مصير الطاقة الأحفورية... هل يتمكن العالم التخلي عن النفط؟

25 يوليو 2024
حقل برنت النفطي في أسكتلندا، 15 أبريل 2024،(إيان فورسايث/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **استمرار الاعتماد على الطاقة الأحفورية وزيادة استهلاك النفط**: استهلاك النفط يتزايد ليصل إلى 104.46 ملايين برميل يوميًا هذا العام، مع دعم حكومي كبير بلغ 7 تريليونات دولار في 2022.

- **التحديات السياسية والاقتصادية في التحول إلى الطاقة المتجددة**: سياسات الطاقة النظيفة تواجه معارضة من شركات النفط والغاز الكبرى، مما يعقد جهود التحول، وسوق وول ستريت لا ترغب في خسارة تجارة أسهمها.

- **التحديات الزمنية والطلب المتزايد على الطاقة**: التحول إلى الطاقة المتجددة يستغرق عقودًا، والطلب العالمي المتزايد يجعل التحولات تدور حول إضافة إمدادات جديدة بدلاً من استبدال القديمة.

رغم الحديث المتواصل عن التخلص من الطاقة الأحفورية، لا يزال العالم بعيداً عن إيجاد البدائل النظيفة التي كثر الحديث عنها. كما أن استهلاك العالم للنفط في تزايد مستمر، حيث ارتفع إلى قرابة مائة مليون برميل يومياً في العام الماضي.

ومن المتوقع أن يصل الاستهلاك خلال العام الجاري إلى 104.46 ملايين برميل يوميًا، وفق بيانات حديثة لشركة "ستات تيستا" التي تُعنى بالبيانات الاقتصادية. ويقول صندوق النقد الدولي في دراسة نشرها في أغسطس/آب الماضي إن إعانات دعم الوقود الأحفوري ارتفعت إلى مستوى قياسي بلغ 7 تريليونات دولار في العام الماضي، حيث دعمت الحكومات المستهلكين والشركات خلال الارتفاع العالمي في أسعار الطاقة الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا والتعافي الاقتصادي من الوباء.

كما تقول إدارة معلومات الطاقة الأميركية إن الاستثمارات في الطاقة المتجددة لا تزال أقل من نصف التدفق النقدي غير المسبوق على صناعة النفط والغاز.
في ذات الشأن، ترى دراسة لصندوق النقد الدولي، أن الطلب العالمي على النفط يسير على الطريق للارتفاع وليس الانخفاض. في الولايات المتحدة يواصل إنتاج النفط الأميركي وصادراته الارتفاع، كما أن الصناعة النفطية تجد الدعم من المرشح الأميركي الرئيس السابق دونالد ترامب الذي تتزايد فرصه في الفوز بالانتخابات المقبلة في نوفمبر/تشرين الثاني، رغم المتغيرات المتوقعة في الحزب الديمقراطي بأن تفضي إلى تقديم مرشح جديد.

ويرى مجلس العلاقات الخارجية في تحليل بهذا الصدد، أن ارتفاع أسعار الطاقة في عام 2022 أدى إلى تفاقم الجدل الأميركي حول مستقبل النفط والغاز الطبيعي، واستقلال الطاقة، ومكافحة تغير المناخ. ويطالب بعض المراقبين بالحفاظ على إنتاج مرتفع من الوقود الأحفوري، فيما يحث آخرون إدارة الرئيس الحالي جو بايدن على الوفاء بالتزامات خفض انبعاثات الغازات الدفيئة والانتقال إلى الطاقة المتجددة.

يقول محللون إن سياسة الطاقة الأميركية التي اتبعها بايدن بخصوص الطاقة النظيفة وصلت إلى نقطة انعطاف خطيرة، وربما ستكون لها عواقب اقتصادية ومناخية وصحية عالمية. وتجد سياسة المناخ معارضة قوية من شركات النفط والغاز الكبرى في الولايات المتحدة وزميلاتها في العالم. حيث ترغب هذه الشركات في المحافظة على دخلها ومكاسبها الربحية من النفط والغاز، كما أن سوق وول ستريت لا ترغب في خسارة تجارة أسهمها في البورصة التي باتت تشكل نسبة كبيرة من مؤشر "ستاندرد اند بورز" الأميركي.

ويكفي القول في هذا الصدد، أن أكبر خمس شركات نفط وغاز في الولايات المتحدة من حيث القيمة السوقية، وهي وفقًا لـ S&P Global - إكسون موبيل (XOM)، وشيفرون (CVX)، وكونوكو فيليبس (CPP)، وإي أو جي ريسورسز (EOG)، وشلمبرجر (SLB) - قد تمكنت من تحقيق أرباح بلغت قيمتها 250 مليار دولار بين عامي 2021 و2023. وهذه قفزة بنسبة 160% مقارنة بالسنوات الثلاث الأولى لإدارة ترامب المؤيدة لشركات النفط الكبرى.

وتفوق قيمة صناعة النفط العالمية 4 تريليونات دولار. وتعد صناعة النفط والغاز محركًا رئيسيًا للاقتصاد العالمي، وتعد واحدة من أكبر الصناعات في العالم. وفي الولايات المتحدة وحدها، تمثل الصناعة 4.8% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وفق بيانات إنفستوبيديا في تحليل في أغسطس/آب الماضي. ويشكل الاستكشاف والإنتاج جزءًا كبيرًا من الاقتصاد العالمي، ومن المتوقع أن يزداد نمو هذه الصناعة في المستقبل.

وعلى المستوى العالمي، يرى الرئيس التنفيذي لمعهد الطاقة البريطاني، نيك وايث، في تحليل بمعهد الطاقة البريطاني الأسبوع الماضي، أن التحول من الطاقة الأحفورية إلى المتجددة في العالم لم يتجاوز حتى خط البداية بعد. ويضيف أنه لا يهدف بهذا البيان الاستفزازي إلى تقويض التقدم الهائل الذي تم إحرازه في العقدين الماضيين، ولكنه يحدد حجم التحدي الكبير الذي يواجه العالم في التحول عن الطاقة الأحفورية.

ويشير في هذا الصعيد، إلى أن التحول سيستغرق وقتًا طويلاً، ربما يصل إلى عقود أو حتى قرون. ويقول: على سبيل المثال، في المملكة المتحدة، استغرق الفحم قرنًا من الزمن لينتقل من 10% من توليد الطاقة في عام 1560 إلى 35% في عام 1660 وإلى 64% بحلول عام 1760. وبالمثل، منذ الإنتاج الأول للنفط عام 1848 (في باكو، أذربيجان) استغرق الأمر حتى عام 1960 ليتفوق على الفحم. ولم يتفوق الغاز بعد على الفحم أو النفط في حصة السوق. ويذكر أن العالم يعوّل على الغاز الطبيعي كطاقة وسيطة في التحول إلى الطاقة النظيفة.

ولاحظ وايث أن تحولات الطاقة هذه تأتي في وقت يتزايد فيه الطلب العالمي باستمرار على الطاقة. على مدار القرن الماضي، تزايد الطلب على الطاقة بنحو عشرة أضعاف، عما كان عليه في الماضي، حيث كان الطلب يتضاعف كل ثلاثة إلى أربعة عقود تقريبًا. ويقول أيضا: بسبب الطلب المتزايد، كانت التحولات تدور حول إضافة إمدادات جديدة، وليس استبدال القديمة. ويشير إلى أن أشكال الطاقة "القديمة" تواصل النمو. ويضيف أنه في عام 2023، أحرقنا مستويات قياسية من الفحم والنفط، فقد أحرقنا كتلة حيوية في عام 2023 أكثر مما أحرقناه في قرن أو قرنين من الزمان.

المساهمون