وتقدر خسائر الحرب وفق تقارير رسمية أولية اطلعت عليها "العربي الجديد"، بما يتراوح بين 30 و42 مليار دولار، تكلفة دمار البنية التحتية للإسكان والمرافق للمناطق المتضررة فضلا عن تخريب بعض المؤسسات الحكومية. وأشارت تقارير رصدت الخسائر حتى نهاية شهر يناير/ كانون الثاني الماضي للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، إلى أن الخسائر مستمرة مع تواصل الحرب على العاصمة.
كما تسبّب إغلاق الحقول والموانئ النفطية منذ عشرين يوماً بفاقد ضخم في الإنتاج؛ وحسب المؤسسة الوطنية للنفط، سجل النفط خسارة مالية تراكمية نتيجة الإغلاق بلغت 931 مليون دولار. وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس عن تراجع الإنتاج النفطي الليبي بمعدل تخطى 80 في المائة، جراء استمرار إغلاق موانئ النفط الرئيسية في شرق ليبيا منذ ثلاثة أسابيع.
وقالت المؤسسة، في بيان مساء الثلاثاء، إنه "منذ تاريخ 18 يناير/كانون الثاني الجاري وحتى 3 من فبراير/شباط الجاري، انخفض الإنتاج من 1.2 مليون برميل إلى 187 ألف برميل يوميا"، ما يعني خسارة أكثر من مليون برميل يوميا من الإنتاج.
وأشارت إلى أن فاقد الإنتاج عن الفترة ذاتها بلغ 14.5 مليون برميل، مؤكدة تسجيل "خسارة مالية تراكمية نتيجة الإغلاق بلغت 931 مليون دولار".
ولم يتحدث ديوان المحاسبة، وهو أعلى سلطة رقابية مالية في البلاد، عن أي تفاصيل بشأن حجم الخسائر، وما نشر يتعلق بالعاصمة طرابلس فقط، ولا توجد أي بيانات عن خسائر المناطق المنكوبة خلال صراعات مسلحة في السنوات السابقة منها سرت، وتاورغاء وأجزاء من بنغازي ودرنة في شرق البلاد، إضافة إلى تعطل المطارات.
وفي هذا السياق، يرى المحلل الاقتصادي، محمد أحمد، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن الأرقام مبالغ فيها من ناحية التقديرات وأن مبلغ 42 مليار دولار كبير جداً، مضيفا أن المناطق المتضررة جنوب طرابلس جلها مناطق عشوائية.
وقال: لا توجد بيانات تفصيلية عن التخطيط العمراني حول البنية التحتية لتلك المناطق.
وفي المقابل، لفت الخبير الاقتصادي، أبوبكر الهادي، إلى أن حجم الخسائر التي تسببت فيها الأطراف المتصارعة في ليبيا كبير جداً، سواء بالبنية التحتية أو المنشآت العامة، إضافة إلى فواتير الأسلحة والمعدات العسكرية مع الخسائر البشرية، إذ تستنزف الحرب الشباب الذي يشكل 65% من التعداد السكاني.
وأكد الهادي لـ"العربي الجديد" أن الاقتصاد الليبي مريض وهناك وصفة للإصلاح من أجل تعافيه، لكن قطع الأكسجين عنه عبر توقف إنتاج الحقول النفطية يعني زيادة التقشف وربط الأحزمة على البطون، فالمواطن المتضرر الأول من الأوضاع المعيشية السيئة إضافة إلى النزوح.
وألقت حرب العاصمة طرابلس، التي اندلعت في إبريل/ نيسان الماضي، بظلالها على التوقعات الدولية للاقتصاد الليبي في العام 2020، وذلك رغم التحسن النسبي في بعض المؤشرات عام 2019. وأطلق البنك الدولي توقعاته المتشائمة جداً حيال الاقتصاد الليبي خلال العامين القادمين، عندما يتحول من نمو مرتفع، نسبته المتوقعة للعام 2019 نحو 5.5 في المائة، إلى دائرة الانكماش بنسبة 0.6 في المائة، خلال العامين الجاري والمقبل.
ويتوقع محللون اقتصاديون أن يؤدي استمرار الحرب ووقف إنتاج النفط إلى زيادة حالات الفقر مع زيادة فاتورة برنامج إعادة الإعمار، بسبب عدم الاستقرار السياسي بالبلاد والوضع المتشائم. وتستمر معاناة المواطنين من أصحاب المساكن المدمرة كليا والمتضررة وأسرهم في مناطق جنوب طرابلس دون الوصول إلى حلول، ويبلغ عددهم نحو 150 ألف نازح من لهيب المعارك.
ويقول المواطن علي عزيز، لـ"العربي الجديد"، إن منزله المكون من 3 طوابق في منطقة جامع الكحيلي جنوب طرابلس، تم تدميره بالكامل، مشيرا إلى أضرار بالغة بالمنطقة الزراعية والمحلات التجارية. كما غادر محسن المسلاتي، منزله في منطقة خلة الفرجان، وقال لـ"العربي الجديد" إن المنازل بالمنطقة تم تدمير معظمها كليا أو جزئيا، وتحتاج إلى تكلفة مالية باهظة لإصلاحها. تقارير رسمية ليبية حديثة لجهاز تنفيذ مشروعات الإسكان والمرافق التابع لحكومة الوفاق الوطني، تؤكد أن ليبيا تعاني من عجز في 550 ألف وحدة سكنية سنويا، وذلك لتغطية العجز العقاري المتراكم منذ سنة 2005، والتي زادت في الآونة الأخيرة في ظل استمرار الحرب.