بعد الأمراء والوزراء ورجال الأعمال... السعودية تستهدف موظفي الحكومة بـ"حملة مكافحة الفساد"
قال الرئيس الجديد لـ"الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد" في السعودية مازن الكهموس، إنّه يعتزم "استئصال الفساد" وسط الموظفين الحكوميين، بعد حملة كبرى بدأت، قبل عامين، وشملت أمراء ووزراء وكبار رجال الأعمال.
وقال الكهموس، في تصريحات إعلامية وفقاً لوكالة "رويترز"، إنّه تلقّى توجيهات للتركيز على القضاء على البيروقراطية في أكبر مصدر للنفط في العالم، والمتابعة مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، على أساس شهري.
وأضاف أنّه "بعد أن تخلصت البلاد بنسبة كبيرة من الرؤوس الكبيرة الفاسدة، أنقل تحذيراً شديد اللهجة من ولي العهد، حيث وجهني بأنّ المرحلة القادمة ستكون لاستئصال الفساد وسط الموظفين الحكوميين المتوسطين والصغار؛ الفاسدين منهم فقط".
وقال الديوان الملكي السعودي، في يناير/ كانون الثاني الماضي، إنّه بصدد إنهاء "حملة مكافحة الفساد" التي استمرت 15 شهراً، بعد استدعاء ما يقرب من 400 شخص في عام 2017، واستعادة ما يربو على 106 مليارات دولار من خلال تسويات مع عشرات منهم.
وشملت تلك الحملة أبناء عمومة ولي العهد؛ ومنهم الملياردير الأمير الوليد بن طلال، ووزير الحرس الوطني السابق الأمير متعب بن عبد الله، فضلاً عن وزير الاقتصاد السابق عادل فقيه، ورئيس الديوان الملكي السابق خالد التويجري، ورجال الأعمال الكبار؛ وليد إبراهيم، وصالح كامل، وبكر بن لادن.
وأثارت الحملة قلق بعض المستثمرين الأجانب الذين تحتاج إليهم الرياض لتنويع اقتصادها، وقال منتقدون إنّ الحملة ترقى إلى تحرك لتأكيد سلطة ولي العهد وابتزاز خصومه.
بينما دافع بن سلمان عن الحملة ووصفها بأنّها "علاج بالصدمة"، مصوراً نفسه على أنّه قائد إصلاح أكبر اقتصاد في العالم العربي، والساعي إلى تغيير وجه الحياة في المجتمع السعودي.
تخوّف الموظفين
في المقابل، يتخوف كثير من الموظفين السعوديين من أن تكون الحملة مخططاً من الحكومة للتخلص من عبء الوظائف الحكومية، بتقليص عدد الموظفين إلى أقل عدد ممكن، في إطار خطة بن سلمان، لخصخصة عدد كبير من مؤسسات الدولة، ودفع السعوديين للعمل في القطاع الخاص بدلاً من الحكومي.
كما تستهدف السلطات تقليل الإنفاق الحكومي الذي ارتفع، وفقاً لأرقام رسمية صدرت الشهر الماضي، 5.0% خلال الربع الثاني، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي 2018.
وحسب بيانات وزارة المالية السعودية، فقد ارتفع عجز الميزانية في الربع الثاني إلى 8.9 مليارات دولار، بسبب تزايد الإنفاق.
ويبلغ متوسط الرواتب الشهرية للموظف في القطاع الحكومي حالياً، نحو 14820 ريالاً (3950 دولاراً)، بحسب الهيئة العامة للإحصاء، بينما يبلغ في القطاع الخاص نحو 7700 ريال وفق أرقام رسمية، بينما تصل وفقاً لأرقام غير رسمية إلى 6000 آلاف ريال فقط.
وتستهدف الحكومة السعودية أن تفرض على مؤسسات القطاع الخاص، ألا يقل راتب السعودي عن 4000 ريال شهرياً يعمل حالياً في القطاع الخاص حال توظيفه، من خلال برنامج "نطاقات" الذي سيبدأ سريان تنفيذه، في يناير/كانون الثاني المقبل.
ويستهدف برنامج الخصخصة، وفقاً لـ"رؤية 2030" (خطة اقتصادية) التي أطلقها بن سلمان في عام 2016، جمع نحو 200 مليار دولار في الأعوام المقبلة، إلى جانب 100 مليار دولار تسعى السلطات لجمعها من بيع حصة في شركة النفط السعودية العملاقة "أرامكو"، وتشمل أيضاً بيع حصص في الموانئ والسكك الحديدية والمرافق والمطارات.
وتمثل البطالة التي بلغت وفقاً للأرقام الرسمية نحو 12.5%، أحد أكبر التحديات التي يواجهها بن سلمان، منذ ثلاث سنوات، في خطته المعلنة لتنويع اقتصاد أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم.
وقررت الحكومة التوسع في "سعودة" الاقتصاد، كأحد أركان "رؤية 2030" لوليّ العهد، من خلال حصر العمل في عشرات المهن والحرف في عدد من القطاعات المهمة بالسعوديين، من دون غيرهم من الجنسيات.
وفي حين أنّ مخطط بن سلمان لعصر ما بعد النفط كان يعتمد على خفض الرواتب العامة، فقد أقرّ، في مقابلة، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بأنّ التوظيف الحكومي يمكن أن يكون جزءاً من الحل، لكنّه قال إنّ "خلق فرص العمل في القطاع الخاص سينمو أيضاً مع مرور الوقت".
(رويترز, العربي الجديد)