كشفت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" أن مصرف سورية المركزي عاد اليوم الأحد إلى التدخل المباشر لدعم الليرة، عبر خمس شركات صرافة، بهدف "تحسين سعر الصرف وتفعيل مبادرة رجال الأعمال الذين أودعوا مبالغ دولارية في صندوق خاص بالمصرف التجاري السوري".
وتؤكد المصادر من دمشق أن "المبالغ التي تم جمعها قسرياً، من رجال أعمال مقربين من نظام بشار الأسد، لم تصل للمأمول، إذ لم تزد حتى اليوم عن 150 مليون دولار"، لكن المصرف، وفقاً للمصادر ذاتها، سيبدأ منذ اليوم بالتدخل، عبر شركات الصرافة "ليتم إسعاف الليرة التي هوت اليوم إلى 640 ليرة مقابل الدولار و704 ليرات مقابل اليورو".
وبينّت المصادر ذاتها أن "نظام الأسد بدأ بإرسال إشارات برفع الحجز الاحتياطي عن أموال وممتلكات بعض رجال الأعمال، إن ساهموا في صندوق دعم الليرة، كما يتوعد بتجميد الحسابات والحجز الاحتياطي على أموال التجار والصناعيين، إن تلكؤوا".
وأشارت المصادر إلى أن "التهديد وصل قبل أيام، إلى مقربين جداً من نظام الأسد، حيث أرسل المصرف المركزي كتاباً بتجميد حسابات ومنع تسهيلات كل من عصام انبوبا، وأكرم حورية وإبراهيم شيخ ديب، ومحمد برهان، ومحمد عمار بردان، وسامر الدبس، ومحمد مفلح الجندلي، سواء بأسمائهم الشخصية أو الشركات التابعة لهم".
وكان حاكم مصرف سورية المركزي، حازم قرفول، قد التقى في 28 سبتمبر/ أيلول الماضي مع حوالي 70 رجل أعمال من اتحادي غرف الصناعة والتجارة السورية، لحثهم على تشكيل مبادرة من القطاع الخاص لدعم الليرة السورية، عبر إيداع المبالغ النقدية بالدولار في حساب المبادرة بالمصرف التجاري السوري، على أن يكون هناك مبلغ مقابل بالليرة يتم احتسابه وسطياً بين سعر المركزي والسوق الموازية، ويوضع بحساب خاص ليتم تسليمه لاحقاً بعد ضمان انخفاض سعر الصرف للمستوى المطلوب.
وجاءت المبادرة التي تصفها مصادر من دمشق بـ"الإلزامية" بعد ما شهد سعر صرف الدولار مقابل الليرة في السوق الموازية تراجعاً وصلت العملة السورية إلى أدناه، في منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي، لتسجل، ولأول مرة بتاريخ سورية، 700 ليرة للدولار الواحد.
وفيما تعول أوساط حكومية في نظام بشار الأسد على المبادرة في إنعاش سعر الصرف إلى ما دون 500 ليرة للدولار، يؤكد المحلل المالي علي الشامي أن "آثارها ستكون محدودة ولن تكسر السعر سوى لأيام قليلة، لتعاود الليرة التهاوي".
وتساءل: "ماذا كانت النتيجة سوى تبديد أكثر من 3 مليارات دولار من احتياطيات المركزي، دون أن يستقر سعر صرف الليرة أو يتحسن، وماذا يمكن أن تفعل 150 مليون دولار اليوم، بواقع "تعطش" السوق النقدية للعملات الأجنبية، وخاصة من التجار الذين أوقف المصرف المركزي تمويل مستورداتهم بعد أن أبرموا عقوداً خارجية".
وحول ضآلة مبلغ المبادرة بعد ما قيل عن إلزام عديد من رجال الأعمال وتجار الأزمة بالدفع، يقول الشامي من دمشق: "لم يلتزم حتى اليوم سوى "رامي مخلوف وإخوته، محمد حمشو وشقيق زوجته، سامر الفوز، براء وحسام قاطرجي، وسيم قطان، نبيل طعمة من خلال مدير أعماله، ومحمد سواح" و"نسمع عن بدء توسيع دائرة إلزام رجال الأعمال، عبر غرفة تجارة دمشق وتقديم وعود لبعض التجار بإعادة المبلغ لهم بعد تحسن سعر الصرف".
ويشير المحلل السوري إلى أن "دولار التدخل اليوم لن يكون بالسعر الرسمي، بل بسعر وسط بين السعر بالسوق السوداء والسعر الذي يحدده المصرف المركزي، لأن الفارق أكثر من 200 ليرة بين السعرين، فالمصرف المركزي يصمم على تسعير الدولار حتى اليوم بـ 438 ليرة في حين تعدى السعر بالسوق السوداء 640 ليرة اليوم".
ويعلل الاقتصادي السوري محمود حسين أسباب تهاوي سعر الليرة السورية بأسباب نفسية مزدوجة، طرفها الأول فشل النظام في استعادة الأراضي المحررة واختلاط حالة العسكرة بعد دخول تركيا شمال شرق سورية قبل أيام.
أما طرفها الثاني فهو خوف رجال الأعمال ومكتنزي الدولار من تجار الأزمة، من أن تطاولهم حملة الفساد التي أعلنتها أسماء الأسد الشهر الماضي، مؤكداً أنه "لم تعد هناك ثقة بالليرة ولا النظام، حتى من المقربين من نظام بشار الأسد".
ويضيف حسين لـ"العربي الجديد" إن تلك الأسباب النفسية جاءت لتضاف إلى أسباب الاقتصادية، من بينها نفاد مصرف سورية المركزي من الاحتياطي الأجنبي، وخروج الدولار من السوق لتمويل الواردات، وتراجع الصادرات والسياحة.