عودة السياح الروس ومحطة الضبعة النووية تتصدران مباحثات بوتين بالقاهرة

11 ديسمبر 2017
قضايا اقتصادية تتصدر أجندة زيارة بوتين لمصر (Getty)
+ الخط -
تحتل 4 ملفات اقتصادية صدارة الموضوعات التي ستبحثها الحكومتان المصرية والروسية خلال زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مصر التي تبدأ اليوم الإثنين.

وخلال الزيارة تسعى حكومة السيسي إلى تحقيق تقدم أو حتى مجرد حدوث اختراقات مهمة في الملفات الأربعة والمتعلقة بتحسين أرقام التبادل التجاري الضعيفة نسبيا رغم العلاقات السياسية القوية بين البلدين، وتوقيع عقد محطة الضبعة النووية، وإحراز تقدم في المنطقة الصناعية الروسية في مصر، وعودة الرحلات السياحية الروسية لمصر.

ويطرح ملف السياحة الروسية واحدة من أبرز الأزمات التي تؤرق صانع القرار في مصر في ظل ضخامة عدد السياح الروس الذين كانوا يزورون مصر قبل حادث سقوط الطائرة الروسية الشهير فوق شبة جزيرة سيناء في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، وعدم تنفيذ الجانب الروسي وعوده المتكررة بإعادة السياح الروس لمصر.

وخلال زيارته الأولى لمصر في فبراير/شباط 2015، وقع الرئيسان المصري والروسي، اتفاقيات اقتصادية كان أبرزها اتفاقية إطار لإنشاء محطة الضبعة النووية الخاصة بتوليد الكهرباء.

وبعد مرور أكثر من عامين، لم يتم حسم مسألة استئناف الطيران، لتتحول إلى ملف شائك في العلاقات بين البلدين، في ظل إصرار روسيا على إبرام اتفاقية سلامة الطيران.

ملف عالق آخر في العلاقات بين البلدين، هو التوقيع على عقود نهائية لإنشاء محطة الضبعة النووية تضم أربع وحدات بقوة 1200 ميغاواط لكل واحدة منها، على أن تمنح روسيا قرضا لمصر بقيمة 25 مليار دولار يغطي 85 في المائة من قيمة الأعمال.

وفي تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، أرجع الخبير في الشؤون الشرق الأوسط بالمجلس الروسي للشؤون الدولية، سيرغي بالماسوف، تأخر التعاقد على بناء المحطة، إلى سعي كل طرف لتحسين الشروط لصالحه في مسألة التمويل وشروطه.


ملفات اقتصادية وتنشيط التجارة

على مستوى الملفات الاقتصادية الأبرز في زيارة بوتين للقاهرة قال مصطفى خليل، عضو مجلس الأعمال المصري الروسي (منظمة مجتمع مدني)، إن زيارة بوتين لمصر؛ تحمل عددا من الملفات الاقتصادية المهمة، وأوضح أن "توقيع عقد محطة الضبعة النووية، والمنطقة الصناعية الروسية في مصر، وعودة الرحلات السياحية الروسية لمصر، أبرز الملفات علي طاولة السيسي وبوتين".

وأضاف عضو مجلس الأعمال المصري الروسي، أن حجم التبادل التجاري بين البلدين "متواضع ولا يرقى لمستوى العلاقات القوية التي تربط الدولتين".


وتراجع حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا إلى 2.818 مليار دولار خلال العام المالي 2017/2016، مقابل 3.127 مليار دولار خلال العام المالي السابق له.

ويبدأ العام المالي في مصر مطلع يوليو/ تموز حتى نهاية يونيو/ حزيران من العام التالي، وفقا لقانون الموازنة العامة.

وحسب بيانات البنك المركزي المصري، فقد تراجعت الصادرات المصرية إلي روسيا، لنحو 188.5 مليون دولار في العام المالي 2017/2016، مقابل 194.5 مليون دولار في العام المالي السابق له.

وتراجعت الواردات المصرية من روسيا، إلى 2.630 مليار دولار في العام المالي 2017/2016، مقابل 2.933 مليار دولار في العام المالي الذي يسبقه.

وحسب الأرقام الحديثة فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا خلال الـ 7 أشهر الأولى من عام 2017 نحو ملياري و526.8 مليون دولار مقابل 2 مليار و221.4 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2016.

وتعليقا على الأرقام أكد عضو مجلس الأعمال المصري الروسي أنه "في حال توقيع هذه الاتفاقيات المتعلقة بالمنطقة الصناعية والمحطة النووية، وعودة السياحة الروسية لمصر، قد ينشأ معها بالتبعية تحسن في العلاقات التجارية بين البلدين".

وبلغ حجم الاستثمارات الروسية في مصر نحو 62.8 مليون دولار في 417 مشروعا تعمل بمجالات السياحة والقطاعات الخدمية والإنشائية والاتصالات، بحسب بيانات رسمية مصرية.

وتعمل 416 شركة روسية في مصر برأسمال تجاوز 60 مليون دولار، ومن أهم تلك الشركات "تيز تور" للسياحة بحجم استثمارات 9.9 ملايين دولار، و"رد سي بيرل" للاستثمار السياحي بحجم الاستثمارات 4.2 ملايين دولار.

السياحة الروسية

تعد روسيا أكبر دولة مصدر للسياحة إلى مصر، إذ وصل العدد إلى ما يقرب من 3 ملايين سائح روسي في يناير/كانون الثاني 2011، من إجمالي 14.5 مليون سائح، أي ما يمثل نحو خُمس إجمالي السياحة الوافدة إلى مصر.


وتأثرت السياحة المصرية كثيرًا بعد سقوط الطائرة الروسية، عندما فجر إرهابيين طائرة روسية في شمال سيناء، في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2015، أسفر عن مقتل 224 شخصًا كانوا على متن الطائرة، وبذلك خسرت مصر 40% من إجمالي السياحة الوافدة إليها.

وتعليقا على ملف السياحة الروسية قال عادل عبد الرازق، نائب رئيس الاتحاد المصري للغرف السياحية سابقا: "نأمل أن يصحب تحسن العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين؛ عودة السياحة الروسية لمصر".

وتضررت السياحة المصرية الوافدة من روسيا منذ شهر نوفمبر/ تشرين ثاني 2015، في أعقاب سقوط طائرة سياح روس فوق شبه جزيرة سيناء ومقتل جميع ركابها.

ومثلت السياحة الروسية نحو 33% بما يعادل نحو 3.1 ملايين سائح من إجمالي الحركة السياحية الوافدة إلى مصر في 2014.

وفي الشهور العشرة الأولى من العام الجاري، شهدت السياحة الروسية إلى مصر من روسيا ارتفاعا بنسبة 73.97% على أساس سنوي، مع تخفيف قيود حظر السفر، إلى 71.4 ألف سائح.

المنطقة الصناعية الروسية

قال الخبير الاقتصادي خالد الشافعي إن "المنطقة الصناعية الروسية المزمع إقامتها في مصر، تعد أحد المحاور الرئيسة التي يسعى الجانبان لتنفيذها.. المشروع سيزيد من فرص الاستثمار بمنطقة قناة السويس، ويوفر آلاف فرص العمل".

وفي 2016، وقع الجانبان الروسي والمصري، مذكرة تفاهم لإنشاء منطقة صناعية روسية في شرق بور سعيد بمحور قناة السويس (شمال شرق)، على مساحة 5 ملايين متر مربع.

وفي مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قال وزير التجارة والصناعة المصري طارق قابيل، إن بلاده ستوقع قريبا الاتفاق النهائي بشأن المنطقة الصناعية الروسية، باستثمارات تتجاوز 7 مليارات دولار، وتكاليف إنشاء بقيمة 190 مليون دولار.

محطة الضبعة

قال كريم الأدهم، رئيس هيئة الأمان النووي سابقا (حكومية)، إن "الاتفاق المتوقع على تنفيذ مشروعات الطاقة تأتي ضمن أهم إيجابيات هذه الزيارة".

وأضاف الأدهم: "التكنولوجيا الروسية في هذا المجال أثبتت تقدمها، وكفاءة مفاعلاتها النووية ومستوى الأمان بها مرتفعة، وستستفيد منها مصر".

وفي 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، وقعت مصر وروسيا، اتفاقية لبناء وتشغيل أول محطة نووية بتكنولوجيا روسية في منطقة الضبعة على ساحل البحر المتوسط ( شمال غرب).

يذكر أن المحطة النووية التي أعلن عن إنشائها بـ "قرض" روسي طويل الأجل يمتد لثلاثين عاما وتبلغ قيمته 25 مليار دولار، في منطقة الضبعة شمالي البلاد تصل قدرتها الإنتاجية من الكهرباء نحو 4800 ميغاواط، وينتهي إنشاءها بحلول 2022.

وفي 2013، عانت مصر من أزمة كهرباء، إذ لم تتجاوز القدرة الإنتاجية لمحطات الكهرباء نحو 24 ألف ميغاواط، مقابل استهلاك يبلغ 28 ألف ميغاواط.

ومع إنشاء عدد من المحطات الكهربائية في البلاد خلال السنوات الأربع الأخيرة، تنتج مصر الآن قرابة نحو 32 ألف ميغاواط من الكهرباء، بحسب بيانات وزارة الكهرباء المصرية.


(العربي الجديد، الأناضول)