إيران تبدأ الانتقال من الريال إلى التومان: المكاسب والمحاذير

05 مايو 2020
تدهور الريال الإيراني في ظل العقوبات (فرانس برس)
+ الخط -
دافعت الحكومة الإيرانية ونواب في البرلمان عن حذف أربعة أصفار من الريال واستبداله بالتومان في المعاملات، مشيرة إلى تحقيق مكاسب عدة من وراء هذه الخطوة، بينما انتقدها معارضون معتبرين أنها لن تحد من تدهور الاقتصاد، الذي يتعرض لعقوبات أميركية خانقة.

وصادق البرلمان الإيراني، خلال مداولاته أمس الاثنين، على إلغاء عملة "الريال" واستبدالها بـ"التومان"، الذي يساوي عشرة آلاف ريال. واعتبر المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي، في تغريدة، أن "حذف أربعة أصفار من العملة الوطنية إجراء ضروري لتسهيل العلاقات المالية"، مشيرا إلى أن الشعب الإيراني يستخدم في علاقاته التجارية اليومية مصطلح التومان بدلا من الريال. كما أن محافظ البنك المركزي الإيراني عزا في كلمة له أمام المشرعين الإيرانيين، أمس، سبب تغيير العملة رسمياً إلى "التضخم المزمن خلال العقود الخمسة الماضية، مما جعل الريال يفقد فاعليته".

فكرة حذف أربعة أصفار من العملة متداولة منذ 2008، لكنها ازدادت إلحاحا بعد 2018، عندما انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي المبرم في 2015 وأعاد فرض عقوبات، إذ فقد الريال أكثر من 60% من قيمته. وكان البنك المركزي قد اقترح العام الماضي شطب الأصفار الأربعة من الريال واستبداله بالتومان، وهو ما وافقت عليه الحكومة مطلع أغسطس/آب 2019، وأحالته إلى البرلمان لمناقشته.

ولا يستخدم الإيرانيون عملة الريال في معاملاتهم اليومية منذ عقود مديدة، فالتومان هو عملتهم العُرفية المستخدمة منذ أن حوّل مؤسس الدولة البهلوية "رضا شاه" العملة من التومان إلى الريال عام 1929. وهم يفضلون التومان على الريال لكثرة أصفار هذا الأخير، فيشطبون صفراً واحداً تلقائياً لتتحوّل العملة إلى التومان، لتصبح الـ100 ريال 10 تومانات، مثلاً. ستكون المدة القانونية للفترة الانتقالية من الريال إلى التومان 24 شهراً، وفق مشروع القانون الذي صادق عليه البرلمان، أمس، لتُجمع خلالها الأوراق النقدية والمسكوكات القديمة ويتم استبدالها بالعملة الجديدة.

وبعد بدء سريان القانون رسمياً، يحل التومان محل الريال في جميع القوانين الخاصة والعامة السارية كالعملة الرسمية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتتحوّل إلى محوّل أسعار صرف العملات. كما يجب تسجيل المبالغ المالية الجديدة في كافة الوثائق والصفقات والاتفاقيات على أساس التومان، ومحاسبة الأرقام المالية المسجلة بالريال قبل تاريخ سريان القانون الجديد، على أساس التومان.

وأرجع البنك المركزي مشروع "إصلاح النظام النقدي" إلى أسباب عدة، منها التضخم الفاحش، وتراجع القدرة الشرائية، وتزايد ملحوظ في كميات النقد المتداول، واستخدام أعداد كبيرة في المبادلات الصغيرة اليومية والمشكلات المحاسبية الناتجة منها، وعدم استخدام اسم العملة الوطنية (الريال) في المعاملات اليومية واستبدالها بمصطلح "تومان" غير الرسمي.

الموقع الإعلامي للحكومة الإيرانية كان قد أفاد، في 16 يوليو/تموز الماضي، بأنه "نظراً للتحولات الاقتصادية خلال العقود الأخيرة، من الضروري تعديل النظام النقدي للدولة واستعادة مكانة الأوراق النقدية والمسكوكات في المعاملات النقدية بين الناس".
لكن مساعي الحكومة الإيرانية لشطب أربعة أصفار من الريال وتحويله إلى التومان، تعرضت لانتقادات وشكوك من برلمانيين ومحللين، حول مدى نجاح الخطة في مواجهة الأزمة الاقتصادية، داعين إلى ضرورة أن تسبقها إصلاحات اقتصادية كبيرة.
وفي كلمة له بالبرلمان في معارضة تغيير العملة الإيرانية، قال عضو اللجنة الاقتصادية البرلمانية، تقي كبيري، إن هذا الإجراء "ليس له مبرر"، معتبرا أن ذلك "يحمل الدولة تكاليف إضافية وكثيرة بسبب طباعة الأوراق الجديدة وتلف الأوراق النقدية القديمة وتغيير البرامج والأنظمة البنكية والحسابية".
وأشار كبيري، وفقا لما أوردته وكالة "تسنيم" الإيرانية، إلى أن تغيير العملة "لن يؤثر على التضخم". كما رأى نائب وزير الاقتصاد الأسبق، حيدر مستخدمين حسيني، أن شطب أربعة أصفار "تلاعب بالأعداد"، مشيرا إلى أن المشروع يحمل الحكومة "30 تريليون ريال عبئا ماليا". وأضاف في حديث لشبكة "راه دانا" الإعلامية، أن الخطة "ستكون لها آثار نفسية في الوهلة الأولى، وستزيد من التضخم ولا تبعث إشارات جيدة للسوق".

وقللت كذلك صحيفة "جام جم" الإيرانية، في تقرير بعددها الصادر اليوم الثلاثاء، تحت عنوان "عملية تجميل للريال"، من جدوى الخطوة الحكومية. ونقلت الصحيفة عن نائب رئيس غرفة التجارة، حسين سلاح ورزي، قوله إن "تغيير عملة الريال إلى التومان يشبه عملية تجميل لمريض مصاب بالسرطان. وبحسب سلاح ورزي، فإن "شطب أربعة أصفار من العملة الوطنية إجراء غير ضروري واستعراضي لن يترك أي أثر إيجابي على الاقتصاد".

إلا أن الموافقين على المشروع، الذي حظي بموافقة أغلبية أعضاء البرلمان أمس، لهم وجهة نظر مختلفة، إذ أعلن النائب علي بختيار، عضو لجنة الطاقة البرلمانية، خلال جلسة مناقشة الخطة، أن شطب الأصفار الأربعة "يعزز العملة الوطنية"، مشيرا إلى أن تغييرها يقلل حجم طباعة الأوراق النقدية وتكاليفها.

وفي معرض رده على الانتقادات للتغيير في ظروف الأزمة الاقتصادية، قال بختياري إن "الحكومات تبدأ عملية حل المعضلة الاقتصادية من خلال تنفيذ إصلاحات نقدية"، مشيرا إلى قيام 19 دولة في العالم إلى تغيير عملاتها. كما أن وكالة "إرنا" الحكومية، أشارت في تقرير لها حول الموضوع إلى ثلاثة مكاسب تتحقق من تغيير العملة، هي "تعزيز العملة الوطنية بشكل نفسي ومؤقت وتقليل تكاليف طباعة وتلف الأوراق النقدية وتسهيل عملية الحسابات". ​

المساهمون