تونس: السوق السوداء تلتهم 600 مليون دولار من السياحة

03 يوليو 2019
توقعات بزيادة أعداد السائحين العام الجاري (أنيس ميلي/فرانس برس)
+ الخط -



يدفع مستثمرو السياحة في تونس نحو محاصرة إيرادات القطاع التي تذهب إلى سوق الصرف الموازية معتبرين أن استئثار الموازي بجزء مهم من مداخيل السياحة بات مبعثا للانشغال تزامنا مع تعافي القطاع.

ودعا عاملون في القطاع إلى ضرورة الضغط من أجل دفع كل الخدمات السياحية بما في ذلك الطبية منها بالعملة الصعبة وإجراء العقود عبر وكالات الأسفار، مقدرين حجم الدخول التي تذهب إلى سوق الصرف الموازية بنحو ملياري دينار، أي ما يعادل 600 مليون دولار.

ويتزامن انشغال العاملين في القطاع من حجم المداخيل التي تذهب إلى السوق السوداء مع بيانات مبشرة للقطاع الذي سجل خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي أداء أعلى مما كان عليه في السنوات السابقة وعودة مهمة للأسواق السياحية الأوروبية وشركات الطيران التي تؤمن رحلات مسترسلة نحو تونس كانت قد انقطعت منذ ما يزيد عن 9 أعوام.

وواصلت السياحة أدائها الجيد رغم الهجمتين الانتحاريتين الأسبوع الماضي.

وأبرزت دراسة حديثة قامت بها جامعة وكالات الأسفار بالتعاون مع مكتب دراسات مختص "KPMG relative" حول "مكان السياحة في الاقتصاد الوطني"، اطلعت عليها "العربي الجديد"، أن مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت من 13.8 بالمائة عام 2017 إلى 14.2 بالمائة سنة 2018، غير أن وقع الزيادة على الإيرادات كان ضعيفا، حسب مراقبين.


وفسر كاتب عام جامعة الأسفار ظافر لطيف عدم زيادة المداخيل بذهاب جزء مهم من إيرادات القطاع إلى نشاط الصرف الموازي، مشيرا في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن الدخل الرسمي المصرح به يحصيه البنك المركزي والقطاع الرسمي، في المقابل يذهب جزء من نفقات نحو 4 ملايين سائح من السوق المغاربية أساسا نحو القطاع غير الرسمي.

وأضاف لطيف أن تونس تستقبل سنويا نحو (2.5 مليون سائح جزائري و1.5 مليون ليبي)، مؤكدا أن عملية حسابية بسيطة بين الإيرادات الرسمية وحجم تدفق السياح المغاربيين تكشف عن إخفاقات كبيرة في تحصيل الدخول التي يفترض أن توفرها السياحة.

وأضاف أنه إذا تم احتساب معدل إنفاق السائح المغاربي بـ500 دينار، فمن المفترض أن تكون إيرادات السوق المغاربية وحدها نحو ملياري دينار، غير أن الأرقام الرسمية تكشف فجوة مهمة في الإيرادات بسبب إفلات أنشطة سياحية مهمة من قاعدة الحسابات الرسمية، وأهمها السياحة الطبية، بحسب قوله.

ودعا كاتب عام جامعة وكالات الأسفار إلى ضرورة إلزام كل أجنبي بالدفع بالعملة الأجنبية، سواء في الفنادق أو في العيادات وغيرها، مقدّرا ما يذهب للسوق السوداء من إيرادات السياحة بنحو 600 مليون دولار.

وحسب بيانات كشفت عنها وزارة السياحة في نهاية مايو/ أيار الماضي، فقد ارتفعت عائدات السياحة في تونس بنسبة 43 في المائة على أساس سنوي خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، لتصل إلى 1.55 مليار دينار (509 ملايين دولار).

وأظهرت بيانات صادرة عن البنك المركزي التونسي، اطلعت عليها "العربي الجديد"، أن عدد السياح بلغ 2.7 مليون خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني حتى نهاية مايو/ أيار، مقابل 2.5 مليون سائح في الفترة نفسها من العام الماضي 2018، بزيادة بلغت نسبتها 8 في المائة.

ووفق البيانات، فإن ارتفاع العائدات يرجع بجانب زيادة عدد الوافدين إلى انخفاض سعر الدينار التونسي بنسبة 15.7 في المائة مقابل الدولار الأميركي وبنسبة 9 في المائة مقابل اليورو، بين نهاية مايو/ أيار 2018 ونهاية الشهر نفسه من العام الجاري.

وقال الخبير السياحي عفيف كشك إن تعافي القطاع السياحي لا يمكن أن يحجب المشكلات الهيكلية في القطاع التي لا تزال قائمة والتي تؤثر بشكل كبير على الربحية والعائدات، وأهمها ارتفاع ديون القطاع وتشيّخ الوحدات السياحية، فضلا عن صعوبات النقل الجوي وتأخر فتح السماوات لشركات الطيران الأجنبية.

وأشار كشك في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن موسم الذروة السياحية الذي يبدأ خلال أيام يظل مصحوبا بالخوف واليقظة الشديدة لتأثره الشديد بالضغوط السياسية التي تعيش على وقعها البلاد قبيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية، المقررة لشهري أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني.

وأضاف أن الوضع الاقتصادي في تونس لن يتحسن ولا تزال حالة الطوارئ سارية كما لا يزال خطر الإرهاب قائماً، بحسب قوله.

وشدد كشك على ضرورة تأمين إيرادات السياحة بتكثيف نقاط الصرف المنظمة والرقابة على نشاط الصرف الموازي فضلا عن تشريك المهنيين في فرض عقود بالعملة الصعبة.

ورسميا يبدأ في تونس موسم الذروة السياحي في شهر يوليو/ تموز الجاري، الذي تسجل فيه النزل والمنتجعات السياحية نسبة إشغال عالية تتواصل إلى نهاية شهر سبتمبر/ أيلول.

وتبدو انطلاقة الموسم الحالي موفقة بعد استرجاع تونس لأسواق أوروبية مهمة، على غرار الأسواق الفرنسية والإيطالية والإسبانية ووعود بريطانية ببرمجة تونس على قائمة نشاط كبار متعهدي الرحلات البريطانيين.

وبداية يونيو/ حزيران الماضي أعادت شركة الطيران الخاصّة الإسبانيّة "آر أوروبا" ملاحتها الجوية نحو تونس بعد انقطاع دام حوالي 9 سنوات. وانطلقت الشركة في أولى رحلاتها الجوية من مدريد إلى تونس رسميا يوم 3 يونيو/ حزيران 2019، فيما أعلنت الشركة أن نسبة الحجوزات على الخط الجديد بلغت حتى الآن 80 بالمائة.

المساهمون