اليمن: الحوثيون يداهمون شركات الصرافة المتعاملة بالنقود الجديدة

28 مايو 2018
تسارعت وتيرة تهاوي العملة اليمنية(فرانس برس)
+ الخط -


تنفذ السلطات الأمنية لجماعة الحوثيين حملة مداهمات تستهدف المصارف التجارية وشركات ومحلات الصرافة في العاصمة اليمنية صنعاء وبقية المدن الخاضعة لسيطرتهم، بسبب تعاملها بالأوراق النقدية الجديدة الصادرة عن البنك المركزي اليمني التابع للحكومة الشرعية.
وأغلق الحوثيون فرعاً لمصرف الكريمي للتمويل الأصغر في شارع خولان بالعاصمة صنعاء في 15 مايو/أيار الجاري، واعتقلوا عشرات من الموظفين في مصارف تجارية أخرى وشركات ومحال الصرافة، في إطار حملة أمنية لمنع التعامل بالأوراق النقدية الصادرة عن الحكومة.

وكشف مصرفيون لـ"العربي الجديد"، عن حملة مداهمات تعرضت لها المقرات الرئيسية للمصارف وشركات الصرافة وعشرات من فروعها في المحافظات من قبل جهاز الأمن التابع للحوثيين، بهدف اجبار مؤسسات القطاع المصرفي على عدم التعامل مع النقود الورقية الصادرة عن الحكومة الشرعية من فئتي 500 و1000 ريال.
وأوضح مسؤول في أحد المصارف التجارية، أن الحملة الأمنية للحوثيين بدأت منتصف الشهر الجاري، وتمت خلالها مصادرة ملايين الريالات من الأوراق النقدية الجديدة من فئتي ألف وخمسمائة ريال، فيما اعتبرها البعض عملية نهب لأموال منشآت القطاع المصرفي تحت ذريعة التعامل مع نقود الحكومة.

وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية: "تمت مصادرة ملايين الريالات من عشرة فروع لمصرفنا في عدة محافظات، وتم تحريز المبالغ، وقيل لنا إنه تم ترحيلها إلى مقر جهاز الأمن القومي، ولا نعلم مصيرها، يريدون مصادرتها والتصرف بها".
ويقول الحوثيون وفقا لمصادر مصرفية، إن حملتهم تأتي ضمن عدة إجراءات تهدف لوقف تدهور العملة المحلية أمام الدولار والعملات الأجنبية. فيما أكد خبراء في الاقتصاد أن هذه الإجراءات تدمّر سمعة القطاع المصرفي في صنعاء، وستترك تداعيات خطيرة على الثقة في قطاع المصارف اليمني.

وكان سلطات الحوثيين التي تحكم قبضتها على صنعاء ومحافظات في شمال وغرب اليمن، قد أعلنت في نهاية فبراير/شباط الماضي، عن منع التعامل بالأوراق النقدية الجديدة من فئتي 1000 و500 ريال، والتي طبعها البنك المركزي اليمني التابع للحكومة الشرعية التي تتخذ من عدن (جنوبي البلاد) مقرا لها.
وحذرت حكومة الإنقاذ الموالية للحوثيين، كافة الجهات التابعة لها، من التعامل مع المطبوعات النقدية التي أصدرتها الحكومة المعترف بها دولياً.

وقالت إن القرار يأتي ضمن إجراءات لحماية العملة المحلية، وبرّرت بأن النقود الجديدة "تسببت في تضخم العملة وتدهور الاقتصاد الوطني"، بحسب وكالة الأنباء اليمنية الخاضعة لسيطرتهم. ولا تزال جماعة الحوثيين تسيطر على العاصمة اليمنية صنعاء وعلى مؤسسات الدولة، رغم الضربات التي تلقتها من تحالف دعم الشرعية، على مدى نحو 3 سنوات من الحرب بين الطرفين.
ويعاني اليمن من انقسام المؤسسات المالية وسط الحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات، حيث احتفظت جماعة الحوثيين بفرع البنك المركزي في العاصمة اليمنية وحولته إلى مصرف مركزي لمناطقها، بعد قرار من الحكومة الشرعية بنقل المقر الرئيسي للمصرف المركزي وإدارة عملياته إلى العاصمة المؤقتة عدن (جنوب البلاد)، في 18 سبتمبر/ أيلول 2016.

وأعلن البنك المركزي اليمني في عدن، 10 فبراير/شباط الماضي، عن إصدار ورقة نقدية جديدة من فئة 1000 ريال، وبدأ بطرحها للتداول يوم 25 من نفس الشهر، فيما تستمر العملة المحلية في التهاوي، إذ بلغ سعر الدولار نحو 486 ريالاً في السوق السوداء، منذ مطلع الأسبوع الجاري.
وأكد مسؤول مصرفي لـ"العربي الجديد" أن البنك المركزي قام بطباعة 300 مليار ريال يمني من الورقة النقدية الجديدة التي تظهر بحجم أصغر من الورقة النقدية القديمة لنفس الفئة، ولكن بمواصفات رديئة.

وقرر الرئيس اليمني، في 18 سبتمبر/ أيلول 2016، نقل المقر الرئيسي للبنك المركزي وإدارة عملياته إلى العاصمة المؤقتة عدن، لكن الحوثيين احتفظوا بالبنك المركزي في صنعاء، كبنك مركزي موازٍ خاص بهم، ما تسبب في زيادة أضرار الاقتصاد الوطني، وحصول أزمات متلاحقة، منها أزمة الرواتب وتهاوي قيمة العملة اليمنية.
واتجهت الحكومة اليمنية إلى طباعة كميات كبيرة من النقود بدون غطاء نقدي، لمواجهة أزمة السيولة، حيث عجز البنك المركزي عن صرف رواتب موظفي الدولة بحلول أغسطس/ آب 2016، أي قبل شهر ونصف من قرار نقله، حيث تم استنزاف كامل الاحتياطي النقدي من جانب الحوثيين، والبالغ 4.5 مليارات دولار مطلع عام 2015، ولم يبق منه سوى 700 مليون دولار من وديعة سعودية بمبلغ مليار دولار، وفق الحكومة الشرعية.
ويبلغ إجمالي عدد موظفي الدولة نحو 1.2 مليون موظف، منهم نحو مليون شخص يتركزون في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فيما لا يتجاوز عدد الموظفين بمناطق الحكومة الشرعية 200 ألف موظف يستلمون رواتبهم بانتظام.
وذكر البنك المركزي، مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أنه سيطبع تريليون ريال (5 مليارات دولار) من الأوراق النقدية، خلال العام الجاري، بغرض استبدال النقود التالفة من جهة، ومواجهة أزمة السيولة ودفع رواتب موظفي الدولة في مناطق الحكومة الشرعية من جهة أخرى، لكن محللون ماليون قالوا إن هذه الخطوة ستؤدي إلى إضعاف العملة المحلية بشكل أكبر، وستزيد من معدلات التضخم في البلد الذي يعاني أغلب سكانه من تردي الظروف المعيشية.

وقال البنك المركزي، إن النقود التالفة تمثل ما نسبته 90% من حجم النقد المتداول، وأنه يجري الترتيب لاستبدال التالف بنقود جديدة، من خلال طباعة النقود الجديدة على مراحل، بواسطة شركة جوزناك الروسية.
وتسارعت وتيرة تهاوي العملة اليمنية من 390 ريالا للدولار الواحد في أكتوبر/ تشرين الأول 2017 إلى 485 ريالا للدولار خلال مايو/ أيار الجاري في السوق السوداء، فيما يبلغ السعر الرسمي للعملة الأميركية نحو 380 ريالا، منذ منتصف أغسطس/آب الماضي، بعد قرار البنك المركزي تحرير سعر الصرف. وينعكس التهاوي المتسارع للريال في ارتفاع قياسي لأسعار السلع الغذائية وتفاقم أزمات اليمنيين.


دلالات
المساهمون