شركات العقارات في تونس تحمّل الحكومة مسؤولية ركود السوق

01 يوليو 2018
صعوبة القوانين والإجراءات الإدارية تحول دون إتمام المبيعات للأجانب(Getty)
+ الخط -
لم يتجاوز حجم المبيعات العقارية في تونس منذ بداية العام الجاري عشرات الوحدات في كل محافظات البلاد التي ينشط فيها 750 مطوراً، الأمر الذي اعتبره فهمي شعبان، رئيس غرفة المطورين العقاريين "صادماً".
قال شعبان في حديث لـ"العربي الجديد" إن غرفة المطورين لم تسجل أي استثمارات جديدة، مشيراً إلى أن المهنيين بصدد استكمال مشاريع بناء انطلقت عامي 2016 و2017، وأن ورش البناء ستتوقف خلال الأشهر المقبلة، ما يهدد بفقدان نحو مليون فرصة عمل يوفرها القطاع في 23 مهنة مرتبطة به.

وأكد لجوء العقاريين إلى القضاء قبل أيام، بعد رفع قضية ضد الحكومة لمطالبتها بوقف الفصل الوارد في قانون المالية والذي يفرض 13% من الضرائب الإضافية على العقارات المقتناة سنة 2018.
وأدى تطبيق الضرائب الجديدة على مشاريع عقارية أنجزت في السنوات السابقة، إلى وقف سوق المبيعات، حسبما قال شعبان، مؤكداً أن العملاء يتحملون قيم إضافية بنسبة تناهز 35% من سعر العقار، واصفاً النسبة بأنها من بين الأعلى عالمياً.

ومقارنة بنسق المبيعات في السنوات الماضية، قال شعبان إن الرقم المسجل منذ بداية العام الحالي هو الأدنى في تونس، مشيراً إلى أن القطاع تمكن خلال الربع الأول من عام 2016 من تسويق نحو 400 شقة قبل أن ينحدر نسق المبيعات إلى 70 شقة في الفترة ذاتها من 2017 ويستقر في حدود 24 شقة منذ بداية العام الحالي.
وأرجع شعبان أسباب تعطل نسق المبيعات إلى الإجراءات المالية الجديدة الخاصة بالقطاع، محذرا من عزوف المطوّرين العقاريين عن مواصلة نشاطهم. وأكد أن العقاريين يواصلون مسار المتابعة القضائية مع الحكومة إلى حين إنصافهم وإنقاذ قطاعهم المهدد بالتلاشي.

وعلى رغم تراجع المبيعات، لا يتوقع رئيس غرفة المطورين تراجع الأسعار، معتبراً أن سعر المتر المربع تحدّده كلفة الإنتاج ومدخلات البناء التي تشهد ارتفاعاً يومياً بسبب تواصل انزلاق سعر صرف الدينار مقابل اليورو والدولار، مؤكداً في السياق ذاته أن كل الصناعات الإنشائية المرتبطة بقطاع البناء تمر بصعوبات نتيجة توقف ورش البناء وجمود الاستثمارات.
وحول البحث عن بدائل للعملاء المحليين في السوق الأجنبية، أفاد شعبان بأن صعوبة القوانين والإجراءات الإدارية تحول دون إتمام المبيعات للأجانب، مشيراً إلى أن عدد الشقق المبيعة للأجانب عام 2017 لم يتجاوز السبعين شقة، واصفاً الرقم بالضعيف مقارنة بالمبيعات في البلدان التي فتحت باب تمليك الأجانب من دون شروط مجحفة.

وللمرة الأولى يفصح مسؤول عقاري عن الخسائر التي يتكبدها القطاع، حيث واصل المطورون على رغم إقرارهم بوجود صعوبات، التكتم على حجم الرصيد العقاري غير المسوّق وحجم مبيعاتهم السنوية.
ومنذ إقراره في يناير/ كانون الثاني الماضي، يثير تطبيق ضريبة جديدة على اقتناء العقارات في تونس، قلقاً كبيراً في صفوف المطورين، الذين طالبوا بأن تسري هذه الضريبة على المشاريع المنفذة منذ بداية العام الجاري، وليس على ما تم إنجازه خلال الفترة الماضية.
وبدأ المطورون العقاريون مطلع يناير/كانون الثاني تطبيق ضريبة نسبتها 13% على المبيعات تزداد إلى 18% من الأداء على القيمة المضافة ورسوم تسجيل العقارات، معتبرين أن فرض الضريبة الجديدة على الرصيد العقاري القديم سيؤدي إلى ارتفاع أسعار العقارات، التي سيتحمل العملاء في النهاية أعباءها.
ويبلغ الرصيد العقاري غير المباع وفق تقديرات الغرفة الوطنية للمطورين العقاريين، نحو 300 ألف وحدة، بسبب الارتفاع غير المسبوق في أسعار العقارات في السنوات الأخيرة، وتراجع القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة من المواطنين، والتي مثلت لعقود طويلة عامل استقرار الاقتصاد التونسي بحكم قدرتها على الإنفاق وتحريك الإنتاج في قطاعات مختلفة.

وتستحوذ تجارة الشقق السكنية على نحو 700 مليون دولار من معاملات القطاع العقاري، بخاصة في منطقة تونس الكبرى (محافظات تونس ومنوبة وبن عروس وأريانة) والمناطق الشرقية ومدينة صفاقس (غرب).
ويؤكد الخبير الاقتصادي رضا شكندالي تضرر جميع المعنيين بالقطاع من تراجع المبيعات، معتبراً أن الدولة هي أكبر الخاسرين، باعتبار أنها تسببت في تعطيل إحدى أذرع الاقتصاد ومصادر الضرائب المباشرة، مطالباً في تصريح لـ"العربي الجديد" بضرورة إعادة النظر في الأداءات المفروضة على العقارات وتجميد العمل بها إلى حين إلغائها نهائياً.

ويمثل قطاع التطوير العقاري 14% من مجموع الاستثمارات السنوية في البلاد، و12.6% من القيمة المضافة للاقتصاد الوطني، و8% من جملة القروض المصرفية الممنوحة للقطاعات الاقتصادية.
ويقدر وسطاء عقاريون نسبة ارتفاع أسعار العقارات بنحو 20% سنوياً، بسبب زيادة أسعار المواد الأولية المستوردة وتراجع سعر صرف الدينار التونسي وقلة الأراضي الصالحة للبناء.


دلالات
المساهمون