كورونا قد يعيد الجزائر إلى طباعة النقود

02 مايو 2020
تحذير من المزيد من تدهور القدرة الشرائية(بلال بنسالم/ Getty)
+ الخط -
تؤكد المؤشرات والأرقام الاقتصادية، توغل الجزائر أكثر في نفق الأزمة المالية، التي زاد من تعقيدها هبوط أسعار النفط بالإضافة إلى تفشي جائحة "كورونا". وأمام شح الموارد، وضيق هامش المناورة، باتت حكومة الرئيس عبد المجيد تبون الأولى، أمام خيارات ضيقة، أبرزها إعادة طباعة النقود لدعم الإنفاق العام وامتصاص جزء من تراجع العائدات. 

وتراجعت عائدات النفط الجزائري التي تمثل 93% من الصادرات، من 6.35 مليارات دولار تم تسجيلها خلال أول شهرين من 2019، إلى 4.56 مليارات دولار خلال نفس الفترة من السنة الحالية، أي بانخفاض بلغ 26%. وارتفع عجز الميزان التجاري 79% في الفترة ذاتها، من 686 مليون دولار في الشهرين الأولين من 2019، إلى 1.23 مليار دولار خلال يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 2020.

ووسط التآكل المُتسارع لاحتياطي الجزائر من العملة الصعبة الذي بلغ 60 مليار دولار، أصبحت الحكومة أمام الاختيار بين حلين أحلاهما مر، الاستدانة الخارجية أو طباعة النقود، وهو الخيار الذي يتبناه منتدى رؤساء المؤسسات، أكبر تكتل لرجال الأعمال في البلاد.

وأكد سامي أغلي رئيس المنتدى أن "تكتل رجال الأعمال يقترح على الحكومة إمكانية العودة إلى طبع النقود كحل لمواجهة الأزمة التي تشهدها المؤسسات العمومية والخاصة في الجزائر في الظرف الراهن، من خلال توجيه الأموال المطبوعة لتسديد أجور العمال المسرحين تقنيا بسبب كوفيد 19 والمقدرة نسبتهم بـ 50%، ومساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على مواصلة الإنتاج والبقاء في السوق".

وأضاف رئيس أكبر تكتل لرجال الأعمال في الجزائر في حديث مع "العربي الجديد" أن "المنتدى انقسم قبل 3 سنوات بين مؤيد و معارض لقرار طبع النقود بسبب آثاره الوخيمة على غرار رفع نسبة التضخم، إلا أن الوضع يختلف اليوم، بحكم أن الظرف الاقتصادي الذي تشهده الجزائر وضرورة الحفاظ على مناصب العمل وضمان بقاء المؤسسات يفرض العودة إلى الدين الداخلي، وهو ما يسمح اليوم بالعودة إلى طبع النقود ولكن بحذر، حتى نحمي القدرة الشرائية للمواطنين الجزائريين المهددة بالانهيار".

وكانت الحكومة قد تبنت نهاية 2017، برئاسة أحمد أويحيى، المسجون في قضايا فساد، مجموعة من التدابير المتعلقة باللجوء إلى ما يعرف بالتمويلات غير التقليدية، لسد عجز الموازنة العامة وتحريك عجلة الاقتصاد، في ظل الصعوبات المالية التي تواجهها الدولة.

وحسب الخطة التي وضعتها الحكومة آنذاك وصادق عليها البرلمان، يقوم البنك المركزي بطباعة ما يعادل 11 مليار دولار سنويا من الدينار الجزائري، على مدار 5 سنوات، يقرضها البنك للخزينة العمومية، على أن تُسدد الديون مستقبلا، عند انتعاش أسعار النفط. لكن ما حدث هو تجاوز هذه الأرقام في السنة الأولى لنحو 60 مليار دولار، ما دفع بالرئيس الجديد عبد المجيد تبون إلى تجميد طباعة النقود.

ولاقت خطوة طباعة النقود معارضة شديدة من أحزاب سياسية وخبراء اقتصاد تخوفوا من الآثار السلبية، أبرزها ارتفاع التضخم وانخفاض قيمة العملة المحلية، إلا أن التطورات التي تعيشها الجزائر تجعل من هذا النمط التمويلي الأقرب زمنيا وتقنيا للحكومة الجزائرية، التي وضعت موازنة سنوية بـ 64 مليار دولار، ومخططا خماسيا بـ 270 مليار دولار.

وشرح الخبير الاقتصادي جمال نور الدين أن "الظرف الذي تمر به الجزائر هو ظرف استثنائي يفرض أيضا اللجوء إلى جميع الخيارات ولعب الأوراق كافة لتوفير السيولة في الظرف الراهن. العديد من البنوك المركزية العالمية أبدت استعدادا لتبني خيار طباعة النقود لمواجهة الركود الذي ضرب كبرى الاقتصاديات العالمية، على غرار الصين والولايات المتحدة، والجزائر لن تكون الاستثناء".

وأضاف الخبير الجزائري في حديث لـ "العربي الجديد" أن "التمويل غير التقليدي أو ما يعرف بطباعة النقود مجمد سياسيا، أما قانونا فهو ساري المفعول إلى غاية 2022 حسب قانون القرض والنقد المُعدل سنة 2017، شرط أن تكون عملية الطباعة وفق أرقام محددة وأن توجه الكمية المطبوعة لمواجهة أزمة كورونا، خاصة في ظل الانهيار الخطير الذي تشهده مداخيل النفط، وتسارع هبوط احتياطي العملة الصعبة ".

وسجل احتياطي الجزائر من العملة الصعبة تراجعاً بـ 12 مليار دولار في ظرف سنة، حيث استقر الاحتياطي مع نهاية مارس/آذار 2020، عند 60 مليار دولار، مقابل 6. 72 مليار دولار شهر إبريل/نيسان 2019.

وتوقعت الحكومة الجزائرية في موازنة سنة 2020، تراجع احتياطي الصرف إلى 6. 51 مليار دولار مع نهاية العام الجاري. وتشي الأرقام التي توقّعتها الحكومة حول تراجع الاحتياطي، بتمدد الوضعية الاقتصادية الصعبة، خلال السنتين المقبلتين.
المساهمون