون الدعم الأكبر خلال موازنة العام المقبل لقطاع الكهرباء بواقع 711 مليار ليرة، وهو أقل من المبلغ المخصص لدعم الكهرباء خلال عام 2019 والبالغ 720 مليار ليرة.
وبحسب غرز الدين، سيبلغ العجز في مشروع موازنة 2020 بحدود 1400 مليار ليرة، وهو الفرق بين الإيرادات والنفقات وفقاً للتقديرات الحالية.
وكان المجلس الأعلى للتخطيط في حكومة الأسد، قد اعتمد الموازنة العامة للدولة السورية للعام 2020، بمبلغ قدره 4000 مليار ليرة سورية "نحو 8 مليارات دولار"، بزيادة 118 مليار ليرة عن العام 2019، موزعة على جزئين، الاعتماد الجاري بحدود 2700 مليار، و1300 مليار ليرة للاستثماري.
سندات لسد العجز
ويقول الأكاديمي السوري عماد الدين المصبح، إن موازنة العام المقبل هي تماما نصف موازنة عام 2011 "هذا بالنسبة لما تدعيه حكومة الأسد أنها أعلى موازنة بتاريخ سورية"، أما السؤال حول من أين سيأتي النظام بتلك المليارات، فالإجابة بسيطة "هو لن يصرفها ليبحث في كيفية الحصول عليها، هي على الورق ليس إلا".
وحول إصدار حكومة الأسد أذونات خزينة لتمويل الموازنة، يضيف المصبح لـ"العربي الجديد" من المتوقع إصدار أذونات خزينة للاكتتاب العام قريباً، ولكن من سيشتري تلك الأرواق إن كانت الحرب مستمرة والعملة بتراجع مستمر والتضخم هو الأعلى.
وختم المصبح، ربما يتم إلزام بعض رجال الأعمال، بشراء بعض السندات والأذونات، وتمد الحكومة يدها لما تبقى في صندوق الدين العام والمصرف المركزي، لكن ذلك سيزيد الأعباء ويقلل من الدعم ويلغي زيادة الأجور، ما يعني نتيجة، زيادة الفقر والمعاناة للسوريين.
ويذكر أن اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء في حكومة بشار الأسد، قد أيدت الشهر الماضي، مقترحات وزارة المالية حول إصدار أذونات خزينة (استحقاق عام واحد فما دون)، وطرحها للاكتتاب العام خلال 2019.
وبينت حكومة عماد خميس حينها، أن إصدار أذونات خزينة ضرورة لتمويل جزء من فجوة احتياجات المالية وخطتها الاستثمارية للفترة المتبقية من 2019، وتوجيهها مستقبلاً نحو المشاريع الاستثمارية ذات المردود الاقتصادي الجيد.