وافقت لجان النقل والمواصلات، والأمن القومي، والشؤون الاقتصادية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب المصري، اليوم الخميس، على مشروع قانون حكومي بتنظيم خدمات النقل البري للركاب باستخدام تكنولوجيا المعلومات، باستثناء 3 مواد تم إرجاؤها لمزيد من الدراسة، وضبط الصياغة، في حضور ممثلين عن "أوبر" و"كريم" و"التاكسي الأبيض".
وتضمن مشروع القانون 20 مادة، إلى جانب 4 مواد خاصة بالنشر، حددت فترة لا تتجاوز 6 أشهر لتوفيق الشركات القائمة أوضاعها، سواء التي تؤدي خدمات النقل البري للركاب مستخدمة السيارات الخاصة، أو عن طريق وسائل النقل الجماعي، من خلال وزارة النقل، بوصفها المعنية بتطبيق القانون بالتنسيق مع وزارتي الداخلية والاتصالات.
وأقرّت اللجنة المواد الخاصة بالتعاريف الواردة في القانون، واستصدار تراخيص وتصاريح وبطاقات التشغيل التي تصدر لسائقي السيارات، والعلامات الإيضاحية (عبارة عن شعار مميز يوضع على السيارة أثناء عملها)، فضلاً عن قيمة الضرائب والتأمينات، وإلزام الشركات بالتأمين على جميع سائقي السيارات من مقدمي الخدمة.
كذلك شملت المواد، التي وافقت عليها اللجنة، العقوبات، ومن بينها: "توقيع غرامة تراوح ما بين مئتي ألف جنيه، وخمسة ملايين جنيه، بحق كل من قام بأداء الخدمة من دون الحصول على ترخيص بذلك من الوزارة المختصة بالنقل، أو سمح للغير بأداء أو إتاحة الخدمة من خلاله، من دون الحصول على تصريح أو كارت (بطاقة) التشغيل".
ومنح مشروع القانون موظفي وزارة النقل، ممن ترد أسماؤهم بقرار من وزير العدل المصري، بناءً على اقتراح مقدم من وزير النقل، صفة الضبطية القضائية، في ما يتعلق بتطبيق أحكام القانون، وما ينص عليه من اختصاصهم.
وتمسك أغلب النواب الحاضرين بما ورد في مشروع الحكومة من ربط بيانات المواطنين المسجلة لدى الشركات، مقدمة الخدمة، بعدد من الجهات الأمنية المختصة، ما أثار اعتراضات ممثلي تلك الشركات، التي جددت رفضها للمراقبة الأمنية على بيانات عملائها، أو شركائها من سائقي السيارات، لما يمثله الأمر من اختراق للخصوصية جرّمه الدستور.
وقالت مدير السياسات في شركة "أوبر"، رنا قرطام، إن قسم التشريع في مجلس الدولة اعتبر أن المواد المقدمة من الحكومة في هذا الصدد تنتهك حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، المكفولة دستورياً، مستنكرة إلزام الشركات المُرخص لها بإجراء ربط إلكتروني بين قواعد بياناتها و"الجهات المختصة"، من دون تحديد ماهية تلك الجهات.
كذلك، سجّلت قرطام اعتراضها على إلزام الشركات بأن تكون الخوادم الخاصة بقواعد البيانات والمعلومات من داخل مصر، قائلة إن خوادم الشركات موجودة في كل مكان في العالم، فيما يسمى بـ"الخوادم السحابية"، وليست في مكان بعينه، وهو ما علق عليه النائب سعيد طعيمة، بقوله "هذا الأمر يخص الأمن القومي، طالما الشركة تستثمر في مصر".
وقالت قرطام، في ردها، إن "هناك نحو 4 ملايين مستخدم، و150 ألف سائق لدى الشركة، وملتزمة بحماية بياناتهم، باعتبارها أمانة لديها"، متابعة "أنا مصرية أباً عن جد، وأعرف كيف أحافظ على الأمن القومي لبلادي... ولا بد من توافر أمر قضائي مُسبب لتقدم الشركة بيانات ومعلومات للجهات الأمنية، بحسب ما تنص عليه المادة (54) من الدستور".
واتفق معها النائب محمد بدوي الدسوقي، قائلاً: "لو جهة أمنية تواصلت مع (أوبر) أو (كريم) بشأن أحد المشتبه بهم لن تتأخر أحد الشركتين في الرد، لكن الربط سيخالف مواد الدستور، بوصفه يُهدد حرمة الحياة الخاصة للمواطنين".
ورداً على سؤال النائبة هالة أبو علي بشأن المدة التي تحتفظ فيها الشركات بالبيانات الخاصة بالركاب والرحلة، أجاب المدير التنفيذي لشركة "كريم"، رامي كاطو، بقوله إن "الشركة تحتفظ إلى الأبد باسم المستخدم، والسائق، وبداية الرحلة، ونقطة الوصول، ووقت وتكلفة الرحلة، ونوع السيارة".
وأضاف كاطو: "نتفهم متطلبات الأمن القومي، لكننا حريصون في الوقت ذاته على خصوصية بيانات المواطنين، ونتضامن مع مطالب (أوبر) بشأن حماية بيانات العملاء"، مطالباً بوضع آلية لخفض الرسوم المفروضة، وربطها بتكلفة الخدمة، وعدم قصر مواد القانون على السيارات الخاصة فقط، بحيث يشمل كل المركبات لإحداث حالة من الشمول المالي.
إلى ذلك، استجابت اللجنة المشتركة لطلب رئيس لجنة النقل والمواصلات في البرلمان، هشام عبد الواحد، حول إرجاء المادة الخاصة بأداء الضرائب والرسوم المقررة على السيارات، لمزيد من البحث والدراسة، ولحين تقديم ممثلي وزارة المالية، ومصلحة الضرائب، اقتراحاً كتابياً بشأنها.
كذلك توافقت اللجنة على إرجاء التصويت على المادتين التاسعة والعاشرة من القانون، الخاصتين بالتزامات المُرخص لهم، وعمليات الربط الإلكتروني لقواعد البيانات والمعلومات مع الجهات المختصة، لمزيد من الدراسة، على أن يتم حسم المواد المؤجلة في اجتماع اللجنة المقرر ظهر بعد غد السبت.
من جهتها، قالت وزيرة الاستثمار المصرية، سحر نصر، إن مشروع القانون يستهدف مشاركة أكبر من القطاع الخاص في دفع عجلة التنمية، وتوفير فرص العمل للشباب، مع تقديم أفضل خدمة للمواطن بأقل سعر، وتوفير نسبة أمان أعلى للمستفيدين من هذه النوعية من الخدمات، علاوة على تشجيع القطاع غير الرسمي على الاندماج في القطاع الرسمي.
وقالت نصر، أمام اللجنة، إن القانون يهدف إلى تشجيع الشركات المصرية على المشاركة في تأسيس هذه الخدمات، وعدم اقتصارها على الشركات الأجنبية وحدها، مشيرة إلى إمكانية بحث استخدام سيارات النقل الجماعي من خلال استخدام تكنولوجيا المعلومات خلال الفترة المقبلة.
وأفادت نصر بأن القانون فتح المجال لوسائل النقل، خلاف السيارات الخاصة، على غرار "الموتوسيكلات"، لاستخدامه لفظ "مركبة" بشكل عام، موضحة أن كافة التفاصيل ستتعرض لها اللائحة التنفيذية للقانون، على أن يختص رئيس الوزراء وحده بإصدارها، نظراً لتعدد الوزارات المعنية بهذا المشروع.
فيما أشار رئيس لجنة الاتصالات في البرلمان، نضال السعيد، إلى أهمية التزام الشركات بحقوق الدولة، ووجود ضمانات لها، وللسائقين، في حال وقف النشاط، تجنباً لانتشار البطالة، فضلاً عن أهمية تحديث خريطة "غوغل مصر"، ووجود قاعدة بيانات ومعلومات بجميع السائقين من مقدمي الخدمة، وتوفير بنية تحتية تواكب التقدم التكنولوجي من إشارات ذكية.
وقال رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان، كمال عامر، إن التشريع المطروح يعمل على تقنين أوضاع قائمة على أرض الواقع، شريطة مراعاة تحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات، ومقتضيات الأمن القومي للبلاد، والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بصفة عامة، مشيراً إلى أن القراءة الأولية للمسودة الحكومية "لم تتعارض مع شق الأمن القومي"، حسب تعبيره.