استطاعت الجارة الشرقية للجزائر، تونس، أن تبقى القبلة السياحية الأولى بالنسبة للجزائريين في موسم الصيف الجاري، رغم تنافسية العروض التي تقدّمها الوجهتان التركية والمصرية، اللتان تحتلان الترتيب الثاني والثالث في الخيارات السياحية للجزائريين.
وتبقى الوجهة الداخلية بالجزائر الأقل طلباً، في ظل ارتفاع أسعار العروض المحلية وضعف الخدمات الفندقية وغياب المرافق حسب الناشطين في قطاع وكالات السفر، في وقت جندت فيه الحكومة كل طاقاتها لتشجيع السياحية الداخلية، وخصصت لذلك مبالغ مالية كبيرة.
فرغم الرسوم التي فرضتها الحكومة التونسية على السائح الجزائري، مقابل مدة إقامته هناك، إضافة إلى بيع 80% من السوق التونسية للوكالات الألمانية والروسية، إلا أن الوجهة التونسية تبقى الأكثر طلبا لدى الجزائريين، الذين يحسبون تكلفة عطلهم بالآلة الحاسبة، ضمانا لأطول عطلة بأقل المصاريف، وأكثر أريحية من حيث الخدمات.
ويقول نائب رئيس نقابة الوكالات السياحية الجزائرية إلياس سنوسي في حديث مع "العربي الجديد" إن "تونس تبقي الوجهة الأولى والمفضلة للجزائريين لسببين الأول السعر والثاني هو القرب من الجزائر.
ويوضح سنوسي أن متوسط سعر أسبوع في فندق أربع نجوم لا يتعدى 40 ألف دينار جزائري (353 دولارا) مع احتساب الوجبات، ويصل إلى 50 ألف دينار (442 دولارا) في فندق خمس نجوم، وهي أسعار لا تسمح لك بقضاء أربعة أيام في أبسط فنادق الجزائر في المدن الساحلية الكبرى.
ويضيف أن "الجزائريين وجدوا في تونس شيئا مهما لم يجدوه في الجزائر وهو نوعية الخدمات، فالفنادق الجزائرية للأسف لا تملك بعد ثقافة الزبون ملك يجب إرضاؤه".
وكان عدد الجزائريين الذين فضلوا قضاء عطلة الصيف العام الماضي 2018 في تونس قد ارتفع إلى 2.4 مليون سائح، حسب أرقام وزارة السياحة التونسية مقارنة بنحو 1.8 مليون جزائري في 2016، وهو رقم سيبقى مرشحا للارتفاع للعام الجاري، بالنظر للعروض التنافسية التي تقدمها الفنادق التونسية، وفق ناشطين في قطاع السياحة.
يقول المواطن رضوان جعفر شريف، الذي يستعد للسفر إلى تونس رفقة زوجته وأولاده الثلاثة إنه اختار تونس للعام الرابع على التوالي، وهذه المرة الوجهة هي جزيرة جربة بعد زيارة سوسة والحمامات وبنزرت في السابق.
وأضاف شريف أن "العطلة في تونس ستكلفه حوالي 200 ألف دينار (1770 دولارا) مع احتساب النقل وكل المصاريف وهو مبلغ معقول يصعُب أن تقضي به نفس العطلة في الجزائر من حيث الخدمات وطول الأيام، رغم توفر الجزائر على شريط ساحلي بطول 1200 كيلومتر".
ويقول عبد الهادي دخانة، الخبير في مجال السياحة إن "الجزائري، وبعد سنوات من العزلة فرضتها الظروف الأمنية التي مرت بها البلاد سابقاً، انفتح على الآخر وأصبحت بلاده لا تلبّي رغباته، خاصة في ما يتعلق بالاستجمام والسياحة وأمام الغلق المتواصل للحدود مع المغرب وصعوبة الحصول على تأشيرة لدخول أوروبا، فرضت تونس نفسها كبديل يستطيع تلبية هذه الرغبات، من خلال الأسعار المعقولة ونوعية الخدمات".
ويضيف "في المقابل تتحمل السلطات العمومية في الجزائر مسؤولية عدم تطوير المرافق السياحية الداخلية منذ عقود، والتي كان بمقدورها أن توفر للبلاد قرابة أربعة مليارات دولار سنوياً".
وفي السياق ذاته، يشير محمد قروج صاحب وكالة سياحية إلى أن الوكالات تحاول أن تروج للسياحة المحلية أو الداخلية، لكنها تصطدم في كل مرة بغلاء الأسعار، لافتا إلى أن الفنادق والمنتجعات ترفض التفاوض على الأسعار ولا تمنح هامش ربح للوكالات كما تفعل الفنادق التونسية والمصرية والتركية وغيرها، ما يجعل العروض الداخلية غير مغرية.
ويقول "الصورة الراسخة في ذهن المواطن حول الفنادق الجزائرية تختزل في الغلاء ورداءة الخدمة ويصعب إزالة هذه الصورة إذا لم يطور مسؤولو السياحة الأعمال.
وتظهر المؤشرات الحالية أن الموسم السياحي في تونس سيكون ناجحا هذا العام، إذ يقدر الخبراء أن يشهد القطاع انتعاشة، خاصة مع ارتفاع عدد الحجوزات في النزل (الفنادق) وتوافد أعداد كبيرة من السياح الأجانب.
وأعلنت الحكومة التونسية في إبريل/نيسان الماضي، أن عائدات السياحة زادت بنسبة 23% على أساس سنوي في الربع الأول من العام الحالي لتبلغ 457 مليون دينار (190.6 مليون دولار)، مقابل 371 مليون دينار في الفترة نفسها من 2017.
ويمثل قطاع السياحة في تونس حوالي 8% من الناتج المحلي الإجمالي، وتعتبر مصدرا رئيسيا للعملة الصعبة والتوظيف. وفي 21 فبراير/ شباط الماضي، توقعت وزيرة السياحة التونسية، سلمى اللومي، أن تنمو إيرادات السياحة بنسبة 25% خلال 2018 باستقبال 8 ملايين سائح.