قال وزير الاقتصاد اللبناني، راؤول نعمة، إن أثر انتشار فيروس كورونا الجديد، والهبوط الحاد في أسعار النفط، قد يضر بفرص بلاده في الحصول على مساعدات من المانحين، لا سيما دول الخليج العربي، التي تتلقى ضربة مزدوجة من جانب كورونا وأسواق النفط، ما يعرض اقتصاداتها للمخاطر. ويعاني لبنان من أسوأ أزمة مالية منذ الاستقلال في 1943.
وتخلف البلد عن دفع ديون أجنبية للمرة الأولى في وقت سابق من مارس/ آذار الجاري، وفقدت عملته نحو 40 في المائة من قيمتها ووصلت احتياطيات الدولار لمستويات منخفضة حرجة.
وقال وزير الاقتصاد إن بلاده ستسعى للحصول على دعم دول صديقة في العالم العربي، لكن عائدات تلك الدول آخذة في الانخفاض بشدة مع هبوط أسعار النفط لما دون 30 دولاراً للبرميل، مما يضع قيوداً على قدراتهم على تقديم مساعدات للبنان.
وأضاف نعمة لوكالة رويترز، الثلاثاء، أن الحصول على مساعدة من صندوق النقد الدولي يجب أن يطرح للبحث ضمن خيارات أخرى، مشيراً إلى أن العمل على خطط إنقاذ اقتصادي ما زال جارياً رغم إغلاقات لاحتواء انتشار فيروس كورونا.
وتابع أن الجوانب الأساسية من الخطة والتي تشمل كيفية خفض عجز الموازنة وتعزيز الإيرادات ستكون جاهزة خلال أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.
وتأتي تصريحات الوزير اللبناني، التي تشير إلى احتمال تلاشي الآمال في الحصول على مساعدات خليجية، في وقت تظهر فيه المؤشرات تعرض اقتصادات الخليج لضغوط حادة بفعل الأضرار التي يخلفها انتشار فيروس كورونا وتهاوي أسعار النفط، إذ تواصل أسواق المال نزيف الخسائر وتتصاعد فواتير شلل القطاعات الإنتاجية والخدمية المختلفة.
وفي ظلّ الظروف الحالية، ستجد حكومات مجلس التعاون الخليجي الست صعوبة في إدارة العجز في موازناتها أو زيادة الضرائب أو خفض الدعم بفعل التركيز على تحفيز النشاط الاقتصادي والتخفيف من أثر انتشار كورونا على سكانها.
ويمكن لأغلب الحكومات الاستعانة باحتياطياتها المالية الضخمة، إذا لم تنتعش أسعار النفط التي هوت إلى أقل من 30 دولاراً للبرميل أمس الثلاثاء. وبوسعها أيضاً خفض الإنفاق الاستثماري لإدارة العجز في الميزانية أو كسب الوقت بالاستدانة.
غير أن مصرفياً سعودياً تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته قال لرويترز إن "الاحتياطيات النقدية لا يمكنها الحفاظ على الإنفاق الحالي لفترة طويلة جداً"، وهو ما يعني أنه "قد يتعين عليها (الحكومات) خفض الإنفاق"، مضيفاً: "هذه أوقات صعبة. الناس بدأوا يتحدثون وبدأوا يستعدون لما قد يحدث مستقبلاً".
ومن المحتمل أن تكبد أسعار النفط بين 30 و40 دولاراً للبرميل، دول الخليج هذا العام عشرات المليارات من الدولارات من إيراداتها.
وتقول مؤسسة أرقام كابيتال للأبحاث إن السعودية قد تشهد ارتفاع العجز في موازنتها لعام 2020 إلى 16.1 في المائة من التقدير السابق البالغ 6.4 في المائة إذا كان متوسط أسعار النفط 40 دولاراً للبرميل. أما إذا كان متوسط الأسعار 30 دولاراً فإن العجز سيقفز إلى 22.1 في المائة وهو ما يعادل 170 مليار دولار.
ولتحاشي اتخاذ تدابير مؤلمة، يمكن للحكومات أن تزيد الاقتراض أو تعزز السيولة من خلال بيع أصول. ومنذ عام 2014 استدانت السعودية من الخارج ما يتجاوز 100 مليار دولار، مستفيدة من انخفاض أسعار الفائدة العالمية.
وفي وقت سابق من مارس/ آذار الجاري، حذر صندوق النقد الدولي من أنه يجب على دول الخليج، التي تعتمد بشدة على إيراداتها النفطية القيام بإصلاحات أعمق، أو المخاطرة برؤية ثرواتها تتلاشى خلال 15 عاماً، مع تراجع الطلب العالمي على النفط وانخفاض الأسعار.
وقفزت ديون حكومات دول مجلس التعاون الخليجي إلى نحو 501 مليار دولار، بنهاية الربع الثاني من العام الماضي 2019، وفق تقرير لبنك الكويت الوطني حول تطورات سوق أدوات الدين، نشر في أغسطس/ آب الماضي، وذلك مقابل نحو 100 مليار دولار في 2014.